مهرجان "غالونغان"

05 سبتمبر 2016
يقام المهرجان في 7 سبتمبر (Getty)
+ الخط -
يقال إنه لا مكان على وجه الأرض يحتفي بالكرنفالات الجماعية والأعياد على نحو أكثر مما يجري على جزيرة بالي الإندونيسية. ومع وجود أكثر من 20 ألف معبد على هذه الجزيرة، ذات الأربعة ملايين نسمة؛ فإنه ليس من المستغرب أن كل يوم، تقريباً، عطلة لعيدٍ ما.
كل قرية في الجزيرة تحوي ثلاثة معابد على الأقل، ومع مرور العام بالتقويم البالي وعدد أيامه 210 أيام؛ فإن كل معبد يحتفل بعيد ميلاده السعيد، ولمدة عدة أيام دينية، تعرض فيها الزهور والفاكهة المكدسة في أكوام ترتفع لأربعة أقدام على الأقل فوق رؤوس النساء، ومآدب طعام تناسب الملوك، وترحيب حار بالحفل ومناسبته، مع طقوس دينية تعبدية خاصة.
جزيرة بالي ليست فقط حالة خاصة في أعيادها الدينية، بل هي أيضاً جزيرة ذات طبيعة ساحرة، إذ يلقبونها بالجنة. فخلافاً لباقي إندونيسيا، التي تغلب عليها المحافظة الدينية، فإن بالي جزيرة هندوسية مختلطة مع جرعة روحية، تعتقد بأن كل شيء، بما في ذلك الجماد، ينبض بالحياة، ويحتوي على الأمل.
مهرجان "غالونغان" هو العيد الأهم لجزيرة بالي، فهو احتفال لتكريم خالق الكون (إيدا سانغ هيانغ ويدي) وأرواح الأجداد. والمهرجان يرمز إلى انتصار الخير "دارما" على الشر "أدارما". ويشجع أهل بالي على إظهار امتنانهم للخالق وللأسلاف المقدسين.
يتزامن ذلك مع تقويمي "ساكا" و"ووكو". ويحدث الغالونغان مرة واحدة سنوياً مع مرور دورة 210 أيام من التقويم. ويصادف هذا الوقت من السنة، السابع من سبتمبر/ أيلول بالتقويم الميلادي، وهو موعد زيارة أرواح الأسلاف للأرض كما يعتقد الباليون. ويؤدي الهندوس من أهل بالي الطقوس، التي من المفترض أن تكون ترحيباً بهذه الأرواح وترفيها لها، وحماية لها من طاقة "أدارما" الشريرة.
نواة مجتمع بالي تتكون من تجمعات سكنية عالية المستوى (كومباوند)، وتنتعش الحياة على باقي الجزيرة بسبب القرابين التي تقدمها الأسر، التي تعيش في تلك التجمعات السكنية. فهي توفر المواد الغذائية والزهور قرباناً لأرواح الأسلاف، معربةً عن الامتنان والأمل في الحماية. كما يتم تقييم هذه القرابين أيضاً في المعابد المحلية، التي تكتظ بمريديها ومحبيها الذين يجلبون معهم قرابينهم وتضحياتهم للمعبد. تستمر الاحتفالات لمدة عشرة أيام، ثم تنتهي بيوم "الكونينغان"، وهو اليوم الذي تصعد فيه الأرواح عائدة للسماء.
سكان بالي الكرماء، وأصحاب القدرة الكبيرة على التكيف، والذين ابتكروا وسائل معقدة للري من أجل حقولهم التي تمتد من الجبال المقدسة وحتى البحر، أوجدوا أيضاً ثقافة أصيلة ومعقدة مبنية على الاحتفالات الفريدة التي تذكرهم دائما بأنفسهم، ووضعهم في هذا العالم التجاري بصورة متزايدة، إذ إنهم يقاومون بشكل واضح العولمة الثقافية التي تطمس الخصوصيات الثقافية المحلية. كل ما على الجزيرة من براعم نبات البامبو الطويلة، والتي يسمونها بنجور، تزين عادة بالفاكهة وأوراق جوز الهند والزهور وتوضع على يمين كل مدخل ومكان إقامة. وعند كل بوابة ستجد المذابح التعبدية المصنوعة من البامبو والصغيرة والمصنوعة خصيصاً من أجل مهرجان "غالونغان"، وكل واحدة منها تحمل أوراق نخيل منسوجة، موضوعة فيها القرابين المقدمة إلى الأرواح.




دلالات
المساهمون