هل يؤثر الاتفاق النووي سلباً على الاقتصادات العربية؟

15 ابريل 2015
من اليمين زياد عبد الصمد وبشرى رحموني(العربي الجديد)
+ الخط -

تترقب الدول العربية نتائج الاتفاق المبدئي بين إيران والغرب باهتمام بالغ. والسؤال هل ستتأثر الاقتصادات العربية به؟ المواقف تتأرجح بين من يرى خطورة، فيما آخرون يعتبرونه محفزاً.

زياد عبد الصمد: خطر على الدول العربية
طرح المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد، فرضيتان لتأثير الاتفاق النووي بين إيران ودول الغرب، على الاقتصاديات العربية. وقال عبد الصمد في تصريح إلى "العربي الجديد"، إن الفرضية الأولى تقوم على احتمال انتهاء الاتفاق بتسوية سياسية شاملة، تؤدي إلى تقاسم النفوذ في المنطقة، لإن ذلك سيؤدي من وجهة نظره إلى انفراجات نسبية تساهم في تعزيز الاستثمارات التبادلات التجارية بين دول المنطقة، والأكيد أن هذا الوضع، سيطلق عجلة الإنتاج المتوقفة، خاصة في القطاعات البعيدة عن الاستثمار في الطاقة.

أما الفرضية الثانية بحسب زياد عبد الصمد فهي عدم التوافق على حل شامل، واستمرار التوتر بين الدول الغربية وإيران، ما ينعكس سلباً على اقتصادات المنطقة. وأوضح عبد الصمد أن الاتفاق غير منجز على أرض الواقع، لم يؤخذ بعين الاعتبار، مصالح الدول في المنطقة، وخاصة دول الخليج العربي وتركيا". وقال المتحدث ذاته، إن الصيغة الأخيرة للاتفاق، سوف تؤدي إلى المزيد من الصراعات، وترفع من حجم الإنفاق على التسليح على حساب التنمية الاقتصادية.

وشدد عبد الصمد على أن الدول العربية ملزمة بالدفع نحو صيغة معينة غير الإبقاء على الوضع كما هو اليوم، وعدم الاتجاه نحو تغيير جذري لمصلحة إيران في المنطقة فقط، لأن الخيار الثاني وإن اعتمد، فالأكيد سيكون له آثار سلبية على الدول العربية، خاصة أن الانفتاح الإيراني على الغرب، سيمكنها من استقطاب الاستثمارات الأجنبية التي هي في أمس الحاجة إليها، كما سيعزز منافسة الاقتصاد الإيراني دولياً، ويمنح منتوجاته النفطية القدرة للدخول في الأسواق العالمية.

من جهة أخرى، أوضح المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، أن الاتفاق الشامل وحده المخرج لكي تتجنب الاقتصادات العربية ضربات موجعة في المستقبل وتتحمل التغيرات التي سوف تطرأ. وأضاف: أرى أنه لا بد من الحوار الذي لا يشمل جميع الأطراف، لأنه وحده المخرج من الأزمة. يجب إتمام التسوية، ولكي تكون في مصلحة الجميع، وتكون لها آثار على أرض الواقع، يجب كذلك إدماج دول الخليج ومراعاة مصالحها السياسية والاقتصادية في المنطقة، وعدم إتمام الاتفاق يعني ضمنيا استمرار الصراع، على أن تكون اليمن ضمن الصفقة، ومعها أمن الخليج عموما".

وخلص زياد عبد الصمد، في تصريحه إلى "العربي الجديد"، إلى أن الخروج بصيغة الاتفاق الحالية، أو عدم إتمامه بالشروط التي ذكرها سلفا، سوف يؤثر على الاقتصاد والاستثمارات بشكل عام. وخص المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية بالذكر مستقبل إعادة إعمار اليمن، سورية، والعراق، وما يتطلب ذلك من أموال ضخمة لن يستطيع طرف تحملها وحدها، خاصة البنى التحتية والمؤسسات والشركات الطاقية، التي تضررت كثيرا بفعل استهدافها أثناء الحروب التي تشهدها تلك الدول.

إلى ذلك، استدرك عبد الصمد مسألة الخلل التي سيصيب الاستثمارات المنتجة في قطاعات مثل الصناعة والزراعة، والتي لا يمكن لها أن تنشط من دون استقرار أمني وسياسي، وتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف، وذلك ما يعني بحسبه، بروز مشاكل اجتماعية مستقبلا داخل كيانات الدول المتصارعة، وبروز اختلالات داخل مجتمعاته، بسبب الإنفاق على متطلبات الصراع (التسليح)، عوض الإنفاق على المتطلبات التنموية والاجتماعية، وتشجيع مناخ استثماري منتج وقادر على المنافسة أمام كيانات تتحرك اليوم وفق مصالح مشتركة تضم أكثر من دولة.

بشرى رحموني بنحيدة: يقوي تنافسية الاقتصاد
اعتبرت الخبيرة الجيو-اقتصادية بشرى رحموني بنحيدة، أن الاتفاق النووي بين جمهورية إيران والدول الغربية، كما له سلبيات على المدى القريب، له إيجابيات على المديين المتوسط والبعيد. وفسرت موقفها هذا في تصريح لـ "العربي الجديد"، بأن الاتفاق "يعد تحفيزا للدول العربية من أجل البحث عن موقع متقدم في المنطقة، عبر تعزيز اقتصاداتها بعيداً عن الاستثمارات الطاقية".

وأوضحت مديرة مركز تكوين الأطر الاقتصادية التابع للجامعة الدولية "الأخوين"، أن دخول إيران معترك السوق بفضل اتفاقها مع الدول الغربية، والذي سيفرز لا محال اتفاقيات اقتصادية مع العديد من الدول، سيمنح الدول العربية، فرصة لاقتناع بسرعة بضرورة تقوية تنافسيتها الاستثمارية والاقتصادية، وذلك عبر تحسين أدائها، الذي سيفرضه الأمر الواقع، أمام دولة ستبحث عن جميع الفرص الممكنة للاستفادة من انفتاحها على العالم، وانفتاح هذا الأخير عليها.

وأضافت بنحيدة، أن قانون السوق لا يهتم بالتوازنات السياسية، وما يتحكم فيه هو الحاجة للمنتوجات والسلع، وفق العرض والطلب، لذلك، فإن جميع الدول سوف تتجه نحو البحث عن أرخص الفرص الممكنة، ومن بينها شراء النفط الإيراني. وزادت المتحدثة ذاتها، أن ما شهدته أسواق النفط مؤخرا، أظهر قدرة السعودية على التحكم في الأسعار الدولية سوف يصبح أمرا متجاوزا، لكنه من وجهة نظرها مفيد، وعامل محفز على التوجه نحو الاستثمارات المنتجة، وتوظيف أرباح النفط في النهوض بالاقتصاد.

وذهبت مديرة مركز تكوين الأطر الاقتصادية، حد القول، إن القوانين الاستراتيجية في الاقتصاد تحمل مفهوما مهما يجب الانتباه إليه، وهو مفهوم "المفاجأة الاستراتيجية"، وأعطت المثال بالزيارة الأخيرة التي قادت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إيران، وتوقيعه على ثماني اتفاقيات اقتصادية مهمة، رغم موقف بلاده الرسمي الداعم لعملية "عاصفة الحزم" في اليمن ضد جماعة "الحوثيين". وقالت بشرى رحموني بنحيدة، إن "المفاجأة الاستراتيجية" هنا، تتمثل في فهم ساسة تركيا الدور الاقتصادي المهم الذي ستلعبه إيران مستقبلا، إذا ما تم التوصل نهائيا لاتفاق ينهي أزمة العالم الغربي مع إيران بخصوص برنامجها النووي. وزادت الخبيرة رحموني، أن الدول العربية أمام فرصة ثانية مهمة، وهي الاستفادة مستقبلا من خبرة إيران في الطاقة النووية، خاصة الموجهة للاستعمالات السلمية، ومن بينها إنتاج الطاقة الكهربائية وغيرها بأقل كلفة ممكنة.

إقرأ أيضا: كيف تقتحم عالم الوساطة العقارية في الوطن العربي؟

المساهمون