عادة، يتمّ تناول حركة السينما التونسية في الأعوام الأخيرة، فيقال إنّ هناك حساسية معينة أتت بعد الربيع العربي. أعتقد أنّ هذا غير صحيح. هل كان هناك شيء ما سيتغيّر في "ولدي" مثلاً، لو أنّه أُنجز في عهد بن علي؟
حسنًا، سأخبرك بالحقيقة. أنا أيضًا أزعجني هذا الربط في البداية. عندما أنجزتُ "نحبّك هادي"، طُرح عليّ هذا السؤال: أهي الثورة التي جعلتك تفعل كذا وكذا؟ كانت لدي ردّة فعل طبيعية، فأجيب أوتوماتيكيًا: لا، لأنّي كنتُ خائفًا من الوقوع في شيء "أخلاقوي" و"ديداكتيكي"، بسيط وسهل، فأقول: نعم هي الثورة التي صنعت اختياراتي كلّها.
لكن، يجب أنْ أعترف: الثورة أثّرت كثيرًا في الفيلم، لأنّها غيّرتني أنا بالدرجة الأولى. مثلاً، مجد مستورة، الذي مثّل دور هادي، غيّرته الثورة جذريًا. كان متجهًا إلى شيء بعيد جدًا عن التمثيل والسينما، كان يريد التّخصص في معلوماتية الإدارة، فحدثت الثورة، وقلبت حياته كلّيًا.
هكذا صنَعَ ما عشناه في هذه الفترة ثوراتٍ فردية صغيرة، فتغيّر الجميع، ونضج الجميع، وانقلبت الأشياء كلّها في حياتنا. قبل الثورة، لم أكن أسأل نفسي أسئلة كثيرة في السياسة، وعمّا إذا أنا يمينيّ أو يساريّ. كان لديّ نزوع إلى متابعة السياسة الخارجية أكثر من سياستنا. لم أكن أهتمّ بمعرفة من هو وزير الثقافة.
هذه الحركة كلّها، أي التمرّد والنزول إلى الشارع ورؤية اليوم الذي غادر فيه بن علي تونس أخيرًا، وهي لحظة استمرّت أسبوعًا من النّشوة والأمل، وأنتجت عواطف جيّاشة وكثيرة لم نعتدها إطلاقًا، هذه الحركة شكلّت ثورة داخلية صغيرة، دفعتنا إلى المضي قدمًا، والبحث عن شيء مختلف. ربما كانت لهذا كلّه انعكاسات على السينما.
في الوقت نفسه، كانت هناك مصادفة جعلت مخرجين عديدين يجنحون إلى أفكارٍ انتهت إلى أفلامٍ ناجحة. لذا، أقول إنّ المفعول مختلطٌ: هناك المصادفة، وهناك تغييرات صغيرة على مستوى كلّ فرد، ما دفع إلى تناول أعمق وأصدق وأكثر حركيّةً. نوع من التناول الذي يذهب مباشرة إلى هذا الهدف.
هذا يشبه شيئًا يسبح في الأجواء، يؤثّر بشكل غير مباشر على الأفلام.
تمامًا، لأنّه لَمَس مجد، ولأنّ مجد كان، مثلنا جميعًا في هذه الفترة، حسّاسًا للغاية، ما أثّر بالتّأكيد على الفيلم. كنا جميعًا محاطين بهالة طاقة جديدة ومختلفة. حتى لو أنّنا، بعد 8 أو 9 أعوام، لا نزال نواجه مشاكل كثيرة، ونشعر بالمرارة بعض الشيء بشأن الثورة، إلّا أنّي أقول ـ من دون أي تفاؤل مصطنع ـ إنّنا محظوظون جدًا بأنْ تكون لدينا، رغم كلّ شيء، فرصة العيش في بلدٍ يوجد فيه هذا الفوران، حيث تحسّ بأن الأمور في طور الغليان، وأنّ هناك الكثير من الحياة.
لا نزال بعيدين عن تحقيق الأهداف الكاملة للثورة. لكن، طالما أنّ هناك فورانًا، فهذا يساعدنا جميعًا، وبيننا فنانون ومخرجون سينمائيون، على أن نظلّ في حالة صحوة إبداعية.
من الجيّد أن تتحدّث معي عن مجد مستورة، لأنك تمهدّ بذلك لسؤال يهمّني حقًا. في "نحبّك هادي"، هناك مشهد تنتابه فيه نوبة غضب أسود ضدّ والدته. ما أحبّه في هذا المشهد هو أنّه ينتهي به المطاف بأنْ يشبه الشخصيات التي يرسمها.
لم أفكر مطلقًا في هذا.
هذه الشخصيات غامضة بعض الشيء بالنسبة إليّ، ولم أتمكّن من التقاط مكانها في الفيلم في البداية. لكن، بمجرّد مشاهدتي مجد برأسه الأحمر والمنتفخ وبأوداجه البارزة من فرط الغضب، لم أعد أشكّ في الأمر.
يا إلهي، هذا صحيح. حين صوّرنا تلك اللقطة، أعدنا الكرّة مرّات عديدة، واحتفظنا باللقطة التي يواجه فيها والدته الحقيقية، ومشاكله الخاصة. بمعنى أنّه كان منغمسًا تمامًا. لكن، بما أننا بذلنا جهدًا كثيرًا، وبفعل الإرهاق والتعب، وفي الوقت نفسه، عندما ارتفع نسق أدائه، تخلّص من قوقعة شخصية هادي، ليعطي المزيد من نفسه وما هو عليه للدور. كان هذا في مصلحتنا، إذْ أصبح مزيجًا من مجد الممثل ومجد ابن فلانة.
هل تُجري تمارين كثيرة قبل بدء التصوير؟
نعم. آخذ وقتًا كثيرًا. لحسن الحظ، يتفهّم الإنتاج هذا الأمر، ويتبعني في هذه الفترة من التحضير. نتدرّب أشهرًا عديدة، وقبل شهر واحد فقط من التصوير، نتمرّن في مكان التصوير، ومع مدير التصوير إنْ أمكن ذلك. وقبل 10 أيام على الأقل، أُصرّ على حضور مدير التصوير، للتقدّم في عمليات التقطيع التقني، وإجراء البروفات مع الممثلين. أفضّل إعداد الحدّ الأقصى من الشروط.
ما تقوله يبدو واضحًا بالنسبة إلى "نحبّك هادي"، وأقلّ قليلاً في "ولدي"، خاصة بالنسبة إلى أداء الأب، الذي يعطي انطباعًا أكثر عن كونه مرتجلاً قليلاً.
في النهاية، الأمر عكس ذلك. أجريت تدريبات كثيرة مع الأب، لأن محمد ظريف، مؤدّي الدور، ممثلٌ مسرحيٌ، أدّى أدوارًا قليلة في التلفزيون والسينما، لكنّه ظلّ غائبًا طويلاً للغاية، خصوصًا أنّه لا يُقيم في العاصمة، فتمّ لسوء الحظّ نسيانه من قبل المنظومة. لذا، كانت لديه صعوبة في فهم طريقة اللعب واستيعابها، فظلّ في البداية يقترح عليّ أشياء لا تتوافق مع رغبة الفيلم. لذلك، أمضيتُ وقتًا طويلاً معه.
إحدى ميزاته أنّه أعطى من نفسه كثيرًا للفيلم. الوصول إلى البلاتوه في صباح اليوم الأول من التصوير، مع الأخذ بالاعتبار أشياء عديدة قمنا بإعدادها، وهذه الثقة التي يمنحنا إياها الشعور بالارتياح من الإعداد، هذه كلّها تساعدنا على رؤية الأشياء التي لم نفكّر بها قبل التصوير.
على أية حال، لكلّ شخص طريقته، وأنا محتاج إلى تحضير كثير لأقدر على الارتجال.
يلعب المونتاج أيضًا دورًا أساسيًا في أفلامك، خاصةً من خلال "التأثّرية" بين المَشَاهد، حيث يُحيلنا كلّ مشهد إلى الذي يليه، بعلاقة سببية، دفعت البعض إلى ربط أسلوبك بالأخوين (جان ـ بيار ولوك) داردين، اللذين شاركا في إنتاج فيلميك.
هذا غير دقيق. مثلاً، في مرحلة كتابتهما فيلمهما الأخير "الشاب أحمد"، الذي يتحدّث قليلاً عن الموضوع نفسه لـ"ولدي"، أخبراني أنّهما سيتعاونان معي في مشروعي، لكن من دون إعطاء رأي في السيناريو. لم يقرآ النصّ، ولم يُشاهدا الفيلم سوى في نسخته النهائية، تقريبًا.
لا يكفي أن يكون مخرج ما منتجًا لأفلامك حتّى تتشرّب أسلوبه.
بالتأكيد. للإجابة عن سؤالك حول المونتاج، الأمر مختلف تمامًا بين "نحبّك هادي" و"ولدي". في هذا الأخير، هناك لقطات - مشاهد طويلة كثيرة، لذلك كنا مخلصين تقريبا للسيناريو. لكن، بالنسبة إلى "نحبّك هادي"، غيّرنا أشياء كثيرة مقارنة بالسيناريو.
المونتاج إعادة كتابة للفيلم. لكن ذلك يعتمد على التقطيع التقني، وطريقة تصوير الفيلم.
هل تلجأ إلى الطريقة الكلاسيكية، المتمثّلة في السماح للمونتير بالقيام بالمونتاج، ثم تعيد رؤيته برفقته لاحقًا، أو تعملان جنبًا إلى جنب منذ البداية؟
ما أفعله هو السماح للمونتير بإفراغ التسجيل في مرحلة أولى، يلصق أثناءها المشاهد بعضها ببعض. بعد ذلك، أشاهد كلّ شيء، وأبدأ العمل مجدّدًا. أحيانًا، إذا أحرزنا تقدّمًا كبيرًا نحو النسخة النهائية، يمكن أنْ يتملّكني بعض الشكّ في مرحلة ما، فأستغرق 3 أيام للقيام بتغييرات، وأعيد مشاهدة اللقطات كلّها، خاصةً أنّها تبلغ نحو 50 كمعدّل متوسّطي.
هذا عمل كثير. يجب أن يكون المونتير مرنًا جدًا ليتبعني، وهذا هو الحال حتّى اليوم. لا أزال أنتظر مونتيرًا يقاومني، ويذهب عكس اختياراتي، لأنّي عنيدٌ للغاية، وأريد أنْ يقنعني الأشخاص الذين أتعامل معهم بالأشياء. عادة، يحيطني المنتجون في مرحلة المونتاج، لأنّ لديهم بالضبط هذه القدرة على الدفاع عن رؤية مختلفة.
لكن، يجب أنْ أعترف: الثورة أثّرت كثيرًا في الفيلم، لأنّها غيّرتني أنا بالدرجة الأولى. مثلاً، مجد مستورة، الذي مثّل دور هادي، غيّرته الثورة جذريًا. كان متجهًا إلى شيء بعيد جدًا عن التمثيل والسينما، كان يريد التّخصص في معلوماتية الإدارة، فحدثت الثورة، وقلبت حياته كلّيًا.
هكذا صنَعَ ما عشناه في هذه الفترة ثوراتٍ فردية صغيرة، فتغيّر الجميع، ونضج الجميع، وانقلبت الأشياء كلّها في حياتنا. قبل الثورة، لم أكن أسأل نفسي أسئلة كثيرة في السياسة، وعمّا إذا أنا يمينيّ أو يساريّ. كان لديّ نزوع إلى متابعة السياسة الخارجية أكثر من سياستنا. لم أكن أهتمّ بمعرفة من هو وزير الثقافة.
هذه الحركة كلّها، أي التمرّد والنزول إلى الشارع ورؤية اليوم الذي غادر فيه بن علي تونس أخيرًا، وهي لحظة استمرّت أسبوعًا من النّشوة والأمل، وأنتجت عواطف جيّاشة وكثيرة لم نعتدها إطلاقًا، هذه الحركة شكلّت ثورة داخلية صغيرة، دفعتنا إلى المضي قدمًا، والبحث عن شيء مختلف. ربما كانت لهذا كلّه انعكاسات على السينما.
في الوقت نفسه، كانت هناك مصادفة جعلت مخرجين عديدين يجنحون إلى أفكارٍ انتهت إلى أفلامٍ ناجحة. لذا، أقول إنّ المفعول مختلطٌ: هناك المصادفة، وهناك تغييرات صغيرة على مستوى كلّ فرد، ما دفع إلى تناول أعمق وأصدق وأكثر حركيّةً. نوع من التناول الذي يذهب مباشرة إلى هذا الهدف.
هذا يشبه شيئًا يسبح في الأجواء، يؤثّر بشكل غير مباشر على الأفلام.
تمامًا، لأنّه لَمَس مجد، ولأنّ مجد كان، مثلنا جميعًا في هذه الفترة، حسّاسًا للغاية، ما أثّر بالتّأكيد على الفيلم. كنا جميعًا محاطين بهالة طاقة جديدة ومختلفة. حتى لو أنّنا، بعد 8 أو 9 أعوام، لا نزال نواجه مشاكل كثيرة، ونشعر بالمرارة بعض الشيء بشأن الثورة، إلّا أنّي أقول ـ من دون أي تفاؤل مصطنع ـ إنّنا محظوظون جدًا بأنْ تكون لدينا، رغم كلّ شيء، فرصة العيش في بلدٍ يوجد فيه هذا الفوران، حيث تحسّ بأن الأمور في طور الغليان، وأنّ هناك الكثير من الحياة.
لا نزال بعيدين عن تحقيق الأهداف الكاملة للثورة. لكن، طالما أنّ هناك فورانًا، فهذا يساعدنا جميعًا، وبيننا فنانون ومخرجون سينمائيون، على أن نظلّ في حالة صحوة إبداعية.
من الجيّد أن تتحدّث معي عن مجد مستورة، لأنك تمهدّ بذلك لسؤال يهمّني حقًا. في "نحبّك هادي"، هناك مشهد تنتابه فيه نوبة غضب أسود ضدّ والدته. ما أحبّه في هذا المشهد هو أنّه ينتهي به المطاف بأنْ يشبه الشخصيات التي يرسمها.
لم أفكر مطلقًا في هذا.
هذه الشخصيات غامضة بعض الشيء بالنسبة إليّ، ولم أتمكّن من التقاط مكانها في الفيلم في البداية. لكن، بمجرّد مشاهدتي مجد برأسه الأحمر والمنتفخ وبأوداجه البارزة من فرط الغضب، لم أعد أشكّ في الأمر.
يا إلهي، هذا صحيح. حين صوّرنا تلك اللقطة، أعدنا الكرّة مرّات عديدة، واحتفظنا باللقطة التي يواجه فيها والدته الحقيقية، ومشاكله الخاصة. بمعنى أنّه كان منغمسًا تمامًا. لكن، بما أننا بذلنا جهدًا كثيرًا، وبفعل الإرهاق والتعب، وفي الوقت نفسه، عندما ارتفع نسق أدائه، تخلّص من قوقعة شخصية هادي، ليعطي المزيد من نفسه وما هو عليه للدور. كان هذا في مصلحتنا، إذْ أصبح مزيجًا من مجد الممثل ومجد ابن فلانة.
هل تُجري تمارين كثيرة قبل بدء التصوير؟
نعم. آخذ وقتًا كثيرًا. لحسن الحظ، يتفهّم الإنتاج هذا الأمر، ويتبعني في هذه الفترة من التحضير. نتدرّب أشهرًا عديدة، وقبل شهر واحد فقط من التصوير، نتمرّن في مكان التصوير، ومع مدير التصوير إنْ أمكن ذلك. وقبل 10 أيام على الأقل، أُصرّ على حضور مدير التصوير، للتقدّم في عمليات التقطيع التقني، وإجراء البروفات مع الممثلين. أفضّل إعداد الحدّ الأقصى من الشروط.
ما تقوله يبدو واضحًا بالنسبة إلى "نحبّك هادي"، وأقلّ قليلاً في "ولدي"، خاصة بالنسبة إلى أداء الأب، الذي يعطي انطباعًا أكثر عن كونه مرتجلاً قليلاً.
في النهاية، الأمر عكس ذلك. أجريت تدريبات كثيرة مع الأب، لأن محمد ظريف، مؤدّي الدور، ممثلٌ مسرحيٌ، أدّى أدوارًا قليلة في التلفزيون والسينما، لكنّه ظلّ غائبًا طويلاً للغاية، خصوصًا أنّه لا يُقيم في العاصمة، فتمّ لسوء الحظّ نسيانه من قبل المنظومة. لذا، كانت لديه صعوبة في فهم طريقة اللعب واستيعابها، فظلّ في البداية يقترح عليّ أشياء لا تتوافق مع رغبة الفيلم. لذلك، أمضيتُ وقتًا طويلاً معه.
إحدى ميزاته أنّه أعطى من نفسه كثيرًا للفيلم. الوصول إلى البلاتوه في صباح اليوم الأول من التصوير، مع الأخذ بالاعتبار أشياء عديدة قمنا بإعدادها، وهذه الثقة التي يمنحنا إياها الشعور بالارتياح من الإعداد، هذه كلّها تساعدنا على رؤية الأشياء التي لم نفكّر بها قبل التصوير.
على أية حال، لكلّ شخص طريقته، وأنا محتاج إلى تحضير كثير لأقدر على الارتجال.
يلعب المونتاج أيضًا دورًا أساسيًا في أفلامك، خاصةً من خلال "التأثّرية" بين المَشَاهد، حيث يُحيلنا كلّ مشهد إلى الذي يليه، بعلاقة سببية، دفعت البعض إلى ربط أسلوبك بالأخوين (جان ـ بيار ولوك) داردين، اللذين شاركا في إنتاج فيلميك.
هذا غير دقيق. مثلاً، في مرحلة كتابتهما فيلمهما الأخير "الشاب أحمد"، الذي يتحدّث قليلاً عن الموضوع نفسه لـ"ولدي"، أخبراني أنّهما سيتعاونان معي في مشروعي، لكن من دون إعطاء رأي في السيناريو. لم يقرآ النصّ، ولم يُشاهدا الفيلم سوى في نسخته النهائية، تقريبًا.
لا يكفي أن يكون مخرج ما منتجًا لأفلامك حتّى تتشرّب أسلوبه.
بالتأكيد. للإجابة عن سؤالك حول المونتاج، الأمر مختلف تمامًا بين "نحبّك هادي" و"ولدي". في هذا الأخير، هناك لقطات - مشاهد طويلة كثيرة، لذلك كنا مخلصين تقريبا للسيناريو. لكن، بالنسبة إلى "نحبّك هادي"، غيّرنا أشياء كثيرة مقارنة بالسيناريو.
المونتاج إعادة كتابة للفيلم. لكن ذلك يعتمد على التقطيع التقني، وطريقة تصوير الفيلم.
هل تلجأ إلى الطريقة الكلاسيكية، المتمثّلة في السماح للمونتير بالقيام بالمونتاج، ثم تعيد رؤيته برفقته لاحقًا، أو تعملان جنبًا إلى جنب منذ البداية؟
ما أفعله هو السماح للمونتير بإفراغ التسجيل في مرحلة أولى، يلصق أثناءها المشاهد بعضها ببعض. بعد ذلك، أشاهد كلّ شيء، وأبدأ العمل مجدّدًا. أحيانًا، إذا أحرزنا تقدّمًا كبيرًا نحو النسخة النهائية، يمكن أنْ يتملّكني بعض الشكّ في مرحلة ما، فأستغرق 3 أيام للقيام بتغييرات، وأعيد مشاهدة اللقطات كلّها، خاصةً أنّها تبلغ نحو 50 كمعدّل متوسّطي.
هذا عمل كثير. يجب أن يكون المونتير مرنًا جدًا ليتبعني، وهذا هو الحال حتّى اليوم. لا أزال أنتظر مونتيرًا يقاومني، ويذهب عكس اختياراتي، لأنّي عنيدٌ للغاية، وأريد أنْ يقنعني الأشخاص الذين أتعامل معهم بالأشياء. عادة، يحيطني المنتجون في مرحلة المونتاج، لأنّ لديهم بالضبط هذه القدرة على الدفاع عن رؤية مختلفة.