يسرا: شعرتُ بالتمزّق النفسي وأنا أمثّل

18 يوليو 2016
يسرا (العربي الجديد)
+ الخط -
غيَّرت الفنانة يسرا من جلدها تماماً من خلال مسلسلها الذي عُرض مُؤخَّراً، وحقَّق نجاحاً جماهيريّاً كبيراً في الماراثون الدرامي الرمضاني المنقضي، "فوق مستوى الشبهات". وتمرَّدت من خلاله على أدوار السيَّدة المثاليَّة، إلى سيَّدة شريرة تهوى الانتقام، ليس من أعدائها فحسب، بل ومن أصدقائها أيضاً.

"العربي الجديد"، التقت، يسرا، في هذا الحوار، لنتعرّف عن سبب هذا التحوّل الجذري في اختياراتها الفنية. بدايةً، قُمنا بسؤالها عن سبب هذا الخيار الجذري في "فوق مستوى الشبهات"، حيث أكّدت أنَّ الأمر لم يكن صعباً بقدر ما كان حلماً، "حيث وجدتُ نفسي أقدِّمُ شخصيَّة السيدة "الكيوت" الطيبة المثالية لسنوات طويلة، سواء في السينما أو التلفزيون. فقرَّرت فجأة أن أقف، وأقول: "لا كفاية". فتحدثت مع المنتج، جمال العدل، عن حلمي. وفي غضون فترة قليلة، وجدت النص يأتي لي على طبق من ذهب، ففكرة المسلسل نفسها هي ما أريده".

أمّا عن ردّة فعلها، حين تعرّفت على ملامح شخصيّتها المقبلة في النص، فأكّدت، يسرا، بأّنها لا تخفي أنها كَرهت شخصيّة "رحمة" في البداية، بسبب ما فيها من شرّ. "وقرّرت وتمنّيت أن يصل هذا الإحساس الذي شعرته إلى الجمهور. وهي معادلة صعبة جداً، أن تكره شخصاً، وفي نفس الوقت، تتعاطف معه. ولكن بصدقٍ شديد، يبدو أنَّ هذا الإحساس وصل إلى الجمهور، وهو ما لمحته في آرائهم في الشارع، ومواقع التواصل الاجتماعي. وقتها فقط، قلت لنفسي إني نجحت. فقرار أنك تريد إيصال إحساس ما للجمهور، وهو نفس إحساسك، هو قرار صعب، لكن الحمد لله تحقق".

وحول شخصيَّة "رحمة"، وإذا ما كانت تستحقُّ أنْ تكون بكلّ هذا الشر، ُرغم ما مرَّت به من ظروفٍ قاسية، تقول يسرا: "رحمة مرَّت في طفولتها، كما تمَّ استعراضه في المسلسل، بظروف صعبة، حيثُ إنَّ والدتها كانت تُفضِّل عليها شقيقتها وهي صغيرة، وهو إحساس غاية في الوجع والألم. وظروف أخرى عديدة، جعلتها تعمل طيلة حياتها على تأمين نفسها من غدر من حولها".


وجديرٌ بالذكر أنّ يسرا قدَّمت أعمالا سينمائيَّة وتلفزيونيَّة كثيرة. ولكن، يشكّل "فوق مستوى الشبهات" لديها حالة خاصّة، تقول في ذلك: "سعادتي بهذا العمل لا تُوصَف فعلاً. حيث أعتبره نقلة كبيرة جداً في حياتي الفنية. وكنت سعيدة بكل كلمة قيلت عني من النقاد والجمهور، فأسعدوني وأشعروني أن المجهود الكبير الذي بذلته في العمل لم يضِع هدراً".


كان المسلسل مرهقاً ليسرا من كل الجوانب، سواء الجسديَّة، حيث استمرار التصوير حتّى قبل نهاية شهر رمضان بيومين تقريباً، وكانت تقوم بالتصوير وهي صائمة. ولكنّ الإرهاق الأكبر، على حدّ تعبيرها، شعورها بالتمزّق النفسي لأنّها تأثّرت جدّاً بشخصيّة "رحمة". "وأوجعتني وشعرت بمرارة الشخصية، لأن هناك بالتأكيد شخصيّات حقيقية عاشت ظروفاً مشابهة".



وقدمتِ يسرا مع الفنان سيد رجب، في المسلسل، ثنائيَّاً رائعاً. وحول الآراء التي تقول بأنَّ نجوميّتها تأخّرت، تشير يسرا: "لا أوافق أبداً على ما يقال في هذا الصدد، فالله يكتب لكل شيء موعد حدوثه بأوانه. وكان من الممكن أن لا يكون سيّد بهذا القدر من الروعة في التمثيل، إذا ظهر وهو شاب صغير مثلاً، فلكلّ شيء ميعاد، وأنا كنت منبهرة، وأنا أصوِّر مشاهدي أمامه، فهو قمّة في الأداء التلقائي المعبر، ومدرسة في الفن. أنا نفسي تعلمت منها. فشخصية "عز" التي قدمها، كانت صعبة جداً وتحتوي على تناقضات كبيرة. ويكفي جمال آخر مشهد في العمل، وهو يقتل الإنسانة التي يحبها بيده، حيث يستحق على هذا المشهد الأوسكار، لأنه أثّر في الكثيرين. فصعب جداً أن يكون شخص مُحبّا إلى هذه الدرجة ولكن في نفس الوقت لن يعيش، طالما أنَّ الإنسانة التي يحبّها ستظل على قيد الحياة فقتلها، وهو يعشقها".

وعند سؤالنا عن أهم الشخصيّات التي أبهرتها بأدوارها في المسلسل، قالت يسرا: "كل من
شارك في المسلسل كانت شخصيته صعبة جداً، ومليئة بالأزمات النفسية. وهناك فنانون أعيد اكتشافهم من جديد في هذا المسلسل، وهذا شيء أسعدني، مثل الفنانة القديرة، ليلى عز العرب، التي جسدت شخصية "ماما عايدة" في العمل. وكذلك الفنانة، لطيفة فهمي، وهي حماة الفنانة نجلاء بدر ووالدة الفنان مراد مكرم في المسلسل. ولفت نظري، أنَّ الجمهور ظلّ يتساءل عن اسمها كثيراً، لأنّها مُقلّة في أعمالها جداً. وهذا إن دلَّ على شيء، فإنَّما يدلّ أنّها تركت أثرًا طيبّاً لدى الجمهور، فكانت صاحبة أفضل خلطة انتقام في العمل".

قدَّمت، يسرا، المسلسل مع المخرج، هاني خليفة، وهي أوَّل تجربة تلفزيونيَّة له. وحول إذا ما كانت تخشى التجربة، تضيف: "لا على الإطلاق، بل كنت أشعر أنني في أيدٍ أمينة، وتجارب هاني السينمائية هي شهادة تعريفه لي، فهو مخرج موهوب، واكتشف بداخلي مناطق كانت مجهولة ليس بالنسبة للآخرين فقط، بل بالنسبة لي أنا شخصيّاً".


وكان مشهد وفاة والدة يسرا في المسلسل مؤثِّراً، وحقق نسب تعليق عاليّة على التويتر، تقول في ذلك: "أنا كنت أبكي من كل قلبي في هذا المشهد، لأنّه مشهد أوجعني جداً، وتذكَّرتُ أثناء تجسيدي له مشهد وفاة خالتي في الحقيقة، لأني كنت أرتبط بها ارتباطا كبيراً، فكانت بمثابة أمي، لهذا وصل المشهد بمصداقية شديدة إلى الجمهور".


وبسبب تعقيد الدور التي تمثَّله يسرا، قامت بالاستعانة بطبيب نفسي أثناء أداء الشخصيّة. "كان الطبيب يلازمنا بشكل دائمٍ، لأنّ كل الأدوار في المسلسل تعاني من أزمات نفسية، وكنا بحاجة للتعرف على طرق الانفعال في بعض المشاهد".


المساهمون