لارس فون ترير في "كانّ"... "عنف ودموية بحق النساء"

16 مايو 2018
المخرج لارس فون ترير (Getty)
+ الخط -
شكّل عرض فيلم The House That Jack Built "المنزل الذي شيده جاك" لمخرجه الدنماركي المثير للجدل، لارس فون ترير، انتكاسةً أخرى، بعد سنوات من اعتبار الرجل "شخصاً غير مرغوب فيه" في "مهرجان كانّ السينمائي"، وذلك لتصريحه المؤيد للزعيم النازي أدولف هتلر، والذي تراجع عنه لاحقاً.

فسّر البعض خروج بين 100 إلى 200 شخص، فجر الثلاثاء، من قاعة العرض الأولى، من الفيلم الذي يتناول قصة السفاح، القاتل المتسلسل، الأميركي جاك (تمثيل مات ديلون) الذي كان يعشق عمله كمهندس معماري في سبعينيات القرن الماضي، بمثابة انتكاسة مبكرة. فمع كثير من التسليط الإعلامي، تسببت مغادرة وتعليقات البعض السلبية، حرجاً كبير لهذا المخرج الستيني.

وتعرّض العمل الفني لانتقادات عنيفة بسبب "العنف والدموية والنظرة السلبية للمرأة"، على ما كشفت وكالة أنباء الدنمارك "ريتزاو"، وهي تنقل انفعالات الخارجين من قاعة العرض.

قصة القاتل المتسلسل جاك، عرضها فون ترير من خلال خمسة أحداث وأعمال لهذا القاتل، والذي كان يعتبر جرائمه "إنجازاً فنياً". وكان أكثر مشهدٍ قد أزعج الجمهور، هو ذلك المشهد الذي يقوم به بطل الفيلم بقطع ثديي الضحية "سيمبل" التي لعبت دورها الأميركية ريلي كيو.

ليس فقط الجمهور من اعتبر الفيلم "مجرد مشاهد عنف". بل ربطها آخرون بحملة "أنا أيضاً" المناهضة للتحرش الجنسي ضد المرأة التي تهيمن على مشهد الفنون.

إذ اعتبر بعض النقاد فيلم فون ترير الأخير "تعدياً آخر على النسوية، بإظهار كل العنف الممارس بحقها على يد السفاح". نقاد آخرون وصفوه بأنه "بلا روح... ممل وعنيف"، فيما آخرون وصفوه بفيلم "مواد إباحية التعذيب لسفّاح مضطرب نفسيّاً".


دموية المشاهد في "المنزل الذي شيده جاك"، وتقطيع أوصال الضحايا، خصوصا النساء، والشر الذي عرض في نسخة  "كانّ" الـ71، أراد منه المخرج، بعد غياب 7 سنوات عن المهرجان، وفقا لما قال لصحافة بلده، "متابعة 12 سنة من قصص القتل المتسلسل، وليس فقط بحق النساء، فالضحايا من الجنسين".

آخرون رأوا أنه من المبكر الحكم بفشل الفيلم. فوفقاً لما قاله الممثل الرئيس لدور جاك، مات ديلون، للتلفزيون الدنماركي أن "فون ترير اختار نهجاً آخر لعرض مغامرة فنية، تسمح بأخطاء، لتقديم قاتل مختل عقليّاً أي "سايكوباتي"، تعطي مجالاً للجمهور لأن تجعله الصدمة يتأمل في موضوع الشر". المخرج بنفسه، وهو المثير دائما بآرائه يعقب قائلاً "ليس جاك هو المختل، بل أنا المختل عقلياً".

المتعصبون، من جمهور المخرج، لم تعجبهم آراء النقاد، إذ ذهب بعضهم للتساؤل "كيف يمكن اتهام الفيلم بالعنف، وأنه يحط من قيمة النساء، فيما الحقيقة تقول إن ما ارتكبه جاك، هو بالضبط ما حاول فون ترير نقله بقالب فني؟".

لم يخفف عن فون ترير ذهاب الناقد في صحيفة "دايلي ميل" البريطانية، باز بامبيغبوي، للقول "لقد كنت في الجحيم لساعتين ونصف الساعة". ورغم ذلك، من بقي حاضرا، من غير المغادرين المائتين كأقصى حد، لم يأثروا على بقاء المئات من الحاضرين "فقد صفق الجمهور بحماسة لست دقائق متواصلة عند انتهاء الفيلم"، على ما تنقل صحف دنماركية حاضرة في القاعة.

وذكر المخرج الدنماركي، الذي حضر الافتتاح، أولا كريستيان مادسن، أن "التصفيق ليس بالضرورة لأن الفيلم سيفوز بالسعفة الذهبية، بل هو تصفيق وترحيب بإبداعات فون ترير سابقاً".

علاقة المخرج الدنماركي لارس فون ترير مع "كانّ" ليست حديثة في مجال إثارته للغط والجدل. فقد أثيرت إشكالية نقدية حول طريقة دخوله إلى المهرجان في عام 1984 مع فيلم "فوبرودلسنس اليمنت" (عنصر المجرم)، ورغم ذلك فاز بجائزة تقنية.

وفي 1991 فاز الرجل بجائزة التحكيم عن فيلمه "أوروبا". وأثار أيضاً جدلاً حين قال في كلمة الشكر، إن رئيس لجنة التحكيم، رومان بولانسكي "مجرد قزم". وفي 2003 بفيلم "دوغفيل"، وفي 2009 أثار فيلمه "المسيح الدجال" موجة من الانتقادات في "كانّ".
 

المساهمون