افتتاح معبر القنيطرة: لفتة إسرائيلية لنظام الأسد

15 أكتوبر 2018
معبر القنيطرة مخصص لعبور جنود الأمم المتحدة(جلاء مارس/فرانس برس)
+ الخط -


من المقرر أن يفتتح رسمياً اليوم الإثنين معبر القنيطرة، الذي يعتبر صلة الوصل بين المناطق المحتلة والمحررة في هضبة الجولان السورية. الإعلان صدر عن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، التي كشفت أن إسرائيل والنظام السوري والأمم المتحدة اتفقوا على إعادة فتح معبر، للسماح لقوات حفظ السلام الدولية بتكثيف جهودها لمنع الأعمال العدائية في منطقة الجولان. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قد كشف، قبل نحو أسبوعين، عن استعداد إسرائيل لفتح المعبر الواقع بين الأراضي الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة وقوات النظام السوري والشرطة العسكرية الروسية من جهة أخرى.

وانتشرت الشرطة العسكرية الروسية في مطلع يوليو/ تموز الماضي في المنطقة المقابلة للمنطقة منزوعة السلاح التي تنتشر فيها قوات فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة (أندوف)، إذ ذكرت مصادر عسكرية روسية حينها أن الشرطة الروسية أقامت سبعة مراكز مراقبة في المنطقة. ومعبر القنيطرة بين إسرائيل وسورية مخصص لعبور جنود الأمم المتحدة الذي يقومون بمهامهم في المنطقة ضمن قوات "أندوف" لفض الاشتباك بين الجانبين السوري والإسرائيلي، بموجب اتفاق 1974 بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973. وعقب سيطرة فصائل المعارضة على أجزاء واسعة من مدينة القنيطرة في 2013 و2014 انسحب جنود الأمم المتحدة من المنطقة، وتوجهوا إلى إسرائيل. وأعلن في أغسطس/ آب الماضي أنهم سيعودون لمزاولة أعمالهم في الجانب السوري من الحدود بعد استعادة قوات النظام السيطرة على القنيطرة. ولا يتم فتح المعبر بشكل دائم، بل بين الحين والآخر، بناء على اتفاق بين الجانبين السوري والإسرائيلي بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة. كذلك يستخدم المعبر من جانب الطلبة السوريين الذين يعيشون في قرى الجولان السوري المحتل لمتابعة دراستهم في جامعة دمشق وبقية الجامعات السورية، بالإضافة إلى رجال الدين من الطائفة الدرزية الذين يعبرون الحدود بين شطري الجولان. وفي يوليو/ تموز 2013، عادت الدفعة الأخيرة من طلاب الجولان الذين يدرسون في الجامعات السورية، وتوقف منذ ذلك الوقت عبور الطلبة إلى الأراضي السورية، الذين كان عددهم يقدر بالمئات سنوياً اعتباراً من 1989. وكان النظام السوري يشجع طلاب الجولان المحتل على الدراسة في سورية، ويسهل لهم القبول في الجامعات السورية، ويقدم لهم مساعدات مالية للسكن أثناء الدراسة. كذلك كان يستخدم المعبر لتسويق بعض المنتجات الزراعية في الجولان المحتل، خصوصاً التفاح، باتجاه الأراضي السورية، إضافة إلى قضايا اجتماعية، مثل الزيجات التي تحصل بين شطري الجولان.

وقال ليبرمان أخيراً إن حكومته مستعدة للسماح بإعادة تصدير التفاح إلى سورية من جديد بعد افتتاح معبر القنيطرة الذي أغلق منذ مطلع 2012. ومنذ عام 2005 يساعد الصليب الأحمر الدولي مزارعي الجولان على بيع منتجاتهم من التفاح في سورية، الذي كانت حكومة النظام السوري تشتري نحو 20 في المائة من إجمالي محصوله، وتدفع ثمنه أكثر من الذي يحصل عليه المزارعون في السوق الإسرائيلية. وواظب مزارعو الجولان على الاحتفال في الثاني من مارس/ آذار من كل عام ببدء تصدير منتجاتهم من التفاح إلى سورية، الذي يقدر بآلاف الأطنان، حيث كانت عملية التصدير تستمر لأسابيع عدة بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي وتحت مراقبة الأمم المتحدة. وكثيراً ما ينتقل التفاح الجولاني من سورية إلى دول عربية أخرى، خصوصاً الأردن.



وكانت قوات النظام قد سيطرت على المنطقة في 26 يوليو/ تموز الماضي، بعد اتفاق مع قوات المعارضة هناك برعاية روسية، وتم رفع علم النظام على معبر القنيطرة. وقد بحث وزير دفاع النظام السوري، علي عبد الله أيوب، في منتصف أغسطس/ آب الماضي مع وفد عسكري أممي، بقيادة قائد قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك العاملة في مرتفعات الجولان والمسؤولة عن اتفاقية عام 1974، "آلية التنسيق المعتمدة بين الحكومة السورية وقيادة قوات الأمم المتحدة حول إعادة انتشار قوات الأمم المتحدة في منطقة الفصل وعلى طول خط وقف إطلاق النار وفق اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974"، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام.

ويرى مراقبون أن إعادة فتح المعبر يعتبر لفتة إسرائيلية تجاه النظام السوري، بأن إسرائيل باتت مستعدة لإعادة التعامل معه كما في السابق، بوصفه المسؤول عن حماية حدودها، وهو جوهر الموقف الإسرائيلي عملياً المؤيد لبقاء نظام بشار الأسد، شرط أن يتخلى، في مرحلة أولى على الأقل، عن القواعد الإيرانية وتلك التابعة إلى "حزب الله" فوق الأراضي السورية، خصوصاً القريبة من الجولان المحتل، في ظل عروض غالباً ما تقدمها تل أبيب لحكام دمشق، مباشرة أو بالواسطة، للتخلي عن الحليف الإيراني في مقابل ضمان إسرائيلي ـ أميركي لاستقرار النظام. وتعد القنيطرة أصغر المحافظات السورية لجهة المساحة، إذ تبلغ مساحتها نحو 1800 كيلومتر مربع، منها 1200 كيلومتر مربع تحت الاحتلال الإسرائيلي. ويمثل سكان القنيطرة 2.35 في المائة من سكان سورية، يتوزعون نتيجة الاحتلال بين الجزء المحتل من الجولان، بعدد تقريبي يصل إلى 23 ألف نسمة، وفي الجانب السوري يعيش 81 ألف نسمة، وفي التجمعات السكنية الموزعة في محافظات سورية وغالبيتهم في دمشق وريفها ودرعا وحمص ويقدر عددهم بنحو نصف مليون شخص. وسمحت إسرائيل لقوات النظام بالعودة مرة أخرى إلى القنيطرة حتى تحافظ على الهدوء في حدودها الشمالية السائد منذ اتفاق وقف إطلاق النار في عام 1974. وتضم القنيطرة العديد من المدن الصغيرة والبلدات، أبرزها مدينة "البعث" المستحدثة، التي تقع بالقرب من مدينة القنيطرة التي دمرتها إسرائيل في حربي 1967 و1973، وأبقاها النظام كما هي، وبلدات منها جباتا الخشب، وحضر، وخان أرنبة، وخشنية، ونبع الصخر، والرفيد، وسويفة، وسواها من البلدات.