"الهيبة": أين أنتِ يا عليا؟

10 مايو 2019
نادين نجيم بطلة الجزء الاول (فيسبوك)
+ الخط -
من الحلقة الأولى في الجزء الثالث من مسلسل "الهيبة"، الذي حمل عنوان "الهيبة: الحصاد"، يلاحظ المشاهد أن هناك فجوة كبيرة في الأحداث ما بين الجزأين الأول والثالث، الذي من المفترض أن يكون امتداداً له؛ أي تبدأ أحداثه مباشرةً بعد نهاية الجزء الأول، إذ إن صناع العمل كانوا قد خصصوا الجزء الثاني (الهيبة: العودة) للغوص في حقبة زمنية ماضية، تسبق أحداث الجزء الأول.

تبدو المشكلة الأساسية في العمل هي التحايل على الأحداث لإلغاء شخصية محورية، وهي "عليا" التي أدتها نادين نجيم، بسبب رفضها الاستمرار في المشاركة بأجزاء جديدة من مسلسل "الهيبة" بعد انتهاء الأول. لذلك، لجؤوا في الجزء الثاني إلى خيار العودة إلى الماضي الذي يسبق وجود "عليا" في الهيبة، وكان ذلك منطقياً.

في حين أن صناع العمل ارتكبوا هفوات درامية كبيرة لتبرير غياب نادين نجيم عن الجزء الثالث، فقاموا باستكمال الأحداث من دون مراعاة ما حدث في نهاية الجزء الأول، فبدت الحلقة الأولى من الجزء الثالث غير منطقية وغير متصلة ومترابطة مع ما حدث من قبل.

نرى "عليا" في نهاية الجزء الأول تحارب مع "جبل" (تيم حسن) وتفضل البقاء مع ابنها في قرية الهيبة على السّفر. يمر الوقت، وتنجب من "جبل" طفلاً اسمه "عادل". كل هذه الخاتمة يتخلى عنها صناع العمل، ليبدأ الجزء الثالث بسرد باقي الشخصيات حكاية عن هروب عليا مع ابنها إلى كندا من دون ذكر أي وجود لابنها الثاني الذي كان ثمرة زواجها من "جبل"، فيأمرالأخير محاميه بإرسال ورقة طلاقه عقاباً لها على ما فعلته.
لا تنحصر المشاكل بتبرير غياب شخصية "عليا"، بل يبدو أن الأحداث غير المنطقية تطاول كافة الشخصيات الرئيسية، فبعد موت شخصية "شاهين" (عبدو شاهين) نتيجة إصابته برصاصة واحدة من أحد حراس "جبل"، لاعتقاده بأنه يوجه سلاحه لقتل "صخر" (أويس مخللاتي)، يعود صناع العمل إلى إحياء الشخصية في الجزء الثالث، وتبدأ الأحداث بعد مشهد قتله مباشرةً متناسين كل ما حدث بعده في الحلقة الأخيرة من الجزء الأول؛ بل إن حدث قتل "شاهين" تتم فبركته وإعادة إنتاجه، ليكون "جبل" هو من قام بقتله بنفسه، ولتتغير ردود فعل أهالي الضيعة حول مقتل شاهين، فيواجه "جبل" انقلابات عشائرية عديدة في منطقته نتيجةً لانتشار الخبر، رغم أن العشائر تحكم بالإجماع على قتل "شاهين" أو نفيه لاعتباره خائناً في الجزء الأول من المسلسل.

هذه اللامنطقية يحاول صناع العمل تبريرها وترسيخها من خلال الاستفادة من مقطع تمثيلي واحد لنادين نجيم، يعود للجزء الأول، حيث يتم إدراج مشهد مقتطع من الحلقة الأخيرة (الدقيقة 26) من المسلسل بجزئه الأول وإدراجها في الحلقة الأولى من الجزء الثالث، وهو مشهد يجمع نادين نجيم وتيم حسن، حيث يطلب "جبل" من "عليا" السفر مع ابنها خوفاً عليهما، ليكون المشهد بمثابة وثيقة تؤكد للمشاهد بأن هناك اتصالا بين أحداث هذا الجزء مع سابقه، مع العلم بأن المشهد المقتطع من الجزء الأول له تتمة مغايرة لما يجري، حيث ترفض "عليا" التخلي عن "جبل" وتصر على البقاء في الهيبة.
هنا، نُشير إلى أن كاتب الجزء الجديد، باسم السلكا، لم يشارك في كتابة الجزء الأول، الذي كتبه هوزان عكو، علماً أنهما الكاتبان اللذان اجتمعا لكتابة الجزء الثاني من العمل. يبدو لوهلة أن السلكا يهمش ويتجاهل كل ما بناه عكو من خطوط درامية في الجزء الأول، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال شخصية "منى" (رزينا لاذقاني)، ففي الجزء الأول يُقتل "شاهين" أمام عينيها من دون أن تبدي أي ردة فعل وإنما تظل تعاني من ظلال حبها لزوجها، أما في الجزء الثالث فتقوم منى بأخذ مسدس لقتل أخيها واتهامه بقتل "شاهين".

يبني الكاتب ردة فعل شخصية منى على خط درامي قام ببنائه في الجزء الثاني، وهو علاقة الحب التي كانت تجمع بين شخصيتي "منى" و"شاهين" في الماضي، ويتجاهل بشكل كامل الخطوط الدرامية المتباعدة للشخصيتين في الجزء الأول.
المساهمون