الإعلام السعودي: MBC في مهبّ الريح؟ [2/2]

08 نوفمبر 2017
وليد آل إبراهيم وأولاده في احتفال قبل سنتين (MBC)
+ الخط -
قبل عام، احتفلت محطة MBC السعودية بذكرى تأسيسها الخامسة والعشرين. اليوبيل الفضي للمحطة جاء بعد، تقدم واضح، عقب تأسيسها في سبتمبر/أيلول عام 1991 في العاصمة البريطانية لندن، وحاولت منذ ذلك الوقت تقديم وجبة من البرامج الترفيهية العربية قد تجذب أو قد تهمّ المتواجدين في عاصمة الضباب ودولاً أوروبية مجاورة، ذلك مع بداية عصر نهضة الإعلام المرئي، وغزو الصحون اللاقطة المجتمع العربي تحديداً.

كان توجه المحطة من البداية إلى الاستعانة بالخبرات الأوروبية الإعلامية، وهذا ربما ما وضع MBC منذ بداياتها على خط التغريب أكثر بالقياس مع باقي المحطات التي أخذت تنافسها أو تحاول تقليدها في تلك الحقبة الزمنية وما تلاها، من ثورة في عالم التلفزيون في الدول العربية، رغم تحفظ كثيرين عن مضمون برامجها.
كان واضحاً أن مسار مؤسس المحطة، وليد آل إبراهيم، يسير باتجاه مغاير لما قام به منافسه الوليد بن طلال، بعد عزمه على افتتاح قنوات روتانا. وبدا أن شبكة MBC تبتعد بسرعة عن كل منافسيها في عالم الترفيه، خصوصاً في ظل دعم واضح من قبل الملك، في تلك الفترة، الراحل فهد بن عبد العزيز.

عاشت MBC أفضل أيامها في العاصمة البريطانية، لندن، واستطاعت أن تحول المشهد التلفزيوني العربي إلى مشهد أكثر ترفيهاً، لنقل بعيداً عن البرامج التي كانت تقدمها المحطات المحلية، مستفيدة من الإبهار البصري وطرق العرض الجديدة التي لم تكن مألوفة عربياً. هكذا عرف عدد كبير من الإعلاميين العرب نجوميتهم وشهرتهم الأولى هناك.

لم تكمل MBC سنتها العاشرة في لندن، حتى أعلن المدير التنفيذي لها علي الحديثي، عزمه الانتقال إلى دبي، وعقد عام 2001 مؤتمراً صحافيًا إلى جانب مسؤول مدينة دبي للإعلام آنذاك، محمد القرقاوي، ليعلن عن انتقال المحطة سنة 2002 إلى دبي، وحدد المقر الجديد للمحطة في مدينة دبي الإعلامية، وكان وقتها مؤلفاً من خمسة طوابق وبمساحة أكبر من تلك التي في لندن.

لكن، الوضع في دبي اختلف عما كان عليه في لندن، ولم تفلح كل محاولات الشركة في نقل "كادر" العمل كاملاً إلى دبي، فأعلن كثيرون استقالتهم من المحطة السعودية، وتحول مع الوقت مكتب بيروت الذي كان يتخذ من منطقة الحمرا، مقراً له إلى المركز الرئيسي، قبل أن يتحسن الوضع في دبي، ويصبح الإنتاج، والمركز جاهزاً بالكامل، إضافة إلى الاستديوهات.
مع الوقت بدأ الهدر ينفذ إلى المؤسسة السعودية. وهو ما عرف في فضيحة العام 2009 حين صرف عدد من القياديين والمسؤولين في المحطة بسبب ما قيل إنها تهم فساد وهدر مالي ضخم.


بعد ذلك لم يكتب للمحطة السعودية إلاّ الدخول على خط "الضامن" بالبرامج، ورسم خارطة طريق موسمية، للبرامج الغربية المستوردة والمربحة مادياً وذلك في السنوات السبع الأخيرة.
كل هذه الإنتاجات، الضخمة والثقة التي منحها المشاهد للمحطة، بدأت في السنوات الأخيرة تتداعى، لكنها لا تخرج عن إطار الصفقات الداخلية الصغيرة التي خفضت من اهتمام المشاهدين بالمحطة، وانعكست سلبًا على نوعية البرامج، ودخلت أزمة الثورات العربية والحروب في سورية واليمن وليبيا على الخط، فزادت الأمور تعقيداً.

أول من أمس الأحد، وصلت رسالة إلكترونية إلى العاملين في محطة MBC تقول التالي: "صباح الخير جميعاً، آمل أن تصلكم هذه الرسالة، وأنتم بخير، من المحتمل أن تكونوا سمعتم الشائعات التي طاولت المجموعة منذ مساء أمس (السبت)، موقفنا هو أن مجموعتنا تعمل بانتظام وكالمعتاد، إذاً لا تعليق إضافي لدينا في الوقت الحاضر، أرجو أن تبقوا هادئين ومستمرين في عملكم والله ولي التوفيق، مودتي، المدير التنفيذي للمجموعة سام بارنيت".

الرسالة اعتبرت رداً إدارياً مقتضباً، على خبر اعتقال رئيس مجلس إدارة المحطة، وليد آل إبراهيم، لكن ذلك لا يمنع من بعض الاستنتاجات التي قد تطرأ في أي وقت، وتحمل بالتالي سلسلة من القرارات الإدارية، منها ما بدأ الحديث عنه قبل أشهر، وتزامن مع إقصاء مجموعة من العاملين القدامى في المحطة، وكان عددهم حوالى 50 موظفاً، عملوا في مكتبي بيروت ودُبي. وبدت هذه الخطوة كأنها تمهيد لما بدأ يتداوله العاملون أنفسهم داخل المحطة، بعد الفصل التعسفي لزملائهم، من أن أزمة مالية تخنق المحطة، إلى جانب رواية أخرى عن "تطهير إداري" في المحطة سيؤدي إلى تغيير كل القيادات من رأس الهرم حتى المدراء التنفيذيين وغيرهم.

كل ذلك، سيحمل أيضاً مزيداً من التساؤلات حول بعض الأسماء التي يتم تداولها في كواليس المحطة، وتقول عن إمكانية إقصاء مدير المحطات اللبناني علي جابر، وتوجيه أمر إداري بضرورة توقف المتحدث الرسمي باسم المجموعة مازن حايك عن الإدلاء بأي تصريح يتعلق بالأزمة. وهو ما يفتح مزيداً من التساؤلات حول مصير البرامج المُكلفة والتي تبدأ بداية ديسمبر كانون /أول المقبل ومنها تحديداً "ذا فويس" بنسختيه للكبار والأطفال، وتوب شيف، وبعد توقيف واحد من أشهر برامج المحطة "ET ــ بالعربي" الذي لم يُعرف مصيره، حتى اليوم، وما إذا كانت عقود العاملين في البرنامج ستفض قريباً أم سيكمل بعد وضوح الرؤية وتطورات الأزمة.
المساهمون