ومع إنجاز البرلمان العراقي استحقاقاته الدستورية عبر انتخاب رئيس له هو محمد الحلبوسي ونائبين للرئيس هما حسن الكعبي وبشير الحداد، السبت الماضي، تتّجه الأنظار إلى الكتل الرئيسية الكردية التي من المقرّر أن تعقد اجتماعاً جديداً مساء اليوم الثلاثاء للاتفاق على اسم مرشّحها لرئاسة الجمهورية العراقية، وهو منصب تشريفي لا يحمل له الدستور الجديد الذي كتب عقب الاحتلال الأميركي عام 2003، أي امتيازات أو صلاحيات تنفيذية.
وأكّدت تسريبات من مصادر كردية في "الحزب الديمقراطي" على اطلاع بأجواء المفاوضات الجارية بين القوى الكردية بشأن منصب رئيس الجمهورية، أنّ أبرز الأسماء المرشحة لهذا المنصب هم "نائب رئيس الوزراء الأسبق برهم صالح، وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري، رئيس هيئة المستشارين في ديوان الرئاسة حالياً عبد اللطيف رشيد، رئيس وزراء إقليم كردستان حالياً نيجرفان البارزاني، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني، والقيادي في الاتحاد الكردستاني في السليمانية ملا بختيار".
ووفقاً للمصادر نفسها، فإنّ المنافسة بين الشخصيات "تتم حالياً من خلال صفقة بين حزب الاتحاد والحزب الديمقراطي، وترتبط بما سيحصل عليه كلّ حزب من مناصب داخل الإقليم، بعد الانتخابات المقرّرة نهاية الشهر الحالي". ولا يتوقّع أن يخضع المنصب لتجاذبات أو ضغوط خارجية أميركية أو إيرانية، كونه بدون صلاحيات.
في السياق، أكّد النائب في البرلمان العراقي، القيادي في "التحالف الكردستاني"، ماجد شنكالي، أنّ "المنافسة الأقوى الآن هي بين عبد اللطيف رشيد وملا بختيار"، لافتاً إلى أنّ "الحزبين الكرديين الرئيسيين في طور الاتفاق لتقديم مرشّح واحد للبرلمان لشغل منصب الرئاسة".
وأضاف أعتقد أنه سيكون هناك اتفاق قريب، وسيدخل الحزبان الكرديان للبرلمان بمرشّح واحد لرئاسة الجمهورية يوم 25 سبتمبر/أيلول الحالي".
وحول تشكيل الحكومة، قال شنكالي إنّ "إيران كسبت جولة رئاسة البرلمان، لذا ستكون هناك جولة صراع قوي جداً بين الأميركيين والإيرانيين على ترشيح شخصية مقبولة على الأقل بالنسبة لواشنطن لرئاسة مجلس الوزراء".
وفي السياق، تواصل القوى الشيعية اجتماعاتها للتوصل إلى مرشح توافقي لرئاسة الحكومة، لكن على نحو أكثر تعقيداً، وسط تسريبات أكّدت اتفاق القوى السياسية على أن يكون للمرجع علي السيستاني رأي في الاختيار. وهو اتفاق بطبيعة الحال أحادي، إذ لم يصدر عن مكتب السيستاني أي إشارة إلى قبول دخوله طرفاً لتقييم لأسماء المرشحين.
وأكّدت قيادات سياسية عراقية عدّة أنّ الحكومة لن تشكّل إلا من خلال اتفاق شراكة بين قائمتي "الفتح" و"سائرون" تحديداً، ولا يمكن لها أن تستمرّ من دون هذين الطرفين لاعتبارات معروفة مسبقاً بالنسبة للشارع العراقي؛ منها التهديدات التي صدرت عن كلا المعسكرين في هذا الشأن، وامتلاك الطرفين فصائل مسلحة تابعة لهما.
وفي هذا الإطار، كشف مسؤول عراقي بارز في بغداد، وأحد أعضاء تحالف "البناء" الذي يعتبر نوري المالكي وهادي العامري أبرز أقطابه ويصنّف ضمن المحور الإيراني المباشر في العراق، عن أنّ "الأسماء التي طرحت في اليومين الماضيين لشغل منصب رئيس الحكومة ما تزال قيد الدرس، والاختيار صعب، إذ يجب أن تكون الأسماء متوافقاً عليها داخلياً وإيرانياً، وأن تكون مقبولة أميركياً أيضاً".
ووفقاً للمسؤول نفسه، الذي تحدّث مع "العربي الجديد"، فإنّ أبرز الأسماء المتداولة بقوة هي "اسم وزير النفط السابق والمنسحب منذ سنوات من المجلس الإسلامي الأعلى، عادل عبد المهدي، واسم القائد البارز في معركة الموصل، الفريق عبد الوهاب الساعدي، واسم زعيم الحشد الشعبي المقال، فالح الفياض، فضلاً عن اسمي رئيس جهاز الاستخبارات، مصطفى الكاظمي، والوزير السابق وعضو مجلس الحكم المؤقت عام 2003 ــ 2004 علي عبد الأمير علاوي، المقيم منذ سنوات طويلة في لندن".
وأشار المسؤول إلى أنّ "هناك أسماء أخرى يجري تداولها غير تلك المذكورة من قبل الصدريين وزعامات في قائمة الفتح"، مؤكداً أنّ "أيّاً من المرشحين المطروحين لا ينتمي إلى حزب الدعوة، وهذا هو الاتفاق الذي يمكن اعتباره ناجزاً بين معسكري العامري والصدر حتى الآن".
بدوره، قال القيادي في تحالف "الفتح"، علي شكري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّه من المؤكّد أنّ "كلّ الأسماء الحالية لشغل منصب رئاسة الحكومة هي محل نقاش وتمحيص، بعضها صحيح وبعضها الآخر مجرّد تكهّنات من قبل وسائل الإعلام". ولفت إلى "الكتل السياسية لا تزال تتباحث الآن حول الشخص المناسب والذي تنطبق عليه ما حددته المرجعية الدينية من صفات يجب أن تتوفر في رئيس الوزراء المقبل، مثل ألا يكون مجرباً في السابق ويُشهد له بالنزاهة والحزم"، وفقاً لقوله.