حكواتي: كرشي ملكي

13 ديسمبر 2014
احترفت كرات الجبنة من أكياس البطاطا (رسم أنس عوض)
+ الخط -
في صغري، كان الأولاد يلعبون كرة القدم باحتراف متواضع، أمّا أنا، فاحترفت كرات الجبنة من أكياس البطاطا (الشيبس). كنت أجلس في بؤرةٍ مليئة بالرمال والأحجار، أتناول الأطعمة والطيبات الجاهزة تحت أنظار أمي التي كانت تراقبني من شرفة منزلنا. وكنت كلّما رأيت الأولاد يلعبون كرة القدم كل مساء في البؤرة، أشمئزّ لرؤيتهم يركضون بأجسادهم النحيلة، يلاحقون بعضهم بعضاً في تلك الأرض المتروكة لألعابهم ولمخلفات أنقاض حرب تموز 2006 في لبنان. 

لا يمتلكون ما امتلكه... كاريكاتير من الكوليستيرول والسكري والضغط سيودي بحياتي حتماً، لأكون كتلك المخلفات أو أصبح منطاداً يطير ببطء. أزن نفسي يوميّاً، فتدور إبرة الميزان مرةً ونصف. أصبح وزني 100 كيلوغرام. كعبوة متروكةٍ في بغداد، أو كحائط من الباطون في أحد مخيمات بيروت.

في أحد الأيام التي دارت فيها الإبرة، استيقظت عند السادسة مساءً ورحت أركض في أحياء بيروت، أصافح الهواء النقي مع جارنا "أزهار طقوش" وهو يضع أزهاره أمام المحل. أنا وشارع جان دارك نتّحد في الركض. أطفال ينتظرون الباص، الناطور يشطف المدخل، ملك الخبز الذهبي يدور على الساكنين يوزّع عليهم كرواسون محشوّة بالشوكولا. أسمع نساءً يقلن لي: "شو صاير سبورتيف" أي شخصاً رياضياً.

صديقي المتخصّص في الطب النفسي، يحلّل شخصيتي، بأنّني أصبحت ذا روح رياضية حين توجّهت إلى الشارع لأعلن الحرب على كرشي. أهلي وعامة الشعب يحاولون محاربة معدتي، إذ ستنتشر الغازات السامة من المذبح إلى أنفي، وستتحلل النيران على الدهون في فخذي. لكن لا أحد سيربح. كرشي ملكي أوسّعه وأضيّقه حين أريد... امتلكت الجيوش أراضيَ كثيرة ولكن لا أحد امتلك كرشي سواي. كما تربي الأم ابنها سأربي كرشي.

أزاول الركض عند الساعة السادسة صباحاً وأعود إلى منزلي لأكمل نومي وأحلم بأنهارٍ من الشوكولا الذائبة وجبال من اللحم المدقق المملوء بالدهن، وبأفران لا تخبز سوى ابتسامة على وجهي. أنا وكرشي نحلم بالطعام وفي الوقت عينه، إنقاص ما يقارب الـ 20 كيلوغراماً يوميّاً.
دلالات
المساهمون