كما يوحي العنوان، المدينة هي بطل المسلسل؛ مدينة "غوثام" -التي يعيش فيها باتمان بحسب الكوميكس- هي محور كل ما يحدث في المسلسل، الذي يعود إلى الماضي لتصوير تاريخ المدينة التي عم فيها الفساد وغاصت في عالم الجريمة حتى أصبح وجود البطل الخارق فيها حاجة ملحة، ليتم تقديم حكاية تتمنطق بها أسطورة باتمان ضمن سياق درامي مبتكر يمزج بين الحياة الواقعية والأسطورة.
الغوص بماضي شخصيات الكوميكس: "باتمان، و"الجوكر"، و"البطريق"، و"ريدلر" وغيرها، بدا كمجازفة منذ البداية، الأمر الذي دفع صناع المسلسل في الجزء الأول منه للجوء إلى الحبكة البوليسية في سياق منفصل متصل، يقدم في كل حلقة جريمة جديدة، يقوم بها مجرم، قد يكون غير مستوحى من الكوميكس، يحقق بها بطل الجزء الأول "جيمس غوردن"، ويحرك الأحداث البطل المضاد "البطريق"، الذي يلجأ للدسائس والمكائد للوصول إلى أعلى مركز في عالم الجريمة، في المدينة التي لاتزال تعيش حالةً من التوازن، بسبب الاتفاقات السرية بين رجال الشرطة وكبير العالم السفلي، "الدون فالكون"، من دون أن يغفل المسلسل بناء شخصية باتمان؛ فالمسلسل يبدأ من اللحظة التي يتعرف فيها باتمان أو "بروس وين" إلى عالم الجريمة، حيث يكون شاهداً على مقتل والديه، فيقف وجهاً لوجه أمام القاتل عاجزاً من دون حراك، لتشكل تلك اللحظة الدافع النفسي وراء ولادة شخصية البطل (المنقذ).
ربما أكثر الأمور الجذابة في المسلسل هو فضاء مدينة غوثام، الذي يبدو نسيجاً غير متجانس من الحاضر وكلاسيكيات الماضي وجماليات الخيال العلمي المستقبلية، ويعود ذلك إلى كون طبيعة الكوميكس التي يستند إليها المسلسل، والتي تنتمي إلى نمط الخيال العلمي، والزمن الذي كتبت فيه، أيام الحرب العالمية الثانية؛ وذلك ما يفسر وجود سيارات من الطراز الكلاسيكي مع الهواتف الذكية التي نستخدمها في العصر الحالي، بالإضافة إلى اختراعات علمية لم يصل إليها الإنسان بعد؛ وبذلك يحافظ المسلسل على جماليات الكوميكس ويقدمها بصيغة معاصرة رغم تقادم الزمن.
وفي الجزء الثاني من المسلسل، يرتفع النسق بشكل ملحوظ بعد أن يتخلى العمل عن عشوائية السياق المنفصل- المتصل على حساب قضية مركزية واحدة، وذلك مع ظهور شخصية البطل المضاد الجديد "غالفان"، الذي يجمع بشخصه عوالم السلطة والأسطورة والمافيا؛ وفي الجزء الثاني أيضاً تبدأ الأسطورة باقتحام حياة "بروس وين" لتمتزج بدوافعه النفسية بغية تكوين شخصية البطل الخارق، وهو الأمر الذي يتم التركيز عليه بشكل أكبر في الجزأين الثالث والرابع، مع ظهور محكمة البوم وشخصية "رأس الغول".
ورغم أن الكتابة في الأزمنة الماضية لشخصيات لها تاريخ درامي عريق سيفرض عدة عوائق، كضرورة المحافظة على هذه الشخصيات وعدم قتلها أو تشويهها، إلا أن المسلسل يستفيد من الخيال العلمي ليتخطى كل هذه العوائق وليرسم النهايات الدرامية الملائمة والمشبعة في جميع أجزائه؛ ففي كل جزء تموت عدة شخصيات رئيسية كالـ"جوكر" و"ريدلر" و"باربرا كين" و"آيفي"، وتتشوه شخصيات أخرى كـ"بوتش" و"تابيثا"، ولكن يستفيد المسلسل من الخيال ليحيي هذه الشخصيات ويعيدها إلى الحياة، لتصل بكامل طاقتها إلى زمن الكوميكس الأصلي، بالاستفادة من شخصية "دكتور سترنغ" الذي يحيي الموتى والمستنقع والنباتات الغريبة الذي يهب الحياة وأسطورة رأس الغول.
اقــرأ أيضاً
ولا يكتفي المسلسل بتهيئة المدينة لاستقبال البطل الخارق، واستعراض كيفية تحول "بروس وين" إلى "بات مان"، بل إن المسلسل يقوم بانتقاد أسطورة "بات مان" وشخصية البطل الخارق الملياردير، وتقوم بتحميله جزءاً كبيراً من مسؤولية المأساة التي تحل بالمدينة؛ فـ"بروس وين" هو الملياردير الصغير الذي يملك أكثر من نصف المدينة، وبأمواله يتم تصنيع الدمار وتمويل الشر، وكأن كل ما يحصل في المدينة من مآس هو لعبة يحركها طفل غني من دون وعي، وسيقوم هذا الطفل بالنهاية بارتداء ثوب البطل الخارق ليلعب دور المنقذ أمام ضحاياه، بعد سنوات من الإحساس بالذنب! وأسوأ ما في الأمر أن "بروس وين" يستمرئ دور الضحية، ويختار أن يبقى في "غوثام" وعدم العودة إلى حياته المسالمة في قصره في سويسرا، التي نشأ بها، ويسعى جاهداً إلى لعب دور البطل الخارق، ويأتي ذلك على حساب علاقاته الإنسانية بخادمه ومربيه "ألفريد" وصديقته الوحيدة "سيلينا" (كات وومان)، التي يقوم بالتخلي عنها في نهاية الجزء الرابع، ويذهب إلى المدينة المدمرة ليمارس دور البطل متخلياً عن وعوده.
ومن خلال شخصية "بروس وين"، والتحالفات التي يعقدها رجال الشرطة مع رجال المافيات، كالتحالف الغريب بين "البطريق" و"جيمس غوردن"، فإن الخطوط الفاصلة بين الخير والشر تتلاشى، ويصعب بالكثير من اللحظات إيجاد شخصية تجسد الخير المطلق؛ وعلى العكس من ذلك، فهناك عشرات الشخصيات التي تجسد الشر المطلق في المسلسل، وتمارس الشر من أجل الشر وتستمتع بذلك.
ولم يتبق من المسلسل سوى جزء واحد، حيث تم الإعلان مع نهاية الجزء الرابع أن الجزء الخامس الذي سيعرض في بداية العام القادم هو الجزء الأخير، وفيه سيتم التركيز على تحول "بروس وين" إلى "بات مان"، وسينتهي المسلسل بزمن افتراضي يسبق أحداث سلسلة "بات مان" التي نشرت في "دي سي كوميكس".
الغوص بماضي شخصيات الكوميكس: "باتمان، و"الجوكر"، و"البطريق"، و"ريدلر" وغيرها، بدا كمجازفة منذ البداية، الأمر الذي دفع صناع المسلسل في الجزء الأول منه للجوء إلى الحبكة البوليسية في سياق منفصل متصل، يقدم في كل حلقة جريمة جديدة، يقوم بها مجرم، قد يكون غير مستوحى من الكوميكس، يحقق بها بطل الجزء الأول "جيمس غوردن"، ويحرك الأحداث البطل المضاد "البطريق"، الذي يلجأ للدسائس والمكائد للوصول إلى أعلى مركز في عالم الجريمة، في المدينة التي لاتزال تعيش حالةً من التوازن، بسبب الاتفاقات السرية بين رجال الشرطة وكبير العالم السفلي، "الدون فالكون"، من دون أن يغفل المسلسل بناء شخصية باتمان؛ فالمسلسل يبدأ من اللحظة التي يتعرف فيها باتمان أو "بروس وين" إلى عالم الجريمة، حيث يكون شاهداً على مقتل والديه، فيقف وجهاً لوجه أمام القاتل عاجزاً من دون حراك، لتشكل تلك اللحظة الدافع النفسي وراء ولادة شخصية البطل (المنقذ).
ربما أكثر الأمور الجذابة في المسلسل هو فضاء مدينة غوثام، الذي يبدو نسيجاً غير متجانس من الحاضر وكلاسيكيات الماضي وجماليات الخيال العلمي المستقبلية، ويعود ذلك إلى كون طبيعة الكوميكس التي يستند إليها المسلسل، والتي تنتمي إلى نمط الخيال العلمي، والزمن الذي كتبت فيه، أيام الحرب العالمية الثانية؛ وذلك ما يفسر وجود سيارات من الطراز الكلاسيكي مع الهواتف الذكية التي نستخدمها في العصر الحالي، بالإضافة إلى اختراعات علمية لم يصل إليها الإنسان بعد؛ وبذلك يحافظ المسلسل على جماليات الكوميكس ويقدمها بصيغة معاصرة رغم تقادم الزمن.
وفي الجزء الثاني من المسلسل، يرتفع النسق بشكل ملحوظ بعد أن يتخلى العمل عن عشوائية السياق المنفصل- المتصل على حساب قضية مركزية واحدة، وذلك مع ظهور شخصية البطل المضاد الجديد "غالفان"، الذي يجمع بشخصه عوالم السلطة والأسطورة والمافيا؛ وفي الجزء الثاني أيضاً تبدأ الأسطورة باقتحام حياة "بروس وين" لتمتزج بدوافعه النفسية بغية تكوين شخصية البطل الخارق، وهو الأمر الذي يتم التركيز عليه بشكل أكبر في الجزأين الثالث والرابع، مع ظهور محكمة البوم وشخصية "رأس الغول".
ورغم أن الكتابة في الأزمنة الماضية لشخصيات لها تاريخ درامي عريق سيفرض عدة عوائق، كضرورة المحافظة على هذه الشخصيات وعدم قتلها أو تشويهها، إلا أن المسلسل يستفيد من الخيال العلمي ليتخطى كل هذه العوائق وليرسم النهايات الدرامية الملائمة والمشبعة في جميع أجزائه؛ ففي كل جزء تموت عدة شخصيات رئيسية كالـ"جوكر" و"ريدلر" و"باربرا كين" و"آيفي"، وتتشوه شخصيات أخرى كـ"بوتش" و"تابيثا"، ولكن يستفيد المسلسل من الخيال ليحيي هذه الشخصيات ويعيدها إلى الحياة، لتصل بكامل طاقتها إلى زمن الكوميكس الأصلي، بالاستفادة من شخصية "دكتور سترنغ" الذي يحيي الموتى والمستنقع والنباتات الغريبة الذي يهب الحياة وأسطورة رأس الغول.
ولا يكتفي المسلسل بتهيئة المدينة لاستقبال البطل الخارق، واستعراض كيفية تحول "بروس وين" إلى "بات مان"، بل إن المسلسل يقوم بانتقاد أسطورة "بات مان" وشخصية البطل الخارق الملياردير، وتقوم بتحميله جزءاً كبيراً من مسؤولية المأساة التي تحل بالمدينة؛ فـ"بروس وين" هو الملياردير الصغير الذي يملك أكثر من نصف المدينة، وبأمواله يتم تصنيع الدمار وتمويل الشر، وكأن كل ما يحصل في المدينة من مآس هو لعبة يحركها طفل غني من دون وعي، وسيقوم هذا الطفل بالنهاية بارتداء ثوب البطل الخارق ليلعب دور المنقذ أمام ضحاياه، بعد سنوات من الإحساس بالذنب! وأسوأ ما في الأمر أن "بروس وين" يستمرئ دور الضحية، ويختار أن يبقى في "غوثام" وعدم العودة إلى حياته المسالمة في قصره في سويسرا، التي نشأ بها، ويسعى جاهداً إلى لعب دور البطل الخارق، ويأتي ذلك على حساب علاقاته الإنسانية بخادمه ومربيه "ألفريد" وصديقته الوحيدة "سيلينا" (كات وومان)، التي يقوم بالتخلي عنها في نهاية الجزء الرابع، ويذهب إلى المدينة المدمرة ليمارس دور البطل متخلياً عن وعوده.
ومن خلال شخصية "بروس وين"، والتحالفات التي يعقدها رجال الشرطة مع رجال المافيات، كالتحالف الغريب بين "البطريق" و"جيمس غوردن"، فإن الخطوط الفاصلة بين الخير والشر تتلاشى، ويصعب بالكثير من اللحظات إيجاد شخصية تجسد الخير المطلق؛ وعلى العكس من ذلك، فهناك عشرات الشخصيات التي تجسد الشر المطلق في المسلسل، وتمارس الشر من أجل الشر وتستمتع بذلك.
ولم يتبق من المسلسل سوى جزء واحد، حيث تم الإعلان مع نهاية الجزء الرابع أن الجزء الخامس الذي سيعرض في بداية العام القادم هو الجزء الأخير، وفيه سيتم التركيز على تحول "بروس وين" إلى "بات مان"، وسينتهي المسلسل بزمن افتراضي يسبق أحداث سلسلة "بات مان" التي نشرت في "دي سي كوميكس".