مخاوف من تكليف الجيش المصري بترميم الكنيسة البطرسيّة

22 ديسمبر 2016
تولَّى تصميم الزخارف المهندس أنطون لاشك بك (فيسبوك)
+ الخط -
أسندت الحكومة المصريّة مهمة ترميم الكنيسة البطرسية بالعباسية بوسط القاهرة للهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة المصرية. وأعلن رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، كامل الوزير، الانتهاء من عمليات الترميم خلال 15 يوماً، واستعادة الكنيسة من آثار الدمار التي لحقت بها، إثر التفجير الذي استهدفها الأحد الماضي. وكانت الكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس في مصر قد شهدت انفجاراً في قاعة الصلاة أثناء قداس الأحد، أدى لمقتل 26 شخصاً، وإصابة آخرين. وأضاف الوزير في تصريحات صحافية، على هامش لقاء قريب له مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أن "سقف الكنيسة خشب يطير ساعة الانفجار، لكن الحمد لله لو كان سقفها خرسانة كان كتم موجة الانفجار ودمّر الكنيسة كلها".
قرارُ إسناد ترميم الكنيسة للهيئة الهندسيّة بالقوّات المسلحة أسعد الأقباط في مصر، خاصّة مع تقديم الوعود بالانتهاء من ترميمها خلال 15 يوماً، إذ يبدأُ موسم أعياد الأقباط المصريين.

إلا أنّ بعضهم اعتبروا القرار "كارثيّاً"، إذ إنّ مهام الترميم لا بد من إسنادها لوزارة الآثار المصرية، المعنيّة بترميم القطع الأثرية النادرة كمبنى الكنيسة ومقتنياتها. وتحتوي الكنيسة البطرسيّة بالقاهرة على لوحات فنيّة لفنانين يونانيين وإيطاليين منذ أكثر من مائة عام، يجب التعامل معها بحرص شديد، إذ إنّ الأمر لا يقتصر على إعادة ترميم الجدران الأسمنتية والأسقف الخشبية.

وتعد الكنيسة البطرسية من أشهر الكنائس المصرية المكرسة على اسم الرسولين "بطرس" و"بولس". وتقع بجوار الكاتدرائية المرقسية، وهي الكنيسة الرئيسية لأقباط مصر الأرثوذكس.
وأشرفت عائلة السياسي المصري الراحل، بطرس غالي، رئيس وزراء مصر في الفترة من 1908 حتى وفاته في 1910، على بنائها فوق ضريحه عام 1911. ودُفن جثمان ابنه بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة ووزير خارجية مصر الأسبق، أسفل مذْبح الكنيسة أيضاً في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وتعد تلك الكنيسة من أشهر المباني الأثرية، وأهم المواقع الدينية في مصر، وتحظى بأهميّة خاصّة لدى المؤرّخين وعلماء الآثار.

والكنيسة مبنية على الطراز "البازيليكي"، وتولَّى تصميم المباني والزخارف مهندس السرايات الخديوية، أنطون لاشك بك. وتعلو صفّ الأعمدة مجموعة من الصور رسمها الرسام الإيطالي، بريمو بابتشيرولي، والذي أمضى خمس سنوات في تزيين الكنيسة باللوحات الدينية. وتضمُّ الكنيسة في داخلها العديد من التحف الأثرية النادرة ولوحات الفسيفساء التي نفذها فنانون إيطاليون، مثل فسيفساء التعميد.

كذلك تعد الكنيسة البطرسية مقر البابا، تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وبُنيت الكاتدرائية على أرض الأنبا رويس في حي العباسية بوسط القاهرة، وتعد أكبر كاتدرائية في أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط.
ويعود اسمها إلى القديس مار مرقس، والذي كان من أتباع المسيح الأوائل. ويرجّح بأنّه وُلد في القدس، لكنه انطلق في رحلة تبشيرية ووصل إلى مصر، حيث استقر في الإسكندرية.
وكان الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، قد تبرع لبناء الكاتدرائية في ستينيات القرن الماضي، ووضع بنفسه حجر الأساس يوم 24 يوليو/ تموز 1965.

واستغرقَ بناء الكنيسة ثلاث سنوات. وفي 25 يونيو/ حزيران 1968، افتتحت الكاتدرائية رسميّاً بحضور عبد الناصر والإمبراطور هيلا سيلاسي إمبراطور الحبشة وقتها (إثيوبيا حالياً). وكان بابا الإسكندرية والكرازة المرقسية حينذاك الأنبا كيرلس السادس.

يُذْكَر أن العائلة البطرسيّة إحدى أهمّ العائلات المصرية، وواحدة من أكثر العائلات المصريّة شهرةً في العصر الحديث، والتي أفردت لها مكتبة الإسكندرية موسوعة خاصّة بها تحمل عنوان: "العائلة البطرسية: سيرة عائلة قبطية"، تتضمّن أكثر من ألف وثيقة نادرة، وعشرات الصور التي تثري ذاكرة الوطن، فهي عائلة مصرية قبطية سطّر أبناؤها العديد من صفحات تاريخ مصر الحديث والمعاصر.
المساهمون