هل تستطيع الدول العربية تحقيق معدلات النمو المتوقعة؟

06 مايو 2015
من اليمين صورة مراد الحطاب وإدريس إيفينا (العربي الجديد)
+ الخط -

في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعصف بمعظم الدول العربية، كيف ستكون نسب النمو؟ تختلف آراء خبراء الاقتصاد حول مقدرة هذه الدول على تحقيق معدلات نمو من عدمه.

إدريس إيفينا: نمو مدفوع بانخفاض الطاقة

توقع الخبير الاقتصادي لدى مجموعة البنك الدولي إدريس إيفينا، أن تحقق مجموعة من الدول العربية نسب النمو الاقتصادي المتوقعة خلال إقرار موازناتها للعام الحالي. وميز الخبير إيفينا في تصريحه لـ "العربي الجديد"، بين الدول التي استفادت وستستفيد بشكل كبير من الظروف الاقتصادية، وخاصة انخفاض كلفة الطاقة، والدول التي عانت من بعض الصعوبات في أدائها الاقتصادي بسبب نفس العامل.

وأورد الخبير لدى مجموعة البنك الدولي، أن دول المغرب، مصر، الأردن، وتونس كذلك، سوف تحقق نسب نمو مرتفعة وإن بأرقام متباينة. حيث توقع أن يحقق المغرب نسبة نمو تلامس الـ 5% وقد تتجاوزها، وذلك بفعل الموسم الزراعي الجيد لهذا العام، ومساعدة العوامل الخارجية للمملكة، من أجل ضخ استثمارات إنتاجية قوية. وقال إن الدول الأخرى، ورغم الصعوبات سوف تتجاوز حاجز 3% في نسبة النمو وصولاً إلى نسبة 4%.

وذكر المتحدث ذاته عن تونس، أن البلاد سوف تسفيد من استقرارها السياسي، وتوفرها على مؤسسات تعمل اليوم من أجل إعادة الثقة للاقتصاد التونسي. أما مصر فبرر إدريس توقعه لتحقيق الجمهورية لنسبة نمو مرتفعة، بطرحها للعديد من الإجراءات التي تشجع على دخول السوق المصرية، بالإضافة إلى الدعم الذي يوفره لها أكثر من طرف إقليمي.

وأوضح الخبير الاقتصادي إدريس إيفينا أن الدول التي تعتمد على تصدير المواد الطاقية، قد تواجه بعض الصعوبات في نسب النمو الاقتصادية، ولكن يرى المتحدث ذاته، أن مراجعة ميزانياتها تجاه العديد من القطاعات قد يحسن أداءها الاقتصادي، خلال النصف الثاني من السنة الجارية.

وأكد الخبير لدى مجموعة البنك الدولي، أن الدول العربية اليوم ملزمة بالعمل وفق الأرقام التي أعلنتها المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، لأنها ومن وجهة نظره، توفر أرضية جيدة تساهم في تحسين الأداء الاقتصادي وفق دراسات عميقة لواقع كل بلد.

إلى ذلك، قال الخبير إدريس إيفينا، إن نسب النمو المعلنة مع بداية العام الحالي تكون مرتبطة بشكل كبير بتقارير المؤسسات الدولية، ولفت الانتباه إلى أن ما ينتج عنها نتيجة معطيات تمنحها الدول بنفسها، وما تقدمه تلك المؤسسات في الأخيرة، ليس سوى نتيجة عمل خبراء وفق معايير صارمة، علمية ودقيقة.

وما يحصل من وجهة نظر إيفينا، هو أن بعض الدول تنهج سياسيات تقشفية تجاه قطاعات معينة، تضعف من خلالها مؤشرات النمو التي تتوفر في الأساس على مقومات رفعها، لذلك وحسب نفس المصدر، عليها السير في نفس النهج لتحقيق نسب النمو الاقتصادي المتوقعة.


مراد الحطاب: نسب النمو لن تفوق 3%

توقع الخبير الاقتصادي التونسي، مراد الحطاب، أن لا يكون أداء الاقتصادات العربية جيداً، كما أعلنت العديد من الحكومات، والتي توقعت أن تكون نسب النمو الاقتتصادي خلال العام الحالي في حدود 3 %.

وقال الخبير في مجال المخاطر الاقتصادية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الدول العربية تعاني من تضخم، وانحصار التوظيفات، سواء في القطاع العام أو الخاص، وأزمة عميقة في المجال التسويقي، بالإضافة إلى تراجع الاستثمارات المباشرة في القطاعات المنتجة، سواء بالنسبة لدول شمال أفريقيا أو الشرق الأوسط، بنسب تتراوح ما بين 10 و20%.

وأضاف الخبير الاقتصادي التونسي أنه وحتى استثمارات الطاقة، التي تعول عليها معظم الدول العربية، أضحت اليوم تخضع لمتغيرين، الأول يتمثل في بحث الشركات المنقبة عن النفط على الاستثمار بأقل كلفة ممكنة مع الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، وثانياً الابتعاد عن مناطق الثورات الأمنية وتعدد المخاطر الاقتصادية فيها.

لذلك، وحسب المتحدث ذاته، فإن أزمة أسعار النفط لا تزال مستمرة، والعديد من الشركات النفطية تتوجه نحو البحث عن فرص استثمارية في كل من بحر الشمال وخليج المكسيك نظرا للعوامل السابقة، فهذه المؤشرات، بحسب الحطاب، تنبئ بمعدلات نمو جد منخفضة حتى بالنسبة للدول البترولية في المنطقة العربية.

ولفت الخبير، مراد الحطاب، الانتباه إلى ضعف الأسواق المالية العربية في مواجهة الأزمات التي تواجه قطاع الطاقة، وارتباطها الوثيق بأداء الشركات العاملة فيه. ووصف الخطاب القطاع اليوم بـ"الضعيف والمتقهقر"، إذ إنه أظهر عجزاً على قدرته في تمويل مواجهة مخاطر الهزات الاقتصادية التي تواجه الأسواق العربية. وفي الصدد نفسه، أورد الخبير الاقتصادي التونسي غياب ثقافة تمويل جريئة ودعم للمشاريع من طرف المصارف العربية داخل العديد من الدول، حيث أن المستثمرين يجدون صعوبات في الاقتراض مما يقلص فرصهم الاستثمارية.

وشدد الحطاب على أن الدول العربية عجزت عن مواجهة هيمنة القطاعات غير المهيكلة على اقتصاداتها، والتي تستنزف الكثير من موارد الدولة ويستفيد المتحكمون فيها لوحدهم، كما تضيع عليها ملايين الدولارات كعائدات جبائية ومساهمة في تمويل صناديق التغطية الاجتماعية والصحية. وصرح الخبير الاقتصادي التونسي أن المؤسسات الدولية تقدر حجم نشاط القطاعات غير المهيكلة في دول مثل المغرب، تونس، الجزائر، والأردن بنسب تتجاوز في بعضها أزيد من 50% من النشاط الاقتصادي.

وذكر الحطاب، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، وجود عامل ثان مهم وأساسي سوف يحد من توقعات نسب النمو التي أعلنتها الدول العربية وكذلك المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، وهو الارتفاع غير المسبوق في ميزانيات التسلح لدى العديد من الدول العربية، وأورد أن من بينها من رفعت ميزانية تسلحها بـ 65% ما بين عام 2007 وحتى عام 2013، وأضاف أن المواجهات المسلحة، التي شهدتها وتشهدها المنطقة خلال العام الحالي، سترفع من قيمة ما تكلفه الجيوش العربية.

وشدد الحطاب على أن رفع ميزانية التسلح والدفاع يعني خفض ميزانيات الاستثمار والدعم الاجتماعي وتوفير فرص للشغل، خاصة وأن الأسلحة، التي بدأت تقتنيها الدول العربية، نوعية ومكلفة جداً. وخلص الخبير الاقتصادي التونسي، مراد الحطاب، في ختام تصريحه لـ"العربي الجديد"، إلى أن نسب النمو الاقتصادية في معظم الدول العربية لن تتجاوز في أحسن الأحوال 3%.

إقرأ أيضا: الأردن محاصر... الحروب تشل النشاط التجاري عبر الحدود

المساهمون