جفاف أدى إلى نزاع وكان انهيار حضارة المايا

10 اغسطس 2018
مُعدّل هطول الأمطار سابقاً كان قليلاً (Getty)
+ الخط -

تُعتبَر حضارة المايا من أهمّ الحضارات وأعمقها في الألفيَّة الأولى بعد الميلاد، إذْ كانت تُعتبَر من أكثر المجتمعات البشريَّة تطوُّراً آنذاك. قام سُكّان المايا ببناء مدنٍ ضخمةٍ ذات آثار رائعة. ولكن، بدأ الانهيار السريع في القرن الثامن الميلادي. وفي نهاية المطاف، غطَّت الغابات بسرعة المدن التي هجِّرَت وتفرَّغت من أهلها تماماً. ولطالما احتار الباحثون حول السبب الدقيق الذي أدّى إلى هذا الأمر. ولكنَّ أحدث الدراسات كشفت بأنَّ الجفاف كان السبب الأساسي والأوَّل في انهيار واختفاء حضارة المايا.

ولتقدير مدى انتشار حضارة المايا بالضبط، قام فريقٌ بقيادة، نيكولاس إيفانز، من جامعة كامبريدج، بدراسة بعض الآثار في بحيرة "تشيتشانكب"، وهي بحيرة واسعة في جنوب المكسيك بالقرب من مدينة ميردا في في شبه جزيرة يوكاتان. هنا، في شمال منطقة يوكاتان، القاحلة إلى حد كبيرٍ، استطاعات حضارة المايا أن تقضي وقتاً طويلاً، يقدّره الباحثون بأنّه أطول من الوقت الذي قضّته الحضارة في شمال المنطقة المغطّاة بالأشجار الكثيفة.

وقد ذكرت العديد من التحقيقات المنشورة في المجلة العلميّة الأميركيّة المحكّمة Science "علوم"، بأنَّ مُعدّل هطول الأمطار في هذه المنطقة، سابقاً، كان قليلاً وأقل بـ 70% من معدّل هطولها الآن. وقد حلّل الباحثون الكثير من العيّنات من بحيرة "تشيتشانكب"، والتي أعطت معلوماتٍ عن الظروف البيئيَّة السائدة آنذاك. في درجات الحرارة العالية، والجفاف الشديد، تتبخَّر الجسيمات الخفيفة بسبب طاقة الضوء الشديدة، وتبقى الجسيمات الأثقل. ونتيجة تكّثف العناصر الثقيلة من جزيئات الماء (بعد تبخَّر الخفيفة)، تتشكَّل بلورات جبسٍ تكون ثقيلة نسبياً. هذه الأنواع من البلورات وجدت في هذه البحيرة.
ووجدت في هذه البلوريات الجبسيَّة نظائر مختلفة من الأكسجين والهدروجين، وهي تعتبر من النظائر الثقيلة، في حين اختفت تماماً النظائر الأخفّ. ووجود النظائر الثقيلة في البلورات الجبسيَّة، هو دليل علميّ قاطع على أنَّ المنطقة قد مرّت بحالة جفاف شديدة القسوة. في حين أنَّ العينات الحديثة، والمأخوذة بين عامي 1994 و2010، أشارت إلى أنَّ درجات الحرارة كانت منخفضة أكثر، بل تم تحديد كميات هطول الأمطار بدقة، لأنّ العينات الجديدة لم تفقد كل عناصرها الخفيفة.
وحسب العينات، حسم الباحثون بأنَّ معدلات هطول الأمطار في هذه المنطقة قبل ألف عام، كانت أقل بنسبة 70% من معدّلاتها الآن. والرطوبة أيضاً كانت أقل بكثير. الأمر الذي يشير إلى أنّ الزراعة قد تضررت كثيرًا في ذلك الوقت. وأظهرت النتائج، أيضاً، التغيّرات المناخيّة الخطيرة التي جرت على كوكب الأرض. وقال، ماثيو لاخنيت، من جامعة نيفادا: "عندما يكون الإنسان متواجداً في المكان الذي يجري فيه الجفاف، فإنّه يصاب بالجفاف أيضاً. الجفاف هنا مزدوج".
واختتم التقرير بمقولة علميَّة لها أبعاد سياسيَّة عميقة، وهي أنَّ فترة الجفاف ونقص المحاصيل وارتفاع الضغط السكاني، أدّت إلى تنازع على السلطة وبدء تداعي هذه الحضارة بسبب النزاع الداخلي على السلطة. وقال نيكولاس إيفانز: "هذا يعطي فكرة أيضًا عن طبيعة صراعات عالم اليوم".
دلالات
المساهمون