وقال مؤلف قصة الفيلم وكاتب السيناريو "لا أجد متعة في ذلك". وأضاف "أفكر في حزن الآلاف من الأشخاص الذين فقدوا أحبتهم ووظائفهم ولا يزالون يعيشون في خوف".
يروي فيلم "فيفر" قصة صمود رجل وابنه في جنوب أفريقيا المقفر بعدما قضى فيروس على 95 في المائة من سكان العالم. وبعد أربع سنوات، أصبحت أوجه التشابه بين قصة فيلم "فيفر" ووباء "كوفيد ــ 19" مخيفة، إذ إن فيروس كورونا ينتقل من الحيوانات إلى البشر، وينتشر في أنحاء العالم. وفي السيناريو، تغلق الحدود وتصبح الشخصيات المشاركة في الفيلم أكثر حذراً، مع تحكم غرائز البقاء في الناجين.
وقال ماير (61 عاماً) في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، عبر الهاتف من منزله في مدينة ستيلينبوش الجنوب أفريقية، إن "(فيفر) كان تتويجاً للعديد من المشاعر والمخاوف والكثير من القراءات". وأضاف "لطالما أحببت الروايات الخيالية لما بعد نهاية العالم، وقرأت هذا النوع الأدبي بشكل مكثف عندما كنت في العشرينيات والثلاثينيات من العمر". وتابع "عندما أصبحت أكثر وعياً بالتغير المناخي وإيبولا وإنفلونزا الطيور (إتش 5 إن 1) عام 1996 وإنفلونزا الخنازير (إتش 1 إن 1) في الفترة 2009 ــ 2010 لم أستطع إلا أن أفكر في أننا نعيش في عالم حيث نهايته تعتبر احتمالاً".
أصبحت هذه المخاوف مصدر إلهام عام 2012، خلال رحلة عودة إلى الديار من نيويورك. وروى ماير "اشتريت مجموعة من القصص القصيرة، وقرأتها في الطائرة. كانت إحداها تتناول موضوع ما بعد نهاية العالم، وجعلتني أفكر في اتجاهات أخرى محتملة كان يمكن أن يتخذها المؤلف".
وفي الوقت الذي هبطت فيه الطائرة في كايب تاون، بدأت قصة "فيفر" تتشكل في رأسه. وخلال السنوات الثلاث التالية، جمع الصحافي السابق معلومات علمية لإدخالها إلى السيناريو الخاص به. وأوضح ماير "كنت في حاجة إلى قتل 95 في المائة من سكان العالم مع ترك البنى التحتية سليمة. وقد بدا أن الفيروس هو الخيار المثالي". وأدت ساعات من المشاورات مع اثنين من خبراء علم الفيروسات إلى "أفضل مرشح" للمهمة، وهو فيروس من عائلة كورونا. وقال ماير "لقد أعطياني تفاصيل كاملة عن طريقة حدوث ذلك". وجسد سيناريو الثلاثي الخيالي في صفحات الرواية.
وكتب ماير "يستلقي رجل في مكان ما في أفريقيا المدارية تحت شجرة مانغا. كانت مناعته منخفضة، لأنه مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية ولم يكن يتلقى علاجاً له. وكان في دم الرجل أحد فيروسات كورونا". وتابع "في شجرة المانغا كان هناك خفاش، مع نوع مختلف من فيروس كورونا في دمه. واحد يمكن أن يصيب الآخرين بسهولة عند استنشاقه، مع القدرة على جعلهم مرضى للغاية".
عندما كشف عن الإصابات الأولى بفيروس كورونا في الصين، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اعترف ماير بأنه راجع كتاباته في حالة صدمة. وجاء في مقتطف آخر من رواية "فيفر": "حتى معظم البلدان النامية لديها خطط واسعة النطاق لمعالجة مثل هذا الحادث". وتابع "من الناحية النظرية، كان ينبغي أن تعمل هذه الخطط. لكن الطبيعة لم تلتفت إلى النظريات...".
وفيما كان يشاهد أحداث فيروس كورونا في العالم الحقيقي، شعر ماير بأن معظم الحكومات استندت في ردودها إلى "نصيحة علمية جيدة". وقال لوكالة "فرانس برس": "حتى الآن، الأمور جيدة"، ملمحاً إلى كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، باعتباره أحد "الاستثناءات القليلة".
لكن الكاتب يخشى أيضا أن إلاغلاق قد يستمر أشهراً، وتساءل "إلى متى سيكون الناس قادرين على اعتبار المصلحة العامة أهم من نجاتهم ومن نجاة أسرهم؟". تكافح الدول الفقيرة، بما فيها جنوب أفريقيا، لإبقاء المواطنين في المنزل، ومعظم هؤلاء يعملون في أعمال غير رسمية.
في "فيفر"، يتحول هذا النضال إلى حرب شاملة بين الناجين تحت مراقبة مجموعة صغيرة من البشر الذين صمموا الفيروس. وتدور نظريات مؤامرة مماثلة في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، زاعمة أن الوباء من صنع الإنسان. وأمل ماير في ألا توفر روايته الوقود الذي يعزز اقتناع مصدقي تلك النظريات.
ومع دخول جنوب أفريقيا في الأسبوع الرابع من الإغلاق واستمرار انتشار فيروس كورونا المستجد، عرف ماير ما سيكون مشروعه التالي. وقال "رواية عن جريمة تدور أحداثها خلال مرحلة الإغلاق".
(فرانس برس)