فيلمون وهبي يُستعاد مُفرداً

30 مايو 2018
بلحّن أنا وماشي، أنا وبالصيد، أنا وبالبيت (يوتيوب)
+ الخط -
الرحبانيان، وحليم الرومي، وزكي ناصيف، وتوفيق الباشا، وفيلمون وهبي. هؤلاء، تقريباً، هم مؤسّسو ما يُعرف بـ الأغنية اللبنانية، ويُعرفون بـ "عصبة الخمسة". أحد أفراد هذه "العصبة"، وربّما استثناؤها الأساسي أيضاً، هو فيلمون وهبي (1914 - 1985)؛ الذي كان ممثلاً ومغنياً وملحناً وكاتب أغانٍ وكوميدياً ساخراً من الطراز الأول. وبهذه الصفات مُجتمعة، يُستذكر وهبي، مساء اليوم، في "مترو المدينة"، بعرض عنوانه "كشّوا الدجاج"، يؤدّي فيه الفنان سماح بو المنى أغاني وهبي الساخرة التي كتبها ولحّنها، مثل "كلاشنكوف" و"اللي بتحبّوا لطيفة" و"سنفريان".

اللافت في هذا الاستذكار، أن وهبي هنا يُستعاد بمعزل عن أعماله لغيره، مثل فيروز، وصباح، ووديع الصافي، وسميرة توفيق، بل يُستعاد مفرداً، بأعماله التي أنجزها لنفسه، وكان معظمها ساخراً. وفعلياً، هناك أكثر من شخصية لحنية يتمتّع بها "شيخ الملحّنين"، فحين نستمع إلى ألحانه التي أنجزها لفيروز، مثل ألبوم "دهب أيلول"، نجد أنفسنا نُصغي إلى جمل لحنية طويلة، فيها نفَسٌ مصريّ، ورصينة إجمالاً، بعكس ما لحّن لنفسه، أو حتى لغيره. فـ "بترحلك مشوار"، لوديع الصافي، لحّنها وهبي، وهي من الأمثلة على ألحانه لبنانية الطابع، والتي تنطوي على شيء من الفكاهة والرشاقة، كأغانيه التي أدّاها بصوته، مثل "ريدوني" و"تريلي لي" و"كشّوا الدجاج".
اللافت في تجربة وهبي أنه لم يتعلّم كتابة النوتة وقراءتها، ومع هذا، كان إنتاجه متنوعاً وغزيراً. لكن، في المقابل، لم يصلنا كثيرٌ من إنتاجه؛ لأنّه لم يحظَ بالتدوين؛ فكان وهبي ينسى بعض ألحانه أحياناً، خصوصاً أنّ كثيراً منها كان يؤلَّف بصورة ارتجالية تزامناً مع قراءته للقصيدة التي بين يديه.
في حوارٍ تلفزيوني أجراه معه الإعلامي الراحل رياض شرارة، سأل الأخير وهبي: كيف تلحّن؟ فأجاب: "بلحّن أنا وماشي، أنا وبالصيد، أنا وبالبيت، أنا وقاعد، أنا وعم إشرب سيجارة، لما بتجي الغنية الواحد بينعبط وما عاد يعرف كيف يسجلها". هذه إشارة إلى تلك العفوية، والارتجالية، التي كان وهبي يؤلّف من خلالها ألحانه، وهي كذلك إشارة إلى سرعة البديهة لديه، ما جعل منه كوميدياً ساخراً مميزاً. في الحوار نفسه، يوجّه شرارة سؤالًا إلى "أبو عماد": رغم غزارة إنتاجك، إلّا أنك لم تقع في التكرار. ما هو سرّ ذلك؟ يجيب وهبي: "التكرار؟ يا لطيف يا لطيف! اسمعهن، كل واحد شكل". وفعلاً، ثمة تبايُن كبير بين ألحان وهبي، فحين يُنجز شيئاً لفيروز، كان "يستخدم القالب التقليدي للتكوين اللحني بأجزائه الموسيقية ونقلاته بين فواصل الأغنية والمسافات بين النغمات وطول الجمل ونسبتها إلى بعضها بعضاً، بل امتدّت، أيضاً، إلى استخدام أجواء القالب التقليدي: العاطفية أو الوطنية أو الشعبية"، كما أشارت المغنية شيرين عبده في مقالٍ نشرته في "العربي الجديد" بعنوان "فيلمون وهبي: خفّة الارتجال التي تُحتمل".
تشير عبده إلى أنه "في بعض المسرحيات والأغاني التي وضعها وهبي، كان زياد الرحباني هو عازف البيانو في الفرقة التي تؤدّي اللحن. يُمكن القول إن زياد تأثّر كثيراً بأعماله، وهذا ما يجعل بعضهم ينسب أغنيتي "سألوني الناس" و"حبّيتك تنسيت النوم" إلى الأول. ومن هنا، نجد أن صاحب "وقمح"، برع أيضاً في الغناء الجاد، وذلك النقدي الساخر". 
إلى جانب سماح بو المنى، يشارك في العرض كل من فرح قدّور (بزق) وخالد عمران (باص) وجورج الشيخ (ناي) وضياء حمزة (أكورديون، وكيبورد وهرمونيكا) وأحمد الخطيب وبهاء ضو (إيقاع).
دلالات
المساهمون