لم تكن جريمة قتل الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي، قبل عام، في قنصلية بلاده في إسطنبول، جريمة عادية ذات أبعاد جنائية وحسب، بل فاضت عن حدودها السياسية والأخلاقية والأعراف الدولية والدبلوماسية، وشكلت رأياً عاماً دولياً، لتكون قصته مادة إعلامية متجددة. وخلال عام فقط، نقلت الجريمة إلى الكتب والأعمال الفنية. وآخر هذه الكتب ما تصدره اليوم "منظمة العفو الدولية" بعنوان "قتل في السفارة: تحقيق في حياة وموت جمال خاشقجي".
لكن قبل هذا الكتاب عرفت تركيا أكثر من إصدار عن الجريمة. فأول الأعمال كان كتاباً نشرته شركة "تركواز ميديا" التي تمتلك صحيفة "صباح" المقربة من الحكومة التركية، وهي من المؤسسات الإعلامية الأولى التي نشرت تسريبات تتعلق بتفاصيل مقتل خاشقجي. واستكمالاً لمتابعة القضية، صدر كتاب بعنوان "فظائع دبلوماسية: الأسرار المظلمة لقتل خاشقجي"، أعده وكتبه صحافيون فيها، هم فرحات أونلو، وعبد الرحمن شيمشك، ونظيف كرمان، تضمّن تفاصيل عدة لم يسبق نشرها في وسائل الإعلام من قبل.
وجاء الكتاب (صدر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي باللغة التركية) في 352 صفحة، قسّمت على فصول عدة، متناولاً الأحداث بتفاصيلها، والظروف المحيطة بعملية القتل، وأسبابها، مع إلقاء نظرة على الأوضاع المحلية للسعودية، والأوضاع الإقليمية والدولية. يشكّل الكتاب وثيقة مهمة لأنه يجمع مختلف الوثائق والتسريبات والصور المتعلقة بقضية خاشقجي منذ مقتله في قنصلية بلاده، ويستعرض جميع المقالات والأخبار التي وثّقت حقيقة ما جرى، وفيه ذكر للتسريبات التي نشرت تباعاً، فضلاً عن ذكر بعض التفاصيل المتممة التي لم تذكر بعد.
من أهم المعطيات الجديدة التي تضمنها الكتاب، الحديث عن التسجيل الصوتي الذي تمتلكه المخابرات التركية؛ إذ لفت الإصدار إلى أن رئيسة المخابرات الأميركية، جينا هاسبل، هي أول من استمع إلى هذه التسجيلات، أي قبل أن يتم عرضها على أجهزة المخابرات الأخرى. كانت الأحاديث في التسجيلات كلها باللغة العربية، فتُرجمت بشكل فوري إلى الإنكليزية. كما أشار الكتاب إلى أن هذه التسجيلات لم تلتقِط فقط فترة الجريمة، بل ما قبلها أيضاً، إذ بدأت اعتباراً من الساعة الثانية عشرة؛ أي قبل أكثر من ساعة من قتل خاشقجي.
ثاني الكتب، من تأليف خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، التي كانت تنتظره خارج القنصلية، وهي التي أبلغت السلطات وأصدقاء خاشقجي باختفائه. ألقت في كتابها الذي صدر في فبراير/ شباط الماضي، الضوء أيضاً على علاقتها بخاشقجي ومخاوفه وقلقه، إذ جاء في الكتاب بعض التفاصيل للأيام الأخيرة من حياة خاشقجي، منها أنه كان في إسطنبول بتاريخ العاشر من سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، قبل مقتله بأسابيع. وحينها، اتفقا على عقد القران والاحتفال بالمناسبة، وكان خاشقجي يسعى أن يكون لهما منزل، لتأتيها البشرى في 25 من الشهر نفسه، برسالة قال فيها "بات لنا بيت، مبارك علينا"، وأنه كان يرغب بفرش المنزل بشكل يخاطب العين من دون رفاهية زائدة، فرش حديث مريح، قائلة إن خاشقجي كان يحب كرسيه المريح أمام التلفاز، إذ قال "أستطيع مشاهدة التلفاز وأستطيع الكتابة، وليكن الكرسي قريبا من النافذة، عند فتحها قليلا ينساب الهواء للداخل، وفي الصيف سنكون في شرفة المنزل".
هذه المعلومات والكلمات تكشف عن حجم الآمال والطموحات التي كانت تعتري خاشقجي وتسوده، قبل أن تُقدِم أيدي الجناة على قتل أحلامه وطموحاته مع خطيبته. بينت جنكيز أنه كانت لدى خاشقجي مخاوف تحدث عنها مطولاً مع خطيبته، ومن أجل الحصول على ورقة من القنصلية لإتمام عملية الزواج، عرضت جنكير عليه مساعدة دبلوماسيين، ولكنه رفض لأن الموضوع شخصي. ولأن السفير صديقه ومن المنطقة نفسها، لا يريد أن يضعه بموقف محرج أو يعرضه لرفض الموضوع، لافتة إلى أنه لم يصل إلى حد الكراهية من بلده نتيجة كتاباته، حيث قال لها إنه متقاعد وما زال راتبه يدفع كل شهر، وإنه إن كان شخصاً غير مرغوب به لكان قطع عنه الراتب التقاعدي.
اقــرأ أيضاً
لكن قبل هذا الكتاب عرفت تركيا أكثر من إصدار عن الجريمة. فأول الأعمال كان كتاباً نشرته شركة "تركواز ميديا" التي تمتلك صحيفة "صباح" المقربة من الحكومة التركية، وهي من المؤسسات الإعلامية الأولى التي نشرت تسريبات تتعلق بتفاصيل مقتل خاشقجي. واستكمالاً لمتابعة القضية، صدر كتاب بعنوان "فظائع دبلوماسية: الأسرار المظلمة لقتل خاشقجي"، أعده وكتبه صحافيون فيها، هم فرحات أونلو، وعبد الرحمن شيمشك، ونظيف كرمان، تضمّن تفاصيل عدة لم يسبق نشرها في وسائل الإعلام من قبل.
وجاء الكتاب (صدر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي باللغة التركية) في 352 صفحة، قسّمت على فصول عدة، متناولاً الأحداث بتفاصيلها، والظروف المحيطة بعملية القتل، وأسبابها، مع إلقاء نظرة على الأوضاع المحلية للسعودية، والأوضاع الإقليمية والدولية. يشكّل الكتاب وثيقة مهمة لأنه يجمع مختلف الوثائق والتسريبات والصور المتعلقة بقضية خاشقجي منذ مقتله في قنصلية بلاده، ويستعرض جميع المقالات والأخبار التي وثّقت حقيقة ما جرى، وفيه ذكر للتسريبات التي نشرت تباعاً، فضلاً عن ذكر بعض التفاصيل المتممة التي لم تذكر بعد.
من أهم المعطيات الجديدة التي تضمنها الكتاب، الحديث عن التسجيل الصوتي الذي تمتلكه المخابرات التركية؛ إذ لفت الإصدار إلى أن رئيسة المخابرات الأميركية، جينا هاسبل، هي أول من استمع إلى هذه التسجيلات، أي قبل أن يتم عرضها على أجهزة المخابرات الأخرى. كانت الأحاديث في التسجيلات كلها باللغة العربية، فتُرجمت بشكل فوري إلى الإنكليزية. كما أشار الكتاب إلى أن هذه التسجيلات لم تلتقِط فقط فترة الجريمة، بل ما قبلها أيضاً، إذ بدأت اعتباراً من الساعة الثانية عشرة؛ أي قبل أكثر من ساعة من قتل خاشقجي.
ثاني الكتب، من تأليف خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، التي كانت تنتظره خارج القنصلية، وهي التي أبلغت السلطات وأصدقاء خاشقجي باختفائه. ألقت في كتابها الذي صدر في فبراير/ شباط الماضي، الضوء أيضاً على علاقتها بخاشقجي ومخاوفه وقلقه، إذ جاء في الكتاب بعض التفاصيل للأيام الأخيرة من حياة خاشقجي، منها أنه كان في إسطنبول بتاريخ العاشر من سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، قبل مقتله بأسابيع. وحينها، اتفقا على عقد القران والاحتفال بالمناسبة، وكان خاشقجي يسعى أن يكون لهما منزل، لتأتيها البشرى في 25 من الشهر نفسه، برسالة قال فيها "بات لنا بيت، مبارك علينا"، وأنه كان يرغب بفرش المنزل بشكل يخاطب العين من دون رفاهية زائدة، فرش حديث مريح، قائلة إن خاشقجي كان يحب كرسيه المريح أمام التلفاز، إذ قال "أستطيع مشاهدة التلفاز وأستطيع الكتابة، وليكن الكرسي قريبا من النافذة، عند فتحها قليلا ينساب الهواء للداخل، وفي الصيف سنكون في شرفة المنزل".
هذه المعلومات والكلمات تكشف عن حجم الآمال والطموحات التي كانت تعتري خاشقجي وتسوده، قبل أن تُقدِم أيدي الجناة على قتل أحلامه وطموحاته مع خطيبته. بينت جنكيز أنه كانت لدى خاشقجي مخاوف تحدث عنها مطولاً مع خطيبته، ومن أجل الحصول على ورقة من القنصلية لإتمام عملية الزواج، عرضت جنكير عليه مساعدة دبلوماسيين، ولكنه رفض لأن الموضوع شخصي. ولأن السفير صديقه ومن المنطقة نفسها، لا يريد أن يضعه بموقف محرج أو يعرضه لرفض الموضوع، لافتة إلى أنه لم يصل إلى حد الكراهية من بلده نتيجة كتاباته، حيث قال لها إنه متقاعد وما زال راتبه يدفع كل شهر، وإنه إن كان شخصاً غير مرغوب به لكان قطع عنه الراتب التقاعدي.
جريمة خاشقجي وحجم البشاعة فيها والمأساة الكبيرة وكلمات خاشقجي الأخيرة المؤثرة، لاقت صدى لدى هوليوود، فبعد الجريمة بأكثر من شهرين، وصل الممثل الأميركي الشهير شون بن، إلى إسطنبول، تمهيدا لإعداد فيلم وثائقي عن جريمة قتل خاشقجي، حيث وصل برفقة فريقه المؤلف من 10 أشخاص، ومرّ بمحيط القنصلية السعودية في إسطنبول والتقط بعض المشاهد، وواصل أعماله في المنطقة من أجل إعداد فيلم وثائقي عن جريمة قتل خاشقجي.
ومع الإعلان أخيرا عبر الإعلام التركي عن بدء عملية بيع مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول، كشف رئيس جمعية بيت الإعلاميين العرب في تركيا، توران قشلاقجي، وهو صديق خاشقجي الذي تولى خطبة خديجة جنكيز من والدها، عن نية الجمعية وأصدقاء خاشجقي شراء مبنى القنصلية، من أجل تحويله إلى متحف باسم جمال خاشقجي، يخلد ذكراه ويذكر بالجريمة، بهدف عدم تعرض الصحافيين لهذا النوع من الوحشية والعمليات البربرية، وتحريك المنظمات الدولية.
وبحسب قشلاقجي، ستكون هناك فعاليات لبيت الإعلاميين العرب أمام القنصلية السعودية في الذكرى السنوية لمقتل خاشقجي، تنطلق عند الواحدة وأربع عشرة دقيقة بالتوقيت المحلي، ساعة دخول خاشقجي لمبنى القنصلية بحسب كاميرات المراقبة. يتضمن البرنامج إعادة تفاصيل الأحداث التي وقعت يوم الجريمة، وبمشاركة فنية، وتنظيم عروض متنوعة.