"النحات" و"الساحر"... دراما بخطوات مترددة
لم تصب "كورونا" البشر فقط، بل أثّرت مباشرةً بمفاصل الحياة كافة، ومنها الدراما. ولعل أكثر المتأثرين هي "شركة أبو ظبي للإعلام". فبعد أن قررت عرض مسلسليها "النحات" و"الساحر" ليكونا الأرض الصلبة التي تستقر عليها الشركة وتنافس فيها باقي الأعمال الرمضانية، بحكم أن البطولة لنجمين كبيرين هما عابد فهد وباسل خياط، لكن أطاحت "كورونا" ذلك، حيث توقفت عمليات التصوير في المسلسلين وبقيا رهن الجزء الثاني، لتعرض المحطات 15 حلقة للنحات وما يقارب 20 حلقة فقط للساحر، رغم تقليل مدة الحلقة إلى نصف ساعة فقط، على أن تكتمل الحكاية بعد انتهاء أزمة "كورونا". فكيف كانت أصداء العملين؟
سار "النحات" بخطوات مشوقة حذرة، ورغم الإيقاع البطيء للمسلسل، إلا أن الكاتبة السورية بثينة عوض عمدت إلى إظهار تفاصيل تحرك العمل في كل حلقة، ما يجعل المتلقي متلهفاً لمعرفة ماذا يجري. وقد بُنيت الحكاية على أسس ثابتة وشخصيات ذكية كأنها خارجة من رواية، فالمفاجآت حاضرة والتشويق سيد الموقف، أما الأداء فكان متوازناً بشكل كبير، حيث كسر المسلسل قاعدة "البان أراب" المعتمد على البطولة الفردية، فكان الجميع أبطالاً في العمل، ورغم أن باسل خياط يلعب ثلاث شخصيات، لكنه لم يتفرد وحده في العمل، فاستطاعت ندى أبو فرحات وكارول عبود أن تلعبا بشخصيتيهما السحر الأنثوي المتميز، وكان لصوت كارول في سرد الرواية تأثير رائع في أذن المتلقي.
أما أمل بوشوشة، فقد تأخرت شخصيتها بالظهور في المسلسل، ورغم ذلك صرّحت لأحد البرامج بأنها لا يهمها أن تكون نجمة من أول حلقة، بل يكفي أن تكون في موقعها الصحيح بما يخدم السياق الدرامي، ما يثبت أننا أمام فنانة تعرف بحق كيف تخدم نجوميتها وظهورها الصحيح، دون بهرجة للأضواء، خصوصاً أنها ظهرت بعفوية شديدة في المسلسل ومن دون تكلف أو مبالغة في المكياج والأداء. وكان للحضور الذكوري في العمل هيبته مع نجوم مخضرمين مثل فادي إبراهيم، جوزيف بو نصار، وإيلي متري، وحتى إن الشباب أثبتوا حضورهم بقوة، مثل يارا قاسم، دياموند أبو عبود، وليا بو شعيا، فيما ظهرت القديرة دارينا الجندي بدور مختلف كلياً يوحي أننا أمام ممثلة عملاقة لا يمكن أن تغيب كل هذه المدة عن الشاشة.
ولعبت عدسة مجدي السميري، المخرج التونسي الشاب، دوراً في تصدير المشهد بشكل صحيح، فكانت الكوادر متلائمة ومتجانسة فيما بينها، بالإضافة إلى الديكور الهادئ.
كل هذه المعطيات جعلت من العمل مدروساً بهدوء وبإيقاع متناغم رغم بطء بعض التفاصيل فيه، إلا أنه ترك عند الجمهور أثراً واضحاً جعله ينتظر النصف الثاني من العمل بحكم أن الحكاية لم تنتهِ بعد.
على طرف آخر، نشاهد مسلسل "الساحر" عن قصة لسلام كسيري وسيناريو حازم سليمان، وأعاد هذا العمل ثنائية عابد فهد وستيفاني صليبا بعد النجاح الذي حققاه الموسم الماضي في مسلسل "دقيقة صمت" الذي شكّل نقلة نوعية ومهمة على المستوى الدرامي. لكن للأسف لم يحافظ الثنائي على نجاحه، حيث سقط العمل في عدة فجوات، فعدا عن كونه يتوقف عند الحلقة السابعة عشرة إلى أن يتم تصوير باقي العمل بعد انتهاء كورونا، إلا أن القصة لا تحتمل أن تصل إلى ثلاثين حلقة. فالمسلسل لم يشدّ الأنظار بما فيه الكفاية، حيث جاء البرود سيد الموقف، ولم تكن الحكاية مشبعة بالكامل، وغير منطقية في بعض الأماكن، حيث ينقلب صاحب محل بسيط إلى بصّار مشهور ويدخل في عالم مختلف تماماً مصادفةً، من طريق سيدة زوجة لرجل أعمال، تكشف خيانة زوجها وتساعد "مينا" بطل العمل وبالصدفة على أن يصبح شريكها في كشف المستور بعد أن يجمع عدة معلومات عن الأشخاص المستهدفين.
وقد تكون الفكرة جديدة مبدئياً، لكنها لم تكن مدروسة بما فيه الكفاية لتحقق نجاحاً كافياً، حيث تنمط عابد فهد بأدائه، فيما لم توفق ستيفاني صليبا كثيراً في هذا الدور، وكانت القصة تتوه في متاهة مفرغة قائمة على المصادفات، وبالتالي لم يكن هو ذاك العمل الذي ينتظره الناس بعد نجاح ساحق حققه فهد العام الماضي في آخر أعمال الراحل شوقي الماجري، فيما تشتّت مسلسل الساحر بين مخرجَين، هما محمد لطفي الذي لم يستطع إكمال المسلسل؛ فحلّ محله عامر فهد الذي لم يقدم حلولاً إخراجية لافتة ترفع من سوية النص والعمل ككل.
اقــرأ أيضاً
لذا، قد لا يحقق "الساحر" في جزئه الثاني الصدى المرجو أو الانتظار المتلهف كما النحات إلا في حال تفادي الأخطاء الإخراجية أو السيناريو في الجزء الثاني.
إذاً، لم تنتهِ حكاية العملين، لكن تبقى القصتان قائمتين على إمكانية تطويرهما في الخمس عشرة حلقة القادمة، وإلا فقد يقعان في مطبات كثيرة تجعلهما خارج المنافسة إذا فشلت خاتمتاهما ولم تروِيا شغف الجمهور الذي يريد أن يعرف ماذا سيجري في النهاية.
سار "النحات" بخطوات مشوقة حذرة، ورغم الإيقاع البطيء للمسلسل، إلا أن الكاتبة السورية بثينة عوض عمدت إلى إظهار تفاصيل تحرك العمل في كل حلقة، ما يجعل المتلقي متلهفاً لمعرفة ماذا يجري. وقد بُنيت الحكاية على أسس ثابتة وشخصيات ذكية كأنها خارجة من رواية، فالمفاجآت حاضرة والتشويق سيد الموقف، أما الأداء فكان متوازناً بشكل كبير، حيث كسر المسلسل قاعدة "البان أراب" المعتمد على البطولة الفردية، فكان الجميع أبطالاً في العمل، ورغم أن باسل خياط يلعب ثلاث شخصيات، لكنه لم يتفرد وحده في العمل، فاستطاعت ندى أبو فرحات وكارول عبود أن تلعبا بشخصيتيهما السحر الأنثوي المتميز، وكان لصوت كارول في سرد الرواية تأثير رائع في أذن المتلقي.
أما أمل بوشوشة، فقد تأخرت شخصيتها بالظهور في المسلسل، ورغم ذلك صرّحت لأحد البرامج بأنها لا يهمها أن تكون نجمة من أول حلقة، بل يكفي أن تكون في موقعها الصحيح بما يخدم السياق الدرامي، ما يثبت أننا أمام فنانة تعرف بحق كيف تخدم نجوميتها وظهورها الصحيح، دون بهرجة للأضواء، خصوصاً أنها ظهرت بعفوية شديدة في المسلسل ومن دون تكلف أو مبالغة في المكياج والأداء. وكان للحضور الذكوري في العمل هيبته مع نجوم مخضرمين مثل فادي إبراهيم، جوزيف بو نصار، وإيلي متري، وحتى إن الشباب أثبتوا حضورهم بقوة، مثل يارا قاسم، دياموند أبو عبود، وليا بو شعيا، فيما ظهرت القديرة دارينا الجندي بدور مختلف كلياً يوحي أننا أمام ممثلة عملاقة لا يمكن أن تغيب كل هذه المدة عن الشاشة.
ولعبت عدسة مجدي السميري، المخرج التونسي الشاب، دوراً في تصدير المشهد بشكل صحيح، فكانت الكوادر متلائمة ومتجانسة فيما بينها، بالإضافة إلى الديكور الهادئ.
كل هذه المعطيات جعلت من العمل مدروساً بهدوء وبإيقاع متناغم رغم بطء بعض التفاصيل فيه، إلا أنه ترك عند الجمهور أثراً واضحاً جعله ينتظر النصف الثاني من العمل بحكم أن الحكاية لم تنتهِ بعد.
على طرف آخر، نشاهد مسلسل "الساحر" عن قصة لسلام كسيري وسيناريو حازم سليمان، وأعاد هذا العمل ثنائية عابد فهد وستيفاني صليبا بعد النجاح الذي حققاه الموسم الماضي في مسلسل "دقيقة صمت" الذي شكّل نقلة نوعية ومهمة على المستوى الدرامي. لكن للأسف لم يحافظ الثنائي على نجاحه، حيث سقط العمل في عدة فجوات، فعدا عن كونه يتوقف عند الحلقة السابعة عشرة إلى أن يتم تصوير باقي العمل بعد انتهاء كورونا، إلا أن القصة لا تحتمل أن تصل إلى ثلاثين حلقة. فالمسلسل لم يشدّ الأنظار بما فيه الكفاية، حيث جاء البرود سيد الموقف، ولم تكن الحكاية مشبعة بالكامل، وغير منطقية في بعض الأماكن، حيث ينقلب صاحب محل بسيط إلى بصّار مشهور ويدخل في عالم مختلف تماماً مصادفةً، من طريق سيدة زوجة لرجل أعمال، تكشف خيانة زوجها وتساعد "مينا" بطل العمل وبالصدفة على أن يصبح شريكها في كشف المستور بعد أن يجمع عدة معلومات عن الأشخاص المستهدفين.
وقد تكون الفكرة جديدة مبدئياً، لكنها لم تكن مدروسة بما فيه الكفاية لتحقق نجاحاً كافياً، حيث تنمط عابد فهد بأدائه، فيما لم توفق ستيفاني صليبا كثيراً في هذا الدور، وكانت القصة تتوه في متاهة مفرغة قائمة على المصادفات، وبالتالي لم يكن هو ذاك العمل الذي ينتظره الناس بعد نجاح ساحق حققه فهد العام الماضي في آخر أعمال الراحل شوقي الماجري، فيما تشتّت مسلسل الساحر بين مخرجَين، هما محمد لطفي الذي لم يستطع إكمال المسلسل؛ فحلّ محله عامر فهد الذي لم يقدم حلولاً إخراجية لافتة ترفع من سوية النص والعمل ككل.
لذا، قد لا يحقق "الساحر" في جزئه الثاني الصدى المرجو أو الانتظار المتلهف كما النحات إلا في حال تفادي الأخطاء الإخراجية أو السيناريو في الجزء الثاني.
دلالات
المساهمون
المزيد في منوعات