حلم غزة.. أمنيات الأطفال أصبحت قابلة للتحقيق

18 سبتمبر 2015
أمنية هذا الطفل كانت مكتباً للدراسة (عبد الحكيم أبورياش)
+ الخط -
منذ أن أبصرت عيناه نور الحياة، لم يتوقف الطفل الفلسطيني عبد الرزاق دهليز (12 عاماً)، عن نسج أحلامه وأمنياته، سواء في صحْوِه أو نومه، والتي تدور في مجملها حول رغبته في زيارة السوق وشراء ما تشتهي نفسه، بعيداً عن الأطعمة الجافة أو الملابس البالية، التي لا تقي مطر الشتاء ولا حر الصيف.
حلم الطفل دهليز، الذي وقف عجز والده عن العمل، وعدم وجود مصدر دخل مالي لعائلته التي تسكن في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، سدا منيعا أمام تلبيته، تحقق حديثاً ضمن إنجازات مبادرة "حلم غزة" التي أطلقها الشاب سعيد قديح (23 عاما)، بشكل ذاتي لتحقيق حلم 30 طفلا فلسطينيا، في المرحلة الأولى للمبادرة.
وبين الطفل عبد الرزاق، لـ "العربي الجديد"، بكلمات قليلة ممزوجة بجبال من الأسى، أنّ الظروف المعيشية المتردية التي يكتوي بنارها كل أفراد عائلته وتحديداً أخوته الصغار، جعلت زيارة السوق الشعبي القريب من منزله وشراء بعض الأطعمة الطازجة وأصناف من الفاكهة، حلما يسعى لتحقيقه منذ قرابة أربع سنوات.
أما والد الطفل إياد (38 عاماً) فقال لـ "العربي الجديد" إن المساعدات الاجتماعية التي ينالها على فترات متقطعة، تعد مصدر الدخل الوحيد لعائلته المكونة من ثمانية أفراد، مشيراً إلى أن طفله البكر لم يتمالك نفسه من الفرحة، عندما ذهب إلى مدرسته بزي جديد لأول مرة.
وتولدت فكرة المبادرة، عندما صادف الشاب قديح أثناء عودته إلى منزله، مجموعة من أطفال الحي الذي يسكن فيه، فسألهم عن طبيعة أحلامهم من باب المعرفة فقط، لتأتي إجابات الأطفال بسيطة لا تتجاوز في غالبيتها الرغبة في شراء زي مدرسي جديد أو كرة قدم للهو بها، وحينها عزم سعيد على تحقيقها بمفرده.
وذكر سعيد لـ "العربي الجديد" أنّ المبادرة جاءت كنشاط إنساني خالص لتحقيق أحلام بعض الأطفال على مدار شهر كامل، من مختلف مناطق القطاع، الذي ما زال الاحتلال يغرس فيه أنياب حصاره المشدد منذ قرابة العقد، فغدت على إثر ذلك، أبسط مقومات الحياة الإنسانية أمنيات لأطفال لم يتذوقوا متعة الطفولة.
وتمكن سعيد في الأيام الأولى للمبادرة، من تحقيق 15 رغبة، تنوعت ما بين شراء كرسي متحرك لطفلة مصابة بضمور في المخ، وآخر يتمنى أن يمتلك حوضا زجاجيا تسبح فيه الأسماك الملونة، وكذلك طفل يحتاج إلى مكتب يدرس عليه، فضلا عن تحقيق حلم ثلاثة أطفال بشراء ملابس مدرسية جديدة لهم.
وأضاف سعيد: "بعض الأطفال كانت أحلامهم أكبر من أن نحققها، فأحدهم والده شهيد ويريد أن يجلس معه، وآخر والده أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي ويريد أن يصطحبه إلى البحر، لكن مع ذلك لم نتغاض أبدا عن أحلامهم، فقد حفزناهم وشجعناهم على الصمود لا اليأس، لأن هذا ما نستطيع فعله".
وبين أن المبادرة ستوسع نطاق عملها بعدما تنجز الدفعة الأولى من أحلام الأطفال، لتشمل لاحقا مناطق جديدة يسوء فيها الوضع الإنساني، مشيراً إلى أن غالبية رغبات الأطفال بسيطة ناتجة عن مستوى الفقر والحرمان الذي تعيشه عائلاتهم.
وتستهدف المبادرة، التي تعتمد في تمويلها على المهتمين بالقضايا الإنسانية سواء من داخل غزة أو خارجها، في أنشطتها مختلف المدن الفلسطينية، ولكن لأسباب إنسانية يتمحور عملها حاليا في غزة، نظرا لتداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة، في العام الماضي 2014، واستمرار آثار الضغط النفسي على الأطفال.
ولفت الشاب قديح إلى أن المبادرة تصل إلى الفئة المستهدفة من خلال المعارف والأصدقاء والملاحظات الميدانية التي تركز غالبا على الطفل اليتيم أو المريض، وكذلك الذي يعيش في عائلة فقيرة لا تملك أي مصدر رزق أو دخل مالي ثابت، يساعد على تلبية احتياجات أفراد العائلة، وتحديدا رغبات الأطفال.
وشدد على أن العمل في المجال الإنساني يحتاج من الشخص أن يفكر دائما في إنتاج مشاريع إنسانية جديدة وفريدة من نوعها، تحدث أثرا ملموسا على الإنسان وعلى حياة من حوله، في ظل تردي الأوضاع الحياتية وانتشار الفقر داخل غزة تحديدا، وفي الأراضي الفلسطينية بشكل عام.
وسبق للشاب سعيد قديح أن شارك ونفذ العديد من الأنشطة الإنسانية والمبادرات التطوعية، كان أبرزها مبادرة (من القلب للقلب) التي نفذها في شهر رمضان

اقرأ أيضاً: غزّيون يثورون للكهرباء

دلالات
المساهمون