"شغل شباب"... جوقة جديدة لإعلام النظام السوري

06 أكتوبر 2018
تكمل البرامج تعاملها مع الثورة كـ"مؤامرة" على سورية (Getty)
+ الخط -
تضمنت الدورة البرامجية الجديدة التي أطلقتها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري بعض البرامج الخاصة بالشباب، في محاولة لإبراز مظاهر التجدد والاهتمام بالجيل الشاب، الذي لم يوله إعلام النظام السوري أي اهتمام في برامجه سابقاً. لكن هذا النمط من البرامج، تم تشويهه ليتماشى مع البروباغندا القائمة في إعلام النظام، كبرنامج "ما تؤاخذنا" الذي حوّل من برنامج ينتقد قضايا الفساد المحلية يتم عرضه على وسائل التواصل الاجتماعي إلى برنامج ينتقد "المؤامرة الكونية" على سورية بشكل تهريجي.
ومن ضمن البرامج الخاصة بالشباب، برنامج "شغل شباب"، الذي يعمل على تقديمه ثلاثة ممثلين شباب، لم يسبق لهم أن لعبوا أدوار بطولة في حياتهم الفنية، وهم: كرم شعراني، مؤيد الخراط ويامن سليمان، ويرافقهم بالتقديم الإعلامي سومر إبراهيم. ينقسم البرنامج إلى أربع فقرات رئيسة، وهي: قضايا شباب، مانشن، sport وهاشتاغ، يتناوب على تقديمها الشبان الأربعة.
وعلى الرغم من أن عناوين الفقرات قد تبدو حديثة نوعاً ما، وملائمة للغة العصر، إلا أن المشكلة أن محتوى كل فقرة لا يتناسب مع عنوانها، إذا ما استثنينا فقرة الرياضة. فالحديث في معظم الأحيان يبدو خارج إطار العناوين الجديدة ويبدو أقرب لنقاش يتداوله الشبان في المقهى، ولكنه نقاش بارد، لا صراع فيه. فجميع المقدمين يتوافقون بالرأي والأفكار سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو إنسانية أو حتى رياضية، فالشبان الأربعة يشجعون نادي برشلونة وميسي ويسخرون من ريال مدريد ورونالدو، دون وجود أي سبب منطقي.
لكن المشكلة الأكبر في البرنامج لا تكمن بعناوينه وفقراته، بل إن المشكلة تتعلق بالدرجة الأولى بالطريقة الاستعلائية التي يقدم بها المقدمون أنفسهم. ففي الحلقة الأولى من البرنامج قدم الشبان الأربعة أنفسهم كفنانين مسرحيين، وبدؤوا بمناقشة جميع القضايا بمنظور نخبوي استعراضي. ففي أي حديث يدور يتم التركيز على الفارق الكبير بين مقدمي البرنامج المثقفين وبين الجمهور السوري الجاهل وغير المثقف. ويبدو ذلك واضحاً في حلقة الأسبوع الماضي، حيث طُرح موضوع جرائم الشرف في سورية، وخلال النقاش كان هناك إصرار واضح من قبل المقدمين على إرجاع أسباب تلك الجرائم للجهل والفقر وتبرئة الحكومة السورية والدستور من أي مسؤولية. فقاموا بحصر تلك الجرائم في المناطق المهمشة والريفية، والتي لا يحظى سكانها بمستوى تعليمي وثقافي عال، بحسب تعبيرهم. وعلى الرغم من عدم وجود دراسة أو إحصائية توثق أماكن وقوع جرائم الشرف وتوزعها في سورية، أو تحدد مواصفات مرتكبيها ومكانتهم العلمية أو الاجتماعية، لكن المقدمين الأربعة حاولوا الترويج لنظرية: أن الفقر والجهل هما السببان المباشران لجرائم الشرف!
ولم يتخل البرنامج عن النبرة الفوقية حتى في أبسط فقراته، فقرة "مانشن"، التي يقدمها مؤيد الخراط، والتي يقوم فيها بقراءة التعليقات والاستفسارات التي يقوم بطرحها متابعو البرنامج على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، فيرد مؤيد على تلك التعليقات بسخرية مستفزة، ويشاركه زملاؤه في البرنامج بالاستهزاء من عقلية المتابعين ومحدودية ثقافتهم، كما يصفونهم.
المساهمون