في فيلمها الروائي القصير "سلام" (2018)، تحاول المخرجة الأردنية زين دريعي، في 15 دقيقة، أنْ تعيد رسم جسد المرأة الأردنية ومعاناتها، في مجتمعٍ عربي ذكوري، يستعبد المرأة، ويحدّ من حريتها، ويستبدّ بمخيّلتها، ويجعلها تنصاع بشكل قهري إلى آرائه ورغباته، بسردها قصّة امرأة تُدعى "سلام"، تعاني مع زوجها بسبب عقمه، وعدم رغبته في كشف الأمر أمام أهله، فتحاول مساعدته. لكن، بسبب ضعف شخصيته، تتحمّل حقيقة ذلك أمام عائلته والمجتمع، فتصبح هي ضحيّة حبّ وجسد، فتشتبك المشاكل بينهما، وتوضع علاقتهما الزوجية موضع فحص ونقد من سلام، المُشكّكة في جوهر العلاقة التي بدا لها أنها اتّخذت طريقًا آخر، لم تفكّر في عواقبه من قبل. عن فيلمها هذا، المُشارك في مسابقة "آفاق للأفلام القصيرة"، في الدورة الـ76 (28 أغسطس/ آب ـ 7 سبتمبر/ أيلول 2019) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي"، حاورت "العربي الجديد" زين دريعي.
عن مشاركة "سلام" في مهرجان كبير كمهرجان فينيسيا، وفي مسابقة "آفاق"، وتأثير تلك المشاركة عليها، تقول دريعي: "لم أتوقّع المشاركة في مهرجان فينيسيا. كانت صدمة إيجابية لفريق العمل. كانت حلمًا أيضًا على مستوى التنافس، رغم عدم الفوز بالجائزة. لكن، كان شيئًا عظيمًا. الناس أحبّت الفيلم كثيرًا. مهرجانات كهذه تُساعد على تسويق الأفلام وتمويلها، إذْ يُصبح اسمك معروفًا، انطلاقًا من مشاريع صغيرة، قبل العمل على أول فيلمٍ روائيّ طويل لك". أمّا عن فكرة الفيلم وكيفيّة تشكّلها، تضيف دريعي: "بفضل قصصٍ عديدة استمعت إليها وعرفت وقائعها، أهمّها قصّة روتها لي خالتي قبل عامين. عندما استمعت إليها، أحسستُ برغبةٍ في سردها سينمائيًا. القصّة عن قريبٍ لي. أحسّست أنّ المرأة، التي تعاني من هذه المشكلة، تضحّي بنفسها. لكنّي أحببتُ معالجتها بطريقة مختلفة، أي أنْ تكون سلام امرأةً لا تحزن ولا تخاف من مواضيع غير مسموح تناولها، كعقم الزوج. لذلك، أحببتُ أن تكون الشخصية مختلفة، فهي ليست مسكينة، بل تملك القدرة على اختيار القرار الصحيح، وتضمن كرامتها، وتُلهم النساء الأخريات".
الفيلم بسيط ودقيق في معالجته، وقوي في موضوعه، يثير أسئلة غير مُفكّر بها في المجتمعات العربية، وأبرزها قضية الجسد. عن مدى تقبل هذه الـ"ثيمة" في المجتمع الأردني، تقول دريعي: "الفيلم بسيط وموضوعه حقيقي وصادق. لم يُعرض الفيلم في الأردن بعد، لكنّي أتوقّع الأفضل من الناس. أعتقد أنهم سيُحبّونه، وسيثير جدلاً، خصوصًا أنّ الرجل تزوّج رغم أنّه عقيم. ربما سيُهاجمني الرجال وأناس آخرون ربما لن يقتنعوا بالفكرة، ويعتبرون الفيلم غير واقعيّ. لكنّ، بالنسبة إليّ، القصّة أكثر واقعية، والرجل الشرقي لن يعترف بعقمه، لأن ذلك يُصيب رجولته. أنا أريد كسر هذه النمطية في كون الرجل شخصًا قادرًا على إنجاب الأولاد فقط، فرجولته تكمن أيضًا في حساسيّته. (عمار) في الفيلم حسّاس، وذو قلب طيّب، وليس رجلاً شرقيًا يُعامل زوجته كأنّها خادمة".
ضمنيًا، الفيلم يدافع عن حقوق المرأة، ومنها حقّها في الجهر بما تشعر به في ما يحيط بها. وعند سؤالنا عما إذا كان موضوع المرأة قد صار أشبه بالموضة اليوم عند بعض المخرجات العربيات، تضيف دريعي: "هناك قصص عديدة تحصل في العالم، من إهانات واغتصاب، رغم المساواة بين الرجل والمرأة في الأردن وتونس. لكن، لن أقول إنّ هذه موضة، بل موضوع كالمواضيع الأخرى، فالسينما إبداعٌ يأتي من الداخل، وأعني سرد قصّة حقيقية تنبع من عقل المخرج وقلبه. لذلك، بالنسبة إليّ كمخرجة عربية تربّت وعاشت في هذا المجتمع الحزين، على المرأة أن تفكّر لنفسها أولاً، وأن تُغيّر رؤية الغرب للمرأة العربية في أنّ لا حيلة لها. يجب عليها أنْ تتّخذ القرارات، وتنقذ نفسها قبل المجتمع والعالم. هكذا يجب أن تكون السينما، بحرصها على تغيير الناس، وإضاءة النور الخافت في نَفس كلّ امرأة".
"سلام" هو الفيلم الثاني لدريعي بعد "أفق". عن مدى التقاطع والتلاقي بينهما، فنيًا وجماليًا، خاصة أنهما يشتركان في وحدة الموضوع الذي يدافع عن المرأة العربية وحقوقها، تقول دريعي: "أنجزتُ (أفق) وأنا في الـ23 من عمري. كنتُ صغيرة، أستكشف صوتي كمخرجة وماذا أريد أنْ أقول. لذلك، كان بمثابة اختبار لي. رغم ذلك، نجح، وشعرتُ منذ ذلك الوقت أنْ هذه هي المواضيع التي ينبغي أن أغوص فيها وأحكيها للناس، فيتذكّرون من خلالها اسمي، وحقوق المرأة العربية. أما على مستوى الموضوع، فصحيحٌ أنهما يشتركان في وحدته، لكن أحدهما يختلف عن الآخر فنيًا وجماليًا بالتأكيد، لأنّ تجربتي تطوّرت، وتراكمت لديّ خبرات في الحياة والآلام. أنا أتألّم حين أصنع فيلمًا، إذْ أشعر بالشخصيات وغبنها وأحلامها. حتّى أني أبكي لحظة الكتابة أحيانًا، وهذا إحساس تستمتع به، فهو علاج للمخرج والمجتمع أيضًا".
اقــرأ أيضاً
عن مشاركة "سلام" في مهرجان كبير كمهرجان فينيسيا، وفي مسابقة "آفاق"، وتأثير تلك المشاركة عليها، تقول دريعي: "لم أتوقّع المشاركة في مهرجان فينيسيا. كانت صدمة إيجابية لفريق العمل. كانت حلمًا أيضًا على مستوى التنافس، رغم عدم الفوز بالجائزة. لكن، كان شيئًا عظيمًا. الناس أحبّت الفيلم كثيرًا. مهرجانات كهذه تُساعد على تسويق الأفلام وتمويلها، إذْ يُصبح اسمك معروفًا، انطلاقًا من مشاريع صغيرة، قبل العمل على أول فيلمٍ روائيّ طويل لك". أمّا عن فكرة الفيلم وكيفيّة تشكّلها، تضيف دريعي: "بفضل قصصٍ عديدة استمعت إليها وعرفت وقائعها، أهمّها قصّة روتها لي خالتي قبل عامين. عندما استمعت إليها، أحسستُ برغبةٍ في سردها سينمائيًا. القصّة عن قريبٍ لي. أحسّست أنّ المرأة، التي تعاني من هذه المشكلة، تضحّي بنفسها. لكنّي أحببتُ معالجتها بطريقة مختلفة، أي أنْ تكون سلام امرأةً لا تحزن ولا تخاف من مواضيع غير مسموح تناولها، كعقم الزوج. لذلك، أحببتُ أن تكون الشخصية مختلفة، فهي ليست مسكينة، بل تملك القدرة على اختيار القرار الصحيح، وتضمن كرامتها، وتُلهم النساء الأخريات".
الفيلم بسيط ودقيق في معالجته، وقوي في موضوعه، يثير أسئلة غير مُفكّر بها في المجتمعات العربية، وأبرزها قضية الجسد. عن مدى تقبل هذه الـ"ثيمة" في المجتمع الأردني، تقول دريعي: "الفيلم بسيط وموضوعه حقيقي وصادق. لم يُعرض الفيلم في الأردن بعد، لكنّي أتوقّع الأفضل من الناس. أعتقد أنهم سيُحبّونه، وسيثير جدلاً، خصوصًا أنّ الرجل تزوّج رغم أنّه عقيم. ربما سيُهاجمني الرجال وأناس آخرون ربما لن يقتنعوا بالفكرة، ويعتبرون الفيلم غير واقعيّ. لكنّ، بالنسبة إليّ، القصّة أكثر واقعية، والرجل الشرقي لن يعترف بعقمه، لأن ذلك يُصيب رجولته. أنا أريد كسر هذه النمطية في كون الرجل شخصًا قادرًا على إنجاب الأولاد فقط، فرجولته تكمن أيضًا في حساسيّته. (عمار) في الفيلم حسّاس، وذو قلب طيّب، وليس رجلاً شرقيًا يُعامل زوجته كأنّها خادمة".
ضمنيًا، الفيلم يدافع عن حقوق المرأة، ومنها حقّها في الجهر بما تشعر به في ما يحيط بها. وعند سؤالنا عما إذا كان موضوع المرأة قد صار أشبه بالموضة اليوم عند بعض المخرجات العربيات، تضيف دريعي: "هناك قصص عديدة تحصل في العالم، من إهانات واغتصاب، رغم المساواة بين الرجل والمرأة في الأردن وتونس. لكن، لن أقول إنّ هذه موضة، بل موضوع كالمواضيع الأخرى، فالسينما إبداعٌ يأتي من الداخل، وأعني سرد قصّة حقيقية تنبع من عقل المخرج وقلبه. لذلك، بالنسبة إليّ كمخرجة عربية تربّت وعاشت في هذا المجتمع الحزين، على المرأة أن تفكّر لنفسها أولاً، وأن تُغيّر رؤية الغرب للمرأة العربية في أنّ لا حيلة لها. يجب عليها أنْ تتّخذ القرارات، وتنقذ نفسها قبل المجتمع والعالم. هكذا يجب أن تكون السينما، بحرصها على تغيير الناس، وإضاءة النور الخافت في نَفس كلّ امرأة".
"سلام" هو الفيلم الثاني لدريعي بعد "أفق". عن مدى التقاطع والتلاقي بينهما، فنيًا وجماليًا، خاصة أنهما يشتركان في وحدة الموضوع الذي يدافع عن المرأة العربية وحقوقها، تقول دريعي: "أنجزتُ (أفق) وأنا في الـ23 من عمري. كنتُ صغيرة، أستكشف صوتي كمخرجة وماذا أريد أنْ أقول. لذلك، كان بمثابة اختبار لي. رغم ذلك، نجح، وشعرتُ منذ ذلك الوقت أنْ هذه هي المواضيع التي ينبغي أن أغوص فيها وأحكيها للناس، فيتذكّرون من خلالها اسمي، وحقوق المرأة العربية. أما على مستوى الموضوع، فصحيحٌ أنهما يشتركان في وحدته، لكن أحدهما يختلف عن الآخر فنيًا وجماليًا بالتأكيد، لأنّ تجربتي تطوّرت، وتراكمت لديّ خبرات في الحياة والآلام. أنا أتألّم حين أصنع فيلمًا، إذْ أشعر بالشخصيات وغبنها وأحلامها. حتّى أني أبكي لحظة الكتابة أحيانًا، وهذا إحساس تستمتع به، فهو علاج للمخرج والمجتمع أيضًا".
وأضافت: طريقة معالجة (سلام) سينمائيًا غير مباشرة، وكانت مؤلمة، إذْ ليس سهلاً إخراجه. وبفضل صداقتي بالمُنتِجَين علاء الأسعد وعلي كريم، اللذين آمنا بحرارة النص، تحسّنتُ كثيرًا. بالإضافة إلى المخرجة آن ـ ماري جاسر، التي غيّرت حياتي منذ 10 أعوام لغاية اليوم، من خلال عملي معها كمخرجة شابّة".