دور العرض... السينما تعود بحذر

09 يونيو 2020
توجهت دول إلى عرض أفلام في الهواء الطلق (Getty)
+ الخط -
تعود صالات العروض السينمائية في العديد من الدول حول العالم، لتفتح أبوابها من جديد تدريجيًا، بعد أشهر من العزلة الاجتماعية والحجر المنزلي اللذين فرضتهما حكومات هذه الدول للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد والتخفيف من وطأة الإصابات التي بدأت تتراجع نسبيًا في الأسابيع الأخيرة.

خطوات الرفع التدريجي لتدابير الحجر التي أقرتها حكومات الدول الموبوءة، والتي حملت شروطاً حازمة تلزم التقيد بمعايير الحماية والنظافة والتعقيم ومسافات التباعد، في سبيل عودة النشاطات التجارية والفنية والثقافية، جعلت شركات الإنتاج والتوزيع السينمائي في الأسواق العالمية تتنفس الصعداء، بعد أن منيت بخسارات فادحة، إثر إغلاق المسارح ودور السينما، وإيقاف المهرجانات السينمائية ومهمات التصوير لعدد كبير من الإنتاجات. وهو ما دفع بعضها إلى تأجيل أعمالها المنتهية التي كان يفترض إصدارها في الأشهر الماضية، إلى أواخر العام الحالي، أو بداية العام الذي يليه، مثل فيلم "NO TIME TO DIE" وفيلم "TENET" و" VENOM 2" و"MOLAN" وغيرها من الأفلام المهمة المنتظرة، وذلك بغية عدم التفريط بها وتسليمها لمنصات البث التدفقي، كما فعلت بعض الشركات في أميركا والهند وبريطانيا، إضافة إلى كسب وقت أكبر لمعرفة الأحوال التي ستؤول إليها جهود الطب والعلم في كبح جماح الوباء في الأشهر المقبلة، معتبرة أن هذا التأجيل سيمنح الدعاية والترويج للأفلام المنتظرة مساحة أكبر لتشويق الجمهور المنعزل المتعطش لعودة الحياة الطبيعية كما كانت عليها، ما يرفع سقف الطلب على شراء التذاكر، بعد فترة غياب طويلة أُبعِد فيها عن ممارسة نشاطاته وتواصله مع العالم الخارجي.
دول مثل اليابان (ثالث أكبر سوق شباك تذاكر في العالم بعد أميركا والصين)، شرعت منذ منتصف شهر مايو/ أيار الماضي في فتح دور السينما في عدد من مقاطعاتها الأقل تأثرًا بوباء كورونا. منها شركتا "توهو سينما" التي تملك أكبر سلسلة دور عرض سينمائي في اليابان، وسلسلة "أيون سينما كيوماجايا". وفي الأيام الأخيرة من الشهر نفسه، ووفقًا لما نقله موقع "يورو نيوز"، فتحت سينما "ميتنغ بوينت"، في العاصمة البوسنية سراييفو، أبوابها للمشاهدين لأول مرة وعرضت حينها فيلم "باراسايت" الحائز على جائزة الأوسكار.
وقد التزمت دور العرض آنفة الذكر بشروط السلامة التي وضعتها حكوماتها، إذ تقيد العاملون بوضع الكمامات وارتداء القفازات وفحص الزبائن قبل دخولهم إلى الصالات. وقد تم تقسيم الجمهور الذي لا يتجاوز عدده العشرين أو الثلاثين شخصًا، أمام إجمالي المقاعد الذي يتجاوز عددها المئات، وفرزهم إلى ثنائيات، في حال كانوا عائلات، وأفراد تفصل بين مقاعدهم مساحات متباعدة تصل إلى مترين أو ثلاثة أمتار. وبعد نهاية كل عرض، يقوم العاملون بجولة تعقيم كاملة للصالة لمدة لا تقل عن ربع ساعة، قبل دخول دفعة جديدة من المشاهدين، مع العلم أن عملية شراء التذاكر تجرى من خلال الإنترنت حصرًا.

في السياق ذاته، ارتأت عدة دول التوجه إلى "سينما السيارات"، وهي عبارة عن أفلام تعرض على شاشات كبيرة في الهواء الطلق، وذلك كخطوة أولى تمهد من خلالها لعودة الروح إلى دورها السينمائية بعد استطلاع النتائج المترتبة على مدى تقيد السكان بتعليمات الوقاية، من هذه الدول أميركا وألمانيا وروسيا واليونان وكوريا الجنوبية. وقد اشترطت جميع هذه الدول على القائمين والمنظمين لهذه العروض التقيد بإجراءات خاصة، منها شراء التذاكر إلكترونيًا وتطبيق قوانين التباعد بين صفوف العرض بشكل أفقي وعمودي وعدم تجاوز عدد المشاهدين لأكثر من شخصين في السيارة الواحدة فضلًا عن ارتداء الكمامات ومنع بيع الوجبات الخفيفة والمشروبات للمتفرجين داخل سياراتهم.
بينما أقرت دول أخرى في وقت سابق من الشهر الحالي، بشكل رسمي، مواعيد متقاربة تسمح لدور السينما في مناطق محددة داخل أراضيها بفتح أبوابها من جديد ضمن شروط وقائية متشابهة. ففي فرنسا، حددت الحكومة يوم الثاني والعشرين من شهر يوليو / تموز المقبل موعدًا لافتتاح صالات السينما.

وكذلك سارت بريطانيا على خطاها، إذ أعلنت سلسلة دور السينما البريطانية "سيني وورلد" عن افتتاح صالاتها بتاريخ الرابع من شهر يوليو/ تموز المقبل، تنفيذًا لتعليمات الحكومة التي ارتأت مباشرة خطتها في عودة الحياة تدريجيًا إلى الشارع ومراقبة النتائج التي ستؤول إليها هذه الخطة، وفي حال سارت الأمور بشكل إيجابي، سيتم عرض فيلم "tenet" للمخرج البريطاني الأميركي كريستوفر نولان بتاريخ السابع عشر من الشهر ذاته.
يتخوف كثير من المراقبين والنقاد العاملين في المجال السينمائي والإنتاجي من مزاجية الناس. فإن سارعت أعداد كبيرة للخروج من دائرة الحجر، للبحث عن وسائل الترفيه الحية خارج جدران المنازل، ستقابلها نسبة مماثلة تقريبًا ستخشى الانخراط الاجتماعي وكسر العزلة، لا سيما أن إجراءات التخفيف لا تعني قطعًا نهاية الفيروس، وهذا ما تعيه هذه الفئة تمامًا، لذلك توجهت بعض الاستديوهات وشركات الإنتاج، بعد وضع خطط تعيد ثقة الجماهير بالتدابير والخطوات الصحية والوقائية التي تعمل عليها صالات العرض الخاصة بها أو المتعاقدة معها، إلى منصات البث الرقمي، خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، بعد أن وجدت فيها منفذًا لتأجير أو بيع أعمالها السابقة منها والجديدة، أمام الإيقاع البطيء المتوقع لعودة سوق التذاكر إلى ما كان عليه قبل كوفيد 19. وذلك لتخفيف عبء الخسائر وضمان كسب القليل من الأرباح، ريثما تظهر نتائج المبيعات عند شبابيك التذاكر خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
دلالات
المساهمون