السعوديّة وأسعار النفط

06 مايو 2015
المستفيد الأكبر من انخفاض أسعار النفط هم المستهلكون (Getty)
+ الخط -
مرة أخرى ترعب أسواق النفط اقتصاديات الدول الريعية، وخصوصاً دول الخليج والسعودية والعراق وإيران، فليس هنالك بصيص أمل لارتفاع الأسعار والتي كنا ننتظر أن تتصاعد بعد الشهر السادس من العام 2015.

ما زالت مؤشرات استقرار السوق لصالح المنتجين غير واضحة، فإلى حد الآن لم نصل إلى درجة عودة النفط الإيراني والليبي إلى السوق العالمية بالكميات الاعتيادية، إذ إن إيران تنتظر صفقة كاملة، فيما ليبيا تعاني من الحرب.

وعليه، فإن المستفيد الأكبر من انخفاض أسعار النفط بلا شك هم المستهلكون، إذ من المرجح أن يساعد انخفاض سعر النفط في تحسين نمو اقتصادياتها.

إن أولى المؤشرات لعدم ارتفاع أسعار النفط، هو وفرة المعروض وضعف الطلب، وهو ما طغى على التعديلات في السعودية، إذ أعفى الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية السعودية، "أرامكو"، من منصبه، إضافة إلى تمسك المملكة العربية السعودية بنظرية السوق والسيطرة على الزبائن بين الترغيب في الحسومات، كما يحدث في السوق الأوروبية، وبين تقليل نسب الحسم وليس خفض الإنتاج من قبل كبريات دول الأوبك المنتجة للنفط. وفي تعديل آخر، عُيّن الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو"، خالد الفالح، وزيراً للصحة، وأصبح رئيساً لمجلس إدارة "أرامكو"، وهو منصب كان يشغله من قبل وزير البترول علي النعيمي، وغالباً ما تؤثر التعديلات الداخلية في السعودية على أسعار النفط، نظراً إلى أن الاستقرار في المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، مهم لإمدادات المعروض العالمي.

وعلى أثر التغيّرات السياسية في الوظائف العامة لكبرى المنتجين (المملكة العربية السعودية)، نجد أن أسواق النفط في 29 نيسان/ ابريل من العام 2015 قد سجلت تراجعاً في سعر مزيج "برنت" الخام في العقود الآجلة 11 سنتاً إلى 64.53 دولاراً للبرميل، وانخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 13 سنتاً إلى 56.92 دولاراً للبرميل.

وأظهر مسح لوكالة "رويترز" حول آفاق معظم اقتصادات دول الخليج العربية الغنية لهذا العام والعام المقبل، بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة نسبياً.

من جهة أخرى، قلّص الإنفاق الحكومي الضخم والاستهلاك الفردي القوي تأثير هبوط إيرادات صادرات النفط. ورغم ذلك تم تجميد بعض مشروعات البناء والتنمية الاقتصادية، وهو ما يضعف النمو الاقتصادي.

ومن المتوقع الآن أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية 2.6% في 2015، كما ورد في المسح الذي أجرته "رويترز" في 29 نيسان الماضي، مقارنة مع العام الماضي، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي السعودي 3.6%. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 3% في 2016، مقابل توقعات سابقة بنمو قدره 3.2%.

وتشير البيانات المالية المراقبة لحركة النمو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن المملكة العربية السعودية بدأت بالفعل في اللجوء إلى احتياطياتها المالية في الخارج لتغطية عجز الموازنة، وتحوز المملكة احتياطيات ضخمة تمكّنها من مواصلة ذلك لأعوام عديدة. إن العالم مهتم جداً بالتغيّرات السياسية التي حدثت في المملكة العربية السعودية، والتي يراها بعض المحللين أنها تشكل زلزلاً في صناعة الطاقة في المملكة العربية السعودية، خصوصاً بعد أن تم تعيين خالد الفالح رئيساً جديداً لشركة "أرامكو" السعودية.

تنظر السياسة النفطية السعودية إلى المستقبل أكثر من الحاضر، وهو ما يعطي شركة "أرامكو" مرونة كبيرة في التضخم والنمو عبر إنشاء قسم الدمج والاستحواذ، في خطوة لإعادة هيكلة شركة "أرامكو" للتنافس مع نظرائها للتداول العام، في حين تلعب أسعار النفط العالمية والشركات الأخرى ذات القيم المنخفضة، دوراً في المشاركة معها في إدارة العمليات النفطية ورؤوس الأموال أو حتى العمل على الاستحواذ والاندماج داخل جسد شركة "أرامكو" خلال المستقبل القريب نتيجة لانخفاض الاستثمارات وانعكاساته على أسهم الشركات التي تحاول أن تندمج أو تنحل. وهنا فرصة شركة "أرامكو" في النمو والتوسّع في عالم الصناعة النفطية.
(خبير نفطي عراقي)

إقرأ أيضا: هل تستطيع الدول العربية تحقيق معدلات النمو المتوقعة؟
المساهمون