الخيمة الخضراء في قطر: "فن الصمود" لمواجهة كورونا
أسامة سعد الدين
وتناولت "الخيمة الخضراء" في أمسيتها الرمضانية الثالثة "أهمية الفنون للمجتمعات في أزمنة المحن"، وشارك فيها فنانون ومختصون من قطر والكويت وسلطنة عمان ومصر والسودان ولبنان، عبر تقنية الاتصال المرئي.
وقال الفنان اللبناني عبد الحليم كركلا الذي شارك من لندن إن الفن نوع من التوثيق لكل الأحداث التي تمر على الإنسان، ومن بينها الأزمات. وأكد مؤسس "مسرح كركلا": "نحن في أمس الحاجة إلى أن يظل صوت الفن صادحاً، ليعطي الفنان النور لمن يشعرون بالكآبة في الأوقات العصيبة".
واعتبر أستاذ الدراما والنقد المسرحي في كلية المجتمع في قطر، مرزوق بشير، أن الفنون يمكن أن يكون لها دور أكبر، نظراً لاستخدامها في الكثير من المجالات، منها على سبيل المثال المسرح التعليمي والمسرح التربوي، واستخدام الفنون في علم النفس، وكذلك في العلاج. وأشار إلى أن الفن له دور كبير في جمع الشعوب مهما كانت الخلافات بينهم.
ورأى التشكيلي الكويتي، عبد الرسول سلمان، أن الفن وسيلة لمخاطبة الشعوب وله دور بارز في الصحة النفسية. وتطرق سلمان إلى تجربته الفنية إبان غزو الكويت حين كان في الولايات المتحدة، وأقام مجموعة من المعارض، كان أولها في دمشق وبيروت ثم القاهرة، وخارج الوطن العربي في البرازيل وكندا واليونان، فكانت خطوته بمثابة حركة إعلامية عن القضية الكويتية في تلك الفترة.
التشكيلي القطري يوسف أحمد أكد أن الفن هو الصوت الحقيقي لأي أزمة، وأوضح أن الرمز الذي يصل إليه الفنان التشكيلي يحفز الناس لأجل الوصول للأفضل، خاصة في الفترات العصيبة.
وحول دور الموسيقى في المجتمعات، قال مستشار مجلس الإدارة للبرامج والفعاليات في دار الأوبرا السلطانية في مسقط، عصام الملاح، إن "الموسيقى تصاحب الإنسان منذ بدايته وولادته وحتى وفاته، لذا تشاركه في كل المحن، ولا تعرف العنصرية، فهي لغة لا تحتاج إلى ترجمة، وهذا ما تجلى في الأزمة الأخيرة لفيروس كورونا التي أظهرت العالم كعائلة واحدة". وأعرب عن سعادته بمشاركة بعض فرق الأوركسترا في نشر فقرات فنية عبر منصات التواصل الاجتماعي للترويح عن الشعوب، ومن بينها "أوركسترا قطر الفلهارمونية".
الشاعرة والناقدة العمانية، سعيدة خاطر، أكدت على أن العزلة التي خلقتها أزمة كورونا استطاعت أن تشجع الكثير من الفنانين على الإنتاج، فـ "الفن قادر على أن يخرج الإنسان من العزلة والإحساس بالفراغ، وله دور كبير في مداواة وعلاج النفس".
من جهة ثانية، رأى المسرحي السوداني محمد السني دفع الله أن الفن يحذر من الكوارث قبل وقوعها، ومن ذلك لوحة "الموج العظيم" التي حذرت من تسونامي، مشيراً إلى أن "الفنون دائماً ما تكون لصيقة بهموم الإنسان، وهذا يتضح من خلال الأزمة الحالية".
وقال الرسام والشاعر العماني، أحمد العلوي، إن "الإنسان إذا وصل إلى اليأس يكون دور الفن في إعطائه الأمل، فهو الطريق الذي يعطي الإنسان الحرية لإبداء الرأي"، مشيراً إلى أن أزمة كورونا تسببت في عزلة الكثيرين، ولكن أمامهم الكثير لينجزوه في هذه الأوقات.
وقال الشاعر المصري مصيلحي مصطفى "إن ارتقى الفن ارتقت الإنسانية"، لافتاً إلى أن مفهوم الفن تغير في السنوات الأخيرة وبات في خدمة رأس المال فحسب.
وأكد الناقد المصري حسن دبا أن الفنان سواء أكان ممثلاً أو مؤلفاً أو مخرجاً أو موسيقياً "يعيد تشكيل الواقع، ليلهم الأجيال الحاضرة رؤى مستقلة جديدة لا تهتم بالتاريخ أو تعكس الصورة قدر ما تهتم بإعادة التشكيل أمام العقول الحاضرة..."، واعتبر القول إن الفن يعكس الواقع "من أفسد الأقوال الشائعة على الإطلاق في عالم التفكير بالفن وبرسالته التي تعنى أساساً برؤى مستقبلية واعدة"، وذهب دبا إلى أن الجائحة لم تولد حتى الآن فناً يناسب حجم الكارثة، لافتاً إلى أن استيعاب الواقع من الفنانين ثم ضخ الرؤى التي تولدت من ذواتهم إلى العالم لم ينضج بعد.
وقال مدير الندوة رئيس برنامج "لكل ربيع زهرة"، سيف الحجري، إنه في عصر تزداد فيه الأخطار الطبيعية وصولاً إلى جائحة كورونا يمكن للفن أن يكون مصدر إلهام للفنان والمبدع، لتعزيز الصمود والتأثير في مجتمعه حيال ما يعتريه من محن، موضحاً أن الفنون على أنواعها تروي قصصاً تتخطى الحواجز الجغرافية والثقافية والإثنية، و"تعمل على إيجاد التعاطف مع المجتمعات المحلية التي تواجه مخاطر متزايدة، وبإمكان المشاعر التي يثيرها الفن أن تساعد على الحد من الآثار النفسية والصحية الناتجة عن المحن، والتأهب للمواجهة الشجاعة للجوائح، وإضفاء الأمل".
وأكد الحجري أنه آن الأوان لاقتراح مبادرة "فن الصمود" التي تسعى إلى جمع الذين يعلمون والذين يعملون وأولئك الذين يبدعون، ليكونوا مصدر إلهام لطرق جديدة للتفكير في التصدي لجائحة كورونا المستجد.
وحول برنامج "الخيمة الخضراء" في نسخته الرمضانية للعام الحالي، قال الحجري لـ "العربي الجديد" إن "برنامج (لكل ربيع زهرة) متفاعل وملتزم بواجبه الاجتماعي في نشر الوعي، وتبادل المعلومات في مجالات متعددة، عبر (الخيمة الخضراء) التي تستضيف كل ليلة العديد من المتخصصين والمهتمين وصنّاع القرار، مبرزين المواضيع التي تتناول اهتمامات شرائح المجتمع المختلفة، بما يحقق المصلحة العامة".