كاتبات الدراما السورية: الحب والحرب ونون النسوة

11 يوليو 2019
أول انتاج مشترك لريم حنا 2013 "لعبة الموت" (LBCI)
+ الخط -
يغبن سنوات، لكن أعمالهن تبقى حاضرة في ذاكرة المشاهدين. ومع بدء التحضير لموسم درامي جديد، يكثر الحديث عن عودة درامية لمجموعة من كاتبات الدراما السورية مع استمرار غياب بعضهنّ، في ظل سيطرة الدراما المشتركة على محددات السوق. 

ريم حنا أولى العابرات إلى "نتفليكس" 
لعلّ أبرز الكاتبات، هي ريم حنا، السورية الفلسطينية الأصل، والتي قدّمت أعمالاً لافتة للدراما السورية، بدءاً من مسلسل "مذكرات عائلة" الذي شغل الشارع السوري وقت عرضه في التسعينيات بسبب أهمية القضايا المطروحة، بعدها "الفصول الأربعة" بجزأيه، خصوصاً أن الأخير ما زال حتى اليوم يُعرَض على الشاشات العربية، والذي كان عصارة تجربة ناضجة لحنا مع الكاتبة دلع الرحبي، إذ تناول الفصول الأربعة حكايات عائلية مختلفة تدور في خمسة بيوت أبطالها شباب، وكبار، لتجول القصص في قلب المجتمع وتطرح قضايا مهمة. لم تقف حنا عند نجاح "الفصول الأربعة" فسطّرت نجاحاً آخر في "رسائل الحب والحرب"؛ العمل الذي عُرِض على أهم الشاشات العربية وأصبحت نيسان (سلاف فواخرجي)، وقصة حبها مع جلال (قصي خولي) حديث الناس.
بعدها، انتقلت ريم حنا، إلى الأعمال المشتركة، في خِضَم سيطرة هذا النوع على السوق الإنتاجي، فكتبت "لعبة الموت"، و"24 قيراط"، وأخيراً "الكاتب" الذي عُرض على "نتفليكس". وانتقد الكثير من الجمهور والنقّاد الكاتبة بسبب تراجع مستوى أعمالها وعدم طرحها لذات القضايا التي قدمتها سابقاً.

دلع الرحبي وغياب مستمر
تجارب الكاتبة دلع الرحبي لم تكن كثيفة في الدراما التلفزيونية، فمن لوحات كوميدية في "بقعة ضوء" و "مرايا 98 - 99" (الجزأين أخرجهما زوجها حاتم علي)، مروراً بـ "الفصول الأربعة" الذي قدمت فيه حلقات مهمة دمجت فيها دراستها القانونية مع دراستها المسرحية لتناقش قضايا قانونية عبر قلمها وتناصر الحركات النسائية المتمردة على قانونٍ بالٍ لم يتطور لينصف نساءه!
لدى دلع نَفَس حقوقي واضح كرّسته بشكل أكبر في مسلسلها "عصيّ الدمع" الذي أخرجه زوجها حاتم علي أيضاً. دخل المسلسل قصر العدل في دمشق ليجول في حكايا المتقاضين والمحامين والقضاة، عرّى الفساد كما عرّى الحب، ثم اختفت دلع وتوقفت عن الكتابة لأسباب غير واضحة.
أمل حنا تعود من الخريف
تمتلك أمل حنا (ابنة عم الكاتبة ريم حنا) نفساً أنثوياً يضج بالحياة لكن بهدوء ومن دون مغالاة. يغلب على مجمل أعمالها طابع السكينة والحب وعنفوان المرأة، مع ذكر تفاصيل البيوت الدمشقية، وحيوات ساكنيها، مركّزةً على أهمية دور المرأة في كل محفل. شاركت أمل ابنة عمها ريم في مسلسل "مذكرات عائلة"، ثم خطت طريقها في كتابة أعمال سورية لافتة، منها "أحلام كبيرة" الذي دقّقَ في تفاصيل عائلة دمشقية، وارتبط بالحب ارتباطاً وثيقاً، ليتحول بعدها إلى فيلم سوري اسمه "العشاق".
أما "على حافة الهاوية"، العمل الذي أنصف باسل خياط كنجم سوري، فدخل إلى عوالم النفس البشرية، بما فيها من اضطرابات وأمزجة نقلت إلينا حالات من المجتمع تم التعبير عنها بكل شفافية وسرد كلاسيكي ممتع. وربما العمل الأقوى لأمل كان "جلسات نسائية" الذي دخل عالم المرأة وهواجسها.
غابت حنا أخيراً عن المشهد السوري مذ قدمت هذا العمل، لكن أنباء كثيرة تدور حول عودتها قريباً مع المثنى صبح بمسلسل جديد يحمل اسم "حكاية ندى"، وقد تأجل مرتين بسبب توقف شركة "سما الفن" عن الإنتاج في سورية.

"بروفا" يم مشهدي
تدرك الكاتبة السورية يم مشهدي أن المشروع الدرامي بيد الكاتب، يوجهه كيفما يشاء ويستقرئ من خلاله تجارب الناس في مرحلة معينة؛ فتلتقط من صفحتها على فيسبوك المزاج العام للمواطنين في شرائح اجتماعية مختلفة، وتنصّب نفسها المتحدث باسمهم بشكل خفي؛ كأنّ شخصية يم الناطقة تتنقل بين شخوص أعمالها بدءاً من طلاب الجامعة في "وشاء الهوى" انتقالاً إلى الأسرة المتوسطة في "يوم ممطر آخر" ووصولاً إلى شريحة المثقفين في "قلم حمرة"، وليس انتهاءً بالمراهقين في "بروفا".
وبعدما تجاوزت مسيرتها الدرامية العشر سنوات، أسست يم لفضاء درامي لا يجرؤ أحد على تقليدها فيه، ولو حاولت الكاتبة إيمان السعيد مجاراتها في فكرة الرواي ضمن أحداث "مسافة أمان"، إلا أن بصمة يم ظلت حاضرة في مونولوج شخصية ورد (سلافة معمار) ضمن مسلسل "قلم حمرة". هوجمت يم من قبل النقاد السوريين لدخولها حقل الدراما اللبنانية في عمل لا يحمل سمات نصوصها على حد وصفهم، وهو "بروفا". في حين رأى البعض قدرة يم على قراءة الجمهور اللبناني من زاوية جديدة.

وفي حين شهدنا الموسم الفائت عملين من توقيع إيمان السعيد وهما "مسافة أمان" و"خمسة ونص"، إلا أن الكاتبة لم تفلح في رفع رصيدها بعد موجة انتقادات طاولت بنية العملين وحالت لتعديلهما ليتناسبا مع رؤية الإنتاج، لتغيب بالمقابل الفرص أمام كاتبات سوريات غائبات عن الساحة الفنية، مثل لبنى مشلح ورنا الحريري ورانيا بيطار وريما فليحان وديانا فارس ولبنى حداد وسلمى اللحام. في حين لم تفرز الدراما السورية كاتبات سوريات جديدات خلال سنوات الصراع، وإن ظهرت بعض الأسماء، مثل سلام كسيري وفرح شيا.
هل تمتلك الدراما السورية اليوم قلمها النسائي المواجه لتداعيات الحرب والفائض بأنوثة تعيد تصويب الدفة والهمس للمجتمع الذكوري عن رؤية نسائية للدراما لا يمكن أن تغّيب بأي حال من الأحوال؟
دلالات
المساهمون