"أولاد آدم"... حكايات بطلها الكاتب

04 مايو 2020
دانيلا رحمة وقيس الشيخ نجيب (من المسلسل)
+ الخط -
حكايات كثيرة، لا يجمعها سوى الألم. هكذا باختصار يمكن وصف ملخص الحلقات الأولى من مسلسل "أولاد آدم"، وهو من كتابة رامي كوسا وإخراج الليث حجو وإنتاج "إيغل فيلم". وليس هذا التعاون الأوّل للمخرج الليث حجو مع شركة "إيغل فيلم"، إذْ حصل تعاون بين الجهتين في مسلسل "24 قيراط" الذي جمع ماغي بو غصن وعابد فهد وسيرين عبد النور عام 2015. يروي "أولاد آدم" حكايات مجموعة من الناس الذين يعيشون تفاوتاً طبقياً واضحاً، في محاولة كتابية لعلها الأولى لرامي كوسا منفرداً، وليس كاتباً مساعداً في تأليف النصوص والحوارات.

والواضح أن كوسا الذي عاش متنقلاً بين بيروت ودمشق في السنوات الأخيرة، استغلَّ مجمل الأحداث التي عاشها، وحوّلها إلى مسلسل.

التقت مجموعة من الممثلين اللبنانيين والسوريين في المسلسل. القاضية "ديما علم الدين" (ماغي بو غصن) ومقدم البرامج "كريم" (مكسيم خليل) زوجان يعانيان من مشاكل في الإنجاب. ويحاول الزوج استغلال ارتباطه بزوجة نافذة لتمرير نزواته وحقده على العالم. لعل دور مكسيم خليل هو الأكثر تعقيداً في المسلسل. والواضح أن الشاب الذي تحول إلى زير نساء، يعمل لمصالحه الخاصة ورغباته دون رادع، محاولاً الالتفاف على كل من حوله. إذْ يعيش الزوج بقناعة أن هذا المجتمع لا يحتوي إلا على أعداء يحاولون النيل منه. فيما احترف زميله "سعد" (قيس الشيخ نجيب) السرقة، وتحول إلى نشال يتعاطى مع رجل الأمن "بسام" (طلال الجردي) الحشيش، ويبيعه الهواتف الخلوية المسروقة، وذلك في رؤية واقعية لما تعانيه المؤسسات الأمنية في لبنان، والتي تحولت مع الوقت إلى بؤرة للفساد المستشري والمحسوبيات.

ويتناول العمل أيضاً حرباً مع تجار المخدرات، تخوضها القاضية "ديما علم الدين"، خصوصاً أنَّ تعاطي المخدرات كان سبباً في إدمان شقيق القاضية على "الكوكايين"، الأمر الذي جعلها تصدر أمراً بنفيه إلى باريس. 

هذه محاولة جيدة من قبل الثنائي كوسا - حجو، للخروج بخلطةٍ لبنانيّة سورية تنقل الواقع القائم بين البلدين منذ تسع سنوات، أي بعد الثورة السورية وهجرة السوريين. إضافة إلى رصد أوضاع العالمين أو أصحاب الإقامات المكسورة من السوريين في لبنان، وخوفهم من الترحيل.

"مايا" (دانييلا رحمة) راقصة استعراضية في أحد النوادي الليلية، تحاول بشتَّى الوسائل تأمين أدنى متطلبات بقاء شقيقتها في السجن، بعدما قتلت الزوجة زوجها المُعنف ودخلت سجن النساء، لتعيش حكايات شتى تجعلها تخضعُ لسجينةٍ نافذة تحاول السيطرة على زميلاتها السجينات، في قالب تغلب عليه القسوة، وذلك بالاتفاق مع أصحاب القرار في السجن نفسه.

كان بإمكان هذه القصص أن تكون أفضل حالاً، لو لم تُختصَر بطريقةٍ ظهرت واضحة في الحلقات الأولى. وكأنَّ هؤلاء هبطوا للتو من كوكب آخر، وقرر المخرج إخبارنا بحيواتهم اليومية بصورة متقطعة تعتمد على الاكتشاف. والجيد أن حجو وكوسا لا يعتمدان على منطق الصدفة الخادعة في سرد الأحداث، بل يعتمدان على حبكة مُقنعة. كما أنَّ الممثلين تمكنوا من إدراك الخطة، ومنهم بالطبع مكسيم خليل الذي يجيد بتقاسيم وجهه اللعب على أعصاب المشاهد.
دلالات
المساهمون