سهى المصري: جوهرة في يد فحّام

23 ابريل 2018
غادرت اليمن لتعمل إعلامية في إسطنبول (فيسبوك)
+ الخط -
خرجت المُشاركة اليمنية الوحيدة سهى المصري من برنامج "ذا فويس" أول أمس السبت. لم تحصل على عدد كاف من التصويت كما لم تخترها المطربة أحلام كي تستمر في المسابقة، لكنها تقول في حديث مع "العربي الجديد": "أنا لم أخسر، لقد استفدت من هذه المشاركة وتعلّمت الكثير". 

مع ذلك، لم تخفِ حالة الجحود التي لقتها من الجهات الثقافية في اليمن. تقول: "كنت وحدي تقريباً، لم يتصل أحد من أي جهة رسمية. لا وزارة ثقافة ولا وزارة إعلام، أو أي جهة أُخرى". تضيف: "أنا جوهرة في يد فحّام".

وحين نخبرها أن هذا الأمر هو حال البلد على نحو عام وليس مقصوراً بالحالة الفنية؛ ففريق الناشئين اليمني لكرة المضرب تحت 14 سنة حقق قبل أيام المركز الثاني في بطولة آسيا التي أُقيمت في بيروت ولم يسأل عنهم أحد، فلا شيء شخصي ضدك، تُجيب: "لا، كل هذا الجحود لأني امرأة، ما تزال النظرة نفسها قائمة ضد أي صوت نسائي".

وحال سؤالها عن سبب إقفال صفحتها على فيسبوك، قالت: "أقفلتها ليومين فقط بعد أن لقيت شتائم كثيرة لم يكن مزاجي صالحاً لاستقبالها".

تعود سهى في حديثها مع "العربي الجديد" إلى بداياتها. تقول إنها من أسرة تنتمي لمحافظة ذمار، أقرب مدينة يمنية لصنعاء جغرافياً. وذمار هي واحدة من المُدن التي أنجبت كبار الشعر والأدب والفن اليمني وأبرزهم غزالة المقدشية التي قالت في أشهر بيت شعري لها: "قالوا غزال وأمها سرعة بنات الخمس/ مابه خُمس ياعباد الله مابه سدس/ من قد ترفع لوى راسه وعد البقش/ وقال لابأس يحبس وما يحتبس/ سوا سوا يا عباد الله متساوية/ ما حد ولد حر والثاني ولد جارية/ عيال تسعة وقالوا بعضنا بيت ناس/ وبعضنا بيت ثاني عينة ثانية". كما أن سهى من بلد الشاعر عبد الله البردوني، الذي لم يحجب فقدانه البصر عنه القدرة على الرؤية والكتابة عن الحالة اليمنية والعربية. هو نفسه الذي كتب عن السعودية وحالة الرُخص التي قام كثير من سياسيي البلد بعرضها في بلاط "جلالة الملك": "أمير النفـط نحـن يـداك/ نـحـن أحــد أنيـابـك/ ونحـن القـادة العطشـى إلـى فضـلات أكـوابـك/ ومسؤولون في (صنعاء) وفراشـون فــي بـابـك/ ومـن دمنـا علـى دمنـا/ تَمَوقـع جيـش إرهابـك".


ومن هذه البيئة طلعت سهى المصري. نسألها عن الذي وقف معها في بداية طريقها فتقول بلا تردد: "أبي". اسمه الكامل يونس عبد العزيز محمد إسماعيل المصري. كاتب مسرحي. له عمل مسرحي شهير تمّ عرضه في مدينة عدن (جنوب اليمن) على قاعة المسرح الوطني اليمني وكان العرض اسمه "أحلام". كان هذا في زمن ما قبل الحرب الأهلية اليمنية صيف عام 1994. الفترة الحرجة التي تحوّلت البلاد بها لأكثر من بلاد.

وعند الحديث مع سهى المصري عن هذه البلاد تقول إن أغلب وقتها كان في الجنوب، لقد أتت إلى صنعاء وعاشت هناك في الفترة من 2013 إلى 2015. هي حاولت استمرار شغلها في وزارة الخارجية. تقول: "كان من المفروض أن أكون دبلوماسية وأحصل على قرار تعييني في واحدة من أي سفارات اليمن في الخارج. لكن قرارات التعيين كانت تمر من تحتها وتذهب لكبار المسؤولين في الوزارة. نسألها إن هذا كان وما يزال حال البلد! تقول نعم لكن يزيد ألم الواحد حين تكون المسألة متعلقة بامرأة. من هنا، تزيد المصري: "لقد خرجت من اليمن واشتغلت إعلامية في إسطنبول. لقد اخترعت حياة جديدة لي ومن بعدها جاءت فرصتي في الذهاب إلى هذا البرنامج". والحال قد صارت إلى ما صارت إليه. ولدى الاستفسار منها عما إذا كانت تستفيد من صوتها لكسب المال، تقول المصري: "لا"، نافيةً. وأشارت إلى أنها فقط كانت تغني لزميلاتها المقربات. تُغني لتمتع نفسها أولاً ولطلبات زميلاتها. وليس أكثر من ذلك.
نسالها "هل ستواصلين مشوارك؟"، تقول "أنا مواصلة. في الزمان الماضي كانوا يقولون لي: فينك يا سهى من وقت طويل، كنت أقول لهم: كنت ماشية جنب الحيط، والآن: "لقد كسرت ذلك الحيط".

دلالات
المساهمون