عايم في بحر الغدر

03 يوليو 2019
ساهم فن الكوميكس بانتشار الأغنية على وسائل التواصل (Getty)
+ الخط -
قبل أسابيع، ملأت عبارة "عايم في بحر الغدر، شط الندالة مليان" صفحات الكوميكس الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي. وعند البحث عن أصل الجملة، يتبيّن أنها جزء من مهرجان جديد (نشر قبل أكثر من شهر على موقع "يوتيوب") تحت عنوان "عايم في بحر الغدر (الوشوش ألوان)"، وقد وصل عدد مشاهداته إلى أكثر من 26 مليون مشاهدة حتى الآن. 
لا بدّ من الاعتراف بداية أن الكوميكس ساهمت إلى حد كبير في انتشار المهرجان، في طريقة دعائية جديدة وفعالة بشكل كبير، وخصوصاً أنها دعاية غير مخطط لها أو مدفوعة الأجر. لكن عند الاستماع إلى الأغنية يتبيّن أنها ربما كانت تستحق هذا الإعلان المجاني الذي غزا الصفحات الساخرة.
مع نجاح المهرجانات وسيطرتها على الأجواء الفنية الشابة والأفراح، ليس فقط في المناطق الشعبية، واندماجها مع عالم الراب في مصر، واستخدامها في الأفلام والإعلانات بشكل مكثف، اختفت الأغنية الشعبية المصرية تدريجياً. لم يبق في الساحة إلا عدد قليل من الفنانين القادرين على تقديم أغان شعبية، لكن من خلال الاندماج مع عالم الأندرغراوند وعالم السوشال ميديا، ليظهر محمود الليثي، وطارق الشيخ، وعبد الباسط حمودة، في إعلانات كثيرة وأغانٍ مع فرق مستقلة أبرزها "كايروكي". وخلال الأعوام السابقة لم يظهر على الساحة مغنّ شعبي تقريباً باستثناء أحمد شيبة الذي استطاع حجز مكان له، رغم أنه لم يقدم إلا أغنية ناجحة واحدة، وهي "آه لو لعبت يا زهر"، لكنها ضمنت له مكاناً على الساحة الفنية.
كل ما سبق هو ربما سبب أساسي في لصق صفحة المهرجان بـ"عايم في بحر الغدر"، رغم أنها لا تحمل أي صفة من صفات المهرجانات، لا من الناحية الموسيقية ولا الأداء الصوتي، بل هي أقرب إلى الأغنية الشعبية.
أغنية شعبية معاصرة، استطاعت أن تخلق روحاً جديدة وتعلق بالذهن بسهولة. ويكمن سر نجاحها بشكل واضح في المذهب الرئيسي للأغنية: دخول في صلب من دون مقدمات أو مواويل، ولا طريق تصاعديةً حتى يصل إلى القمة وتنقلب الأغنية من هادئة إلى راقصة، أو من البكاء على الأطلال إلى الرقص عليها.

هنا، الأمر أبسط من كل هذه الأشكال، مع صوت ناي بسيط واستخدام مكثف للإيقاعات بأشكالها المختلفة، والاعتماد على اللحن المُغنّى من علي سمارة وطريقة أدائه الشعبية وبحة صوته، من دون اللجوء للأورغ، في عودة لمرحلة ما من التقاء المهرجانات مع الأغنية الشعبية في بداية الألفية الجديدة. 
سريان الأغنية على نغمة لحنية ثابتة، يعتمد بالأساس على طريق تقسيم الكلمات في كل شطر، جعل الأغنية سهلة الحفظ. وإلى جانب الشطر الأول الذي استطاع الوصول لعالم الكوميكس كما أشرنا في البداية، حملت الكلمات شكلاً جديداً على الأغنية الشعبية، وهي من تأليف تيفا العالمي. هذا الأخير له إنتاجات سابقة عديدة، لكن ربما حملت هذه الأغنية شيئاً مختلفاً وجديداً، وخصوصاً في ترتيب الكلام وجعل الجمل متصلة بعضها ببعض؛ مثل: "والبر ماله أمان/ نجي الخسيس منه/ أما الأصيل غرقان/ والقوي في قوته بس علي الغلبان". كما جاء مقطع "دنيا فيها الفاعل/ مبني على المفعول/ الفرح فيها ماضي/ بابه صبح مقفول". الكلام وترتيبه يبدو متأثراً بشكل كبير بما يكتبه الشاعر العامي ميدو زهير، بالتحديد أغنية "زحمة"، و"الرواي" لـ"بلاك تيما"، وحتى تركيب الجملة يبدو متأثراً بواحد من أهم شعراء الأغنية في عالم الأندرغراوند.
كان الجزء الخاص بأحمد عزت هو الجزء الأضعف في الأغنية، ربما لأنه الجزء الأصغر فلم يؤثر في نجاح العمل، وخصوصاً أن المذهب بصوت علي سمارة كان كافياً لنجاح الأغنية في الشارع المصري وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
المساهمون