الدراما العربية... الوسامة الشكلية كطريق للنجومية

08 يونيو 2016
مكسيم خليل وقيس الشيخ نجيب في "يا ريت"(MTV)
+ الخط -
تيم حسن، قصي خولي، مكسيم خليل، قيس الشيخ نجيب، باسل خياط، آسر ياسين، عمرو واكد، ظافر عابدين، ويوسف الخال... هؤلاء أصبحوا، اليوم، يشكلون القاعدة الخاصة بنجاح أي مسلسل.
هذه الصورة تعيدنا إلى الزمن الجميل، يوم كرّس عددٌ من الممثلين الأوائل في عالم السينما العربية حضوراً، أصبح مرادفاً أيضاً لنجاح الأعمال الفنية. ونذكر منهم: كمال الشناوي، ومحمود ياسين، ونور الشريف، وأحمد زكي وغيرهم. ربَّما لم يعد يقتصر الأمر سوى على الوسامة أو الجمال الشكلي، كداعمٍ أساسي لنجاح المسلسلات في العالم العربي، إذ إنَّ الدراما التركيّة التي اجتاحت مجتمعاتنا في العقود الأخيرة، استندت هي أيضاً على جمال ووسامة أبطالها، حقيقة لم تعد تقبل الشك، بدليل متابعة الناس للمسلسلات التركيّة، بسبب الإعجاب بالبطل أو البطلة. 

قبل أسبوعين، زار الممثل التركي، مراد يلدريم، بيروت للمشاركة في مهرجان "موركس دور" السنوي، واستطاع كل من حضر الحفل أن يلمس مدى تأثير النجم الوسيم في الناس. إذ تهافتت المعجبات لالتقاط صور إلى جانبه. صورة منحت الممثل الذي تمتم بإنجليزية بسيطة، فهو لا يجيد العربية، مزيداً من النجاح الذي لم يتوقعه يوماً من جمهور عربي يعرفه، ويعترف بنجوميته الواضحة. لكن هل يعتبر اليوم، الممثل الوسيم أحد أسباب نجاح الأعمال الدرامية؟ وماذا عن البطلة التي تشارِكه؟ وهل من الضروري أن تكون جميلة أيضاً، وخصوصاً، بعد مرحلة، دخول عارضات الأزياء وملكات الجمال إلى عالم الغناء والتمثيل؟ الإجابة: نعم. الجمع بين الممثلة الجميلة والممثل الوسيم، بات أهم عنصر في نجاح أي مسلسل مهما اختلفت جنسيته. وأصبح هاجس الفوز بإعجاب الجمهور في أي عمل، لا بد أن يرتكز على جمال البطلة ووسامة البطل.

قبل عام، زادت شهرة الممثل السوري، تيم حسن، بعد مشاركته في مسلسل "تشيللو" إلى جانب زميلته اللبنانية، نادين نسيب نجيم. صورة الشاب الوسيم شغلت الرأي العام اللبناني والعربي، الذي تابع المسلسل، ما دفع بعض المنتقدين إلى إعادة نشر صور لتيم حسن في مراحل المراهقة بنية الاستهزاء بوسامته، أو للتشكيك في قدرته وتأثيره بالناس. وكثر الحديث يومها عن أن الوسامة لا تصنع نجماً بالضرورة، إلى اتهامات طاولت "تشيللو" تؤكد اعتماد المنتج على الشخصيات التي يستغلها من أجل الترويج لقصة مقتبسة، لا ترقى إلى المستوى التقني للدراما في الأساس.


لكن رأي النقاد ظل بعيداً عن رأي الناس، ومتابعتهم لأعمال عدد من الفنانين الذين يتميزون بشكلهم الخارجي. إذْ حقق الممثل السوري، باسل خياط، نجاحاً كبيراً، معتمداً على وسامته العام الماضي. وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي، بآراء تخبر عن تقنية باسل خياط في مسلسل "طريقي" في البطولة مع المغنية المصرية، شيرين، وصعود النجم الوسيم الذي ذكر متابعي العمل بالفنان الراحل، رشدي أباظة، محبوب المعجبات التاريخي في السينما المصرية.

يقول المخرج السوري، أسامة الحمد، لـ"العربي الجديد": "من المؤكد أن مفهوم الوسامة نسبي بين مجموعة العناصر التي تؤلف مشروع الممثل الناجح"، ويؤكد أحمد أنه يجب استثناء تيم حسن من بين الأسماء التي تم ذكرها، أي قصي خولي ومكسيم خليل وعمرو واكد. يقول الحمد: "اعتبره أنا والناس حالة خاصة، لم تتخط حاجز النجاح بالوسامة فقط، بل جمع تيم حسن إضافة إلى حسن شكله، طريقة أداء مميزة ساعدته أكثر في إقناع الناس في الأدوار التي أسندت له، وليس فقط ما نراه اليوم، بلْ يجبُ أن نعود قليلاً إلى بدايات تيم حسن في سورية، ومشاركته في عددٍ كبيرٍ من الأعمال الدراميّة، التي أثبتت حضوره، وأخرجته نجماً إلى العالم العربي".

يؤكد الحمد، أن الوسامة أو الشكل الجميل لا يصنعان لوحدهما ممثلاً بارعاً، والأفضل لمن لا يتمتع بالموهبة التمثيلية، أن يبتعد عن عالم التمثيل، مهما كانت المغريات كبيرة، لأنه بذلك سيقضي على نفسه إلى أن يتعلم أو يدرك أن خياره كان خاطئاً من البداية. الاستسهال والواسطة بحسب حمد، لا تدخلان في إطار صناعة نجم حقيقي.

وعن الاهتمام بشكل الممثل وطريقة تقديمه أو تحريكه من خلال الأدوار. يتابع الحمد: "نحن كمخرجين، نهتم بالممثل ولا تهمنا الوسامة بالقدر الذي يهمنا الدور، وأروى في ذلك قصة. مثلاً: نقوم أحياناً بتصوير ممثل وسيم بثياب رثّة، وذلك لضرورة نقل الدور كما هو مكتوب في النص. وأهمية الدور الواقعي، تأتي لدينا في المرتبة الأولى، قبل رغبة الممثل في أن يتم تصويره ببدلة ثمينة في قصر فخم". عندما نريد تشكيل كادر، علينا إدخال كل التفاصيل الصغيرة ضمن هذا الكادر، كي تنجح حركة الممثل، وهو ما يُسمى اليوم بحركة التشكيل، أو إعادة التشكيل، وهذا قريب من قواعد الفنّ التشكيلي. نحن نعيد تشكيل الممثل بطريقة تزيد من نسبة إقناع الناس بأي دور يريده، وعلى قدر الصدق الذي نقدمه، نحصد النجاح الذي نتوقّعه، بعيداً عن أي عوامل أخرى.


وحول تفضيل بعض المنتجين لأبطال وسيمين في الأعمال الدرامية في السنوات الأخيرة؟ يرد الحمد: "بالطبع، الممثل الوسيم يعتبر أفضل من حيث الترويج للعمل، خصوصاً مع ارتفاع نسبة معجبيه، وهذا ما يهم المنتج بالدرجة الأولى ويعمل بعض المنتجين على توظيف او استثمار ذلك في عدد من الشخصيات التي تناولناها بداية. لكن، أؤكد بأنّه يجب عدم الالتزام فقط بالشكل، في أي من الأعمال التمثيلية، المشاهد يتمتع بذكاء كبير اليوم، ويستطيع أن يفرّق بين "الموديل"، وبين الممثل المحترف".


المساهمون