الكوميديا في رمضان... ثلاثون حلقة مُفرغة

06 يونيو 2018
يشبه مسلسل "الوصية" مسلسل "نيللي وشريهان" (فيسبوك)
+ الخط -
للعام الثاني على التوالي، تشهد مسلسلات رمضان خفوتاً واضحاً في جودة الأعمال الكوميديا، ورغم وجود حلقات أو لحظات مميزة في مسلسلات "الوصية" هذا العام، أو "ريح المدام" في العام الماضي، إلا أن الشعور بالتطويل والفتور وتكرار الكوميديا هي العناصر الغالبة في كل المسلسلات.
هناك أكثر من سبب لهذا التراجع؛ أولها، وعلى الأغلب أهمها، هو تكرار نفس الممثلين، الذين يقدمون تقريباً نفس الأدوار، في عدد كبير من المسلسلات، بل حتى البرامج والإعلانات على مدار العام. الحادثة الأبرز هذا العام هي مسلسلا "خفة يد" و"ربع رومي"؛ العملان من إخراج معتز التوني، ويشارك في تأليفهما تامر إبراهيم، ومن بطولة محمد سلام وبيومي فؤاد، بشراكة من محمد ثروت في الأول ومصطفى خاطر في الثاني، ومع التشابه حتى في الشخصيات المساندة تكون النتيجة المنطقية هي افتقاد الابتكار، خصوصاً مع ضيق الوقت الذي يدفع الممثلين للارتجال وتأدية كل الشخصيات بطريقتهم المعتادة وليس بخصوصية لكل دور.
أمر آخر مرتبط بالنقطة نفسها، وهو أن النجاح الكبير لشخصيات وأبطال "مسرح مصر" قبل عدة أعوام، جعلهم جزءاً من كل الأعمال الكوميدية المصرية بعدها؛ سواء الأفلام أو المسلسلات أو البرامج، فهم عناصر نجاح إضافية وغير مكلفة لأي منتج. فأصبح بيومي فؤاد حاضراً وللموسم الثالث على التوالي في كل الأعمال، الأمر ذاته ينطبق على محمد سلام أو ثروت وغيرهم، وهو ما يتجاوز أحياناً حضور الشخصيات إلى تقديم المواقف الكاريكاتيرية القديمة نفسها؛ مثل حلقة مستشفى الأمراض العقلية في "ربع رومي"، والتي نالت استهجاناً كبيراً بين المتابعين لتقديمها الصورة النمطية للمرضى النفسيين، بنفس طبيعة النكات والمواقف وسوءات التفاهم.
من اللافت أيضاً أن القوالب ذاتها تتكرر بشكل ملحوظ؛ هذا العام مثلاً يدور "الوصية" حول ابن مستهتر يكتشف أن والده المتوفي اشترط عليه، ومن أجل الحصول على ورثه، أن يحقق طلباً لمجموعة من الأطفال الذين هُدم ملجأ الأيتام الذي كان يأويهم قبل سنوات طويلة، لتدور الحلقات المنفصلة حول البحث عن كل طفل من هؤلاء، وهو أمر مشابه جداً لـ"قالب" مسلسل "نيللي وشريهان" قبل عامين؛ حيث تبحث فتاتان (إحداهما مستهترة أيضاً) عن ورث جدهما، ويدخلان في مغامرات وأماكن مختلفة كل عدة حلقات، وبمد فكرة "القالب" حتى آخرها فهو نفسه ما تحقق في "ريح المدام" العام الماضي، عن زوجة مصابة بمرض الانفصام وتجسد شخصية مختلفة كل عدة حلقات ليحاول زوجها وصديقه إعادتها إلى الواقع. صحيح أن تلك الأفكار تسمح بأن تكون الحلقات وحدات مستقلة يسهل متابعتها، وتسمح أيضاً بوجود ضيوف شرف بمشاهد قليلة في الحلقات المختلفة، إلا أن آفة التكرار تظل مؤثرة.


كذلك فإن التزام صناع المسلسلات بتقديم 30 حلقة، وأن تكون مدة الحلقة نصف ساعة على الأقل، ما يعني 15 ساعة كاملة من الكوميديا، وتُصنع في ظرف شهور قليلة بسبب نمط وشكل الإنتاج، تلك الشروط تؤدي لاستسهال واضح في طبيعة المواقف والأفكار، والأهم هو حالة من "المَطّ" والملل يعاني منها المشاهدون، حتى في مسلسل مقبول كـ "الوصية"، وهو عمل يحمل أفكاراً ذكية بالفعل في بعض أجزائه؛ لكن تشعر أن الحكاية التي يمكن إنهاؤها في حلقتين فقط يتم شدها لتصبح في ثلاث حلقات، والشخصية التي تقول "نكتة" ذكية ولماحة تظل تكررها حتى تفقد خفتها. وإن كان هذا هو الحال في المسلسل المقبول، فإن الأمر أسوأ كثيراً في مسلسلات مثل "عزمي وأشجان" أو "سك على أخواتك" عانت من ضعف شديد في الكتابة والأفكار، أو حتى "أرض النفاق"، الذي رغم اعتماده على عملٍ أدبيٍ جيد إلا أنه كان خليطاً غير متجانس من الفيلم الذي يحمل نفس الاسم وقام ببطولته قديماً فؤاد المهندس، ومن كوميديا بطله محمد هنيدي التي يكررها منذ 20 عاماً، لتكون النتيجة هي موسماً كوميدياً ضعيفاً للعام الثاني على التوالي.
المساهمون