زينة أزوقة وأغانيها الشخصيّة عن الحزن واللعب

12 نوفمبر 2017
في عمّان كان للموسيقى حيز في حياتها(العربي الجديد)
+ الخط -
التقيت مع زينة أزوقة (1980)، في مقهى "بلبل برلين"، أحد المقاهي التي يجتمع فيها الشبان والشابات العرب في المدينة بوتيرة شبه يوميّة، كأنك عندما تزور المكان تشعر بأنك انتقلت بأجوائه وموسيقاه كما لهجات زائريه إلى أحياء عربيّة عديدة في وقت واحد: إلى عمّان، حيفا، القاهرة، دمشق وغيرها من العواصم القريبة والبعيدة.

زينة، والمعروفة باسمها الفنّي زازوكا، هي أردنيّة شركسيّة انتقلت إلى ألمانيا قبل 8 سنوات، وإلى برلين قبل حوالي عاميْن، دراستها ومجال عملها الأوّل كان في التصميم الغرافيتي، وكانت الموسيقى دومًا جزءًا من حياتها، منذ أن تعلّمت العزف على البيانو وهي في التاسعة من عمرها. وعندما انتقلت إلى ألمانيا، وبالتحديد إلى مدينة نورنبيرغ، درّست مجال الأفلام وتخصصت في التحريك كما الموسيقى التصويريّة وتصميم الصوت. قرار انتقالها إلى برلين جاء بهدف العمل، إلى أن تحوّل إلى استقرار، واليوم تعمل بالأساس بمجالات الموسيقى، كمشروعها الفنّيّ الشخصيّ، كما في مجال الموسيقى التصويريّة للأفلام، وأحيانًا الترجمة، حيث تتحدث زينة العربيّة، الإنكليزيّة والألمانيّة.

خلال إقامتها في عمّان، كان للموسيقى حيز في حياتها، بالأساس العزف على البيانو، إلى جانب عملها في التصميم الغرافيتي، "عمّان تجربة مهمة، ولربما الأهم"، تقول زينة، وتضيف: "هناك تعرّفت إلى نساء كتبن كلمات أغانيهن وألّفنَ الموسيقى لها، تحدثن عن مواضيع تهمهن على مستوى شخصيّ، دون انتظار منتج يأتي ليقول لهن ماذا عليهن أن يغنينَ. شعرت بأنهن قدوة للعديد من النساء، ومن المهم أن ترى الفتيات في سنّ صغيرة بأن هنالك امرأة تغنّي عن مواضيع تعنيها".

علاقتها مع البيانو بدأت حين ذهبت مع والدتها إلى حفل بيانو سولو، عندها قالت لوالدتها إنها ترغب بالتعلّم على آلة البيانو، "اعتقدت والدتي بداية بأن الأمر هو إعجاب مؤقت وسيذهب مع مرور الوقت، لكني أصررت على الفكرة ووافق أهلي على ذلك وشجعوني على الاستمرار، كتّر خيرهم"، تقول زينة. وتابعت: "عملت دائمًا مع موسيقيّين في عمّان، كانوا يحاولون تنمية الموسيقى والتربية الموسيقيّة في الأردن، وهذا أمر صعب جدًا وطموح، اختلطت بعدد كبير من الموسيقيّين الذين حاولوا خلق ساحة جديدة وكسر أفكار رجعيّة تجاه موضوع الموسيقى".


ترى زينة (زازوكا)، أنها تقدّم موسيقى بديلة، وتصنّف هذا التعريف بأنه: "نوع من الموسيقى التي تحاول دمج عناصر عديدة ومختلفة مع الكلام العربيّ، الكلام العربيّ هو أهم عنصر بالموسيقى، أي الصّوت، صوت الإنسان من منطقتنا، وكل العناصر الأخرى منسجمة معه، سواء بانسجام مليء بالجماليات أو بالبشاعة، بلا خوف من أن يعبّر هذا الصّوت عن كل نواحي الحياة من خلال موسيقاه"، وتضيف: "هذا هو هدفي، والطريق الذي اخترته.

هنالك روافد عديدة تصبّ في هذا النهر الذي أحاول أن أبحر به، لكن الفكرة الأساسيّة تكمن بأن أقتنع بصوتي وأن يكون صادقًا. الحديث هنا ليس فقط عن صوت كلامي أو صوتي كموسيقيّة، إنما حتى عندما أكتب التوزيع الموسيقيّ للوتريات، يكون هذا التوزيع حاملًا لصوتي وكل ما أريد أن أقوله". تغنّي زازوكا باللغتيْن العربيّة والإنكليزيّة، وهي تقوم بكتابة كلمات أغانيها وألحانها، وعلى الرغم من أن لغتها الألمانيّة جيّدة وتعمل بها في مجال الترجمة، إلا أنها تعتبر أن علاقتها بالألمانيّة ليست حميميّة بما يكفي. وتضيف: "أحب أن أتحدث بالألمانيّة، وأدير حوارات مع أصدقائي وصديقاتي بالألمانيّة، وأحيانًا أفضلها على الإنكليزيّة، لكن الإنكليزيّة بالمقابل هي عِشرة عمر، أفهم عليها وتفهم عليّ، وعلاقتي بالألمانيّة ليست كذلك، يجب أن أتعمق بها أكثر قبل أن أكون قادرة على كتابة الشعر بالألمانيّة". وفي العربيّة، تكتب زازوكا معظم كلمات أغانيها بالعاميّة، وبالأساس العاميّة التي تعرفها عمّان، عن هذا تقول: "هذا له علاقة بالقناعة، بمعنى إن لم أكن مقتنعة بأنه عليّ الغناء بالعربيّة الفصحى، فلن أغني بها. أشعر بأني مرتاحة أكثر مع العاميّة، وهي اللهجة التي أتحدث بها طوال الوقت، فالكلمات تخرج عفويّة وتلقائيّة مني".

المواضيع التي تحكي عنها زازوكا في أغانيها تتمحوّر حول تجربتها وحياتها الشخصيّة، وتصفها بأنها لا تحظى باهتمام كافٍ في الموسيقى العربيّة. وتضيف: "عندي أغنية عن ألم الرأس، علاقتي بهذا الألم، والتعامل معه بشكل مجازي تجاه أوجاع عديدة، كيف نشعر خلالها وكيف نواسي أنفسنا، لا يمكننا دومًا أن نغيّر الواقع، لكننا نحاول أن نغيّر عقليتنا أو منظورنا لهذا الواقع والألم فيه على وجه الخصوص، خاصة عندما يمنعنا هذا الألم من فعل أشياء عديدة. بالإضافة إلى أغنية من وحي وصولي إلى ألمانيا، وعندما عرف البعض بأني عربيّة سألني فورًا عن ألف ليلة وليلة، أجبتهم بداية بأنه تراثٌ فارسيّ، لكن هذا ليس الأمر المهم، إنما هل من المعقول في هذا الوقت أن لا موضوع آخر نتحدث به أنا والألماني عدا عن تراث ثقافيّ؟ بدلًا من مخاطبتي كإنسان أمامهم الآن، شعرت أن بعضهم بنى جدارًا بيننا وتأملني من خلف الفاترين. كما أن هنالك أغنية عن التحرّش الجنسيّ، كل النساء تعرضن لتحرّش جنسيّ بشكل أو بآخر، وكتبت عن هذه القضيّة، مع الحذر دومًا من أن لا تكون كلمات الأغاني عبارة عن تقرير صحافيّ، إنّما هي أشبه بقصص، فيها من الحرية والمساحة ما يجعل المتلقي يفهمها بناء على تجربته الشخصيّة ومنظوره الذاتيّ".
المساهمون