امحمّد إيسياخم... جزائري في جهنّم الرسم

17 يونيو 2020
(امحمّد إيسياخم)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السابع عشر من حزيران/ يونيو ذكرى ميلاد الفنّان التشكيلي ومصمّم الغرافيك الجزائري امحمّد إيسياخم (1928 - 1985).


كان على امحمّد إيسياخم أن ينتظر الأوّل مِن كانون الأول/ ديسمبر عام 1985، ليكتمل بورتريه حياته، عندما رحَل في ذلك التاريخ وهو في السابعة والخميسين من عمره متأثّراً بمرض السرطان، وهو الذي قضى عمره في رسم البورتريهات غير المكتملة التي شكّلت أبرز ثيماته الفنية.

وإيسياخم الذي عاش تجربةً تقترب من السوريالية والتكعيبية نظراً لتقلّباتها ومحطّاتها التراجيدية، ظلّ يرفض تصنيفه ضمن أيّة مدرسة أو تيار فنّي، وكان يقول: "يزعجني أن أُصنَّف مع الفنّانين التصويريّين، كما يزعجني أن أُصنَّف ضمن الفنّانين التجريديّين. أنا أقول لتبسيط الأمر إنني فنّان تعبيري".

وُلد إيسياخم، الذي تمرّ ذكرى ميلاده اليوم، عام 1928 في آث جنّاد قرب أزفّون في تيزي وزّو (شرقَي الجزائر العاصمة)، وعاش جزءاً كبيراً من طفولته في مدينة غليزان غرب الجزائر، والتي انتقلت عائلته للعيش فييها. وكان فقدُه والدته أبرز حدثٍ طبع طفولته، وقد كان له أثرٌ بالغ في أعماله التشكيلية التي كان لثيمة الأمومة حضور كبيرٌ فيها.

في العام 1943، وكان في الخامسة عشرة من عمره، عاش إيسياخم حدثاً تراجيدياً ثانياً حين انفجرت قنبلةٌ أخذها من معسكر لجيش الاحتلال الفرنسي، فأودت بحياة شقيقتيه وقريبٍ له وإصابته بجروح بالغة. بقى الطفل امحمّد طويلاً في المستشفى، واضطرّ الأطباء إلى بتر ذراعه اليُسرى، ليبدأ بعدها رحلته الفنية بذراع واحدة.

درَس الرسم على يد فنّان المنمنمات محمد راسم، قبل أن يسافر إلى فرنسا. وكان أوّل نجاحٍ فنّي يحقّقه عندما عُرضت لوحاته في "صالة أندريه موريس" بباريس عام 1951، وهو النجاح الذي قاده إلى دخول "المدرسة العليا للفنون الجميلة" في العاصمة الفرنسية عام 1953، ليعود بعدها إلى الجزائر؛ حيث عمل أستاذاً في "المدرسة الوطنية للفنون الجميلة" بالجزائر العاصمة، وشارك في تأسيس "الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية"، قبل أن يتولّى إدارة "مدرسة الفنون الجميلة" في مدينة وهران.

في تلك الفترة، شارك في العديد من المعارض التشكيلية في الجزائر وخارجها، وإضافةً إلى لوحاته "النخبوية"، أنجز أعمالاً يعرفها كثيرٌ من الجزائريّين دون أن يعرفوا من رسمها؛ من بينها لوحةٌ جصّية في مطار الجزائر سنة 1977، إضافةً إلى العديد من الأوراق النقدية والطوابع البريدية التي حملت توقيعه بين سنتَي 1965 و1982، وهي الفترة التي حاز فيها ميدالية ذهبيةً في "معرض الجزائر الدولي" سنة 1973، و"جائزة الأسد الذهبي لليونيسكو للفن الأفريقي" سنة 1980.

وكما جمعته صداقاتٌ مع عدّة كتّاب جزائريّين بارزين من جيله من بينهم كاتب ياسين، كان لإيسياخم علاقةٌ بالكتابة أيضاً، وقد ألّف كتاباً عن تجربته نُشر عام 1978 تحت عنوان "35 سنة في جهنّم رسّام".

المساهمون