محمد درويش: الورق الملون كهروب من رماد

11 ديسمبر 2016
يستخدم درويش مواد بسيطة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يستيقظ الفلسطيني، محمد درويش، مع ساعات الصباح الباكرة، يتفقد خلو بيته من أقرانه وانشغالهم كلٌ بعمله، ليمارس فنّه على ارتياح. وعلى أنغام فيروز الهادئة، يبدأ بعمله الفني في رسم وتشكيل رسومات متنوعة باستخدام الورق الملوّن الجذاب، بطريقة إبداعية جذبت المتابعين له.
كل ما يحتاجه خريج التمريض من قطاع غزة، ليمارس هوايته في الرسم والتشكيل، هو الورق الملوّن، ومواد بسيطة أخرى، ليشّكل بالألوان الزاهية رسوماتٍ تجذب عيون الغزّيين وغيرهم، والتي تعكس اللون الرمادي للمدينة المحاصرة إسرائيلياً منذ أكثر من عشر سنوات.
ويوضح درويش لـ"العربي الجديد"، أن فنّه هو عبارة عن قصاصات من الورق الملّون، يستخدمه بعد لفّه عن طريق بعض المواد، في تشكيل رسومات مختلفة كخريطة العالم ورسمة لطائر البومة وغيرهم، إذ إن هذا الفن يعتبر أكثر قرباً من فن الـ3D.

وعن بداياته بهذا المجال، يقول الشاب العشريني: "أحب الصور والأشياء الغريبة، ومع تصفحي للإنترنت وجدت هذا الفن منتشراً بالخارج. وكنت أعتقد في البداية أن الرسومات عبارة عن مادة البلاستيك، لكن بعد معرفتي للورق الملّون، قررت التعلم على رسم أشكال باستخدام الورق من داخل مدينة غزة".
ويختلف الفن الذي يمارسه الشاب الفلسطيني، عن مجال دراسته في تخصص التمريض، لكنه يجد منه مفتاحاً للهروب مجازياً من بوابة الحصار الإسرائيلي الذي انعكس على أوضاع الغزّيين المعيشية والاقتصادية، وفي ظل عدم إيجاده لفرصة عمل بعد تخرجه من الجامعة، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على المدينة من كل الجهات، إذ أدى إلى انسداد الأفق أمام الشباب.
ويبيّن درويش أنه يستوحي أفكاره من البيئة التي من حوله، إذ كانت رسمته لخريطة العالم على طول حائط داخل منزله، إلهاماً له لرسمها بصورة مصغرة باستخدام الورق الملّون، مشيراً إلى أنه واجه صعوبة في إتقان تلك الرسومات في بداية تجربته لهذا الفن.

ويضيف الغزّي من مدينة رفح، جنوب القطاع، أنه يستخدم مواد بسيطة وأدوات متوفرة لا تحتاج إلى مصاريف عالية، في ممارسة فنّه، كون الرسم بالورق الملّون المتوفر في الأسواق الغزّية رخيص الثمن، ويعتبر فنّاً جديدًا على الفلسطينيين في غزة.
ويهدف درويش من خلال رسوماته إلى نشر أعماله بين أوساط الفلسطينيين، إذ إن الفن الجديد والرسم بالورق الملّون يثير استغراب غيره من الناس في بداية الأمر، فضلاً عن رغبته في وضع بصمة فنية مختلفة عن الفنون المتنوعة المنتشرة في فلسطين وقطاع غزة.
ويمثّل انحصار عدد الألوان في الورق الملّون المنتشر في غزة مشكلةً لدى الفلسطيني درويش، كون الخامة والجودة لتلك الأوراق تختلفان من نوعٍ لآخر، لكنه يتغلب عليها باضطراره لاستخدام أوراق ملوّنة من نوع يختلف في السُمك والعرض والجودة.

ويطمح درويش لنشر أعماله داخلياً وخارجياً، والمشاركة في معارض محلية ودولية، عدا عن سعيه إلى إيجاد مكان موحّد يعرض به أعماله في ظل اقتصاره على نشر أعماله عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وانستغرام. وذلك لنشر الصرخة من داخل القطاع المحاصر إسرائيلياً إلى العالم.

المساهمون