بشارة يروي تفاصيل اللقاء الوحيد مع حافظ الأسد

18 مارس 2017
الباحث والمفكر العربي عزمي بشارة (العربي الجديد)
+ الخط -
كشف الباحث والمفكر العربي عزمي بشارة، عن تفاصيل اللقاء الوحيد الذي جمعه بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، مؤكداً أن سورية تمسّكت بحدود الرابع من حزيران لإتمام عملية السلام مع إسرائيل، لدرجة اتهامها بـ"التصلب" في المفاوضات.

وقال بشارة، في حواره مع برنامج "وفي رواية أخرى" على "التلفزيون العربي"، إن فاروق الشرع، وكان وقتها وزيراً للخارجية السورية، هو من حدّد اللقاء الذي استمر أكثر من ساعتين ونصف الساعة، وكثيراً ما وُجّه إليه اللوم لاحقاً لعدم تسجيله ما دار في اللقاء أو عقد مؤتمر صحافي في أعقابه.

وأضاف: "في تلك المرحلة جلست أمام رئيس دولة أعرف أنه ديكتاتور، وأراضيه محتلة، ويقف معنا لتحرير الأراضي المحتلة ويدعم المقاومة في لبنان، وأعرف كذلك خلافه مع الرئيس الراحل ياسر عرفات"، مستطرداً: "كان رجلاً لديه حب استطلاع، واستفهم عن سياسات إسرائيل وجدية عملية السلام، وقلت لهم أنتم متفائلون أكثر مما يجب بعملية السلام مع إسرائيل".


وأشار المفكر بشارة إلى أن سورية كانت جادة في سعيها إلى السلام، لكنها لم تقبل خلال المفاوضات مع إسرائيل إلا أن تكون الالتزامات الأمنية من طرف واحد مثلما جرى في سيناء، واشترطت أن نزع السلاح يجب أن يكون من الطرفين، وكان هناك إصرار تام من قبل سورية على انسحاب إسرائيل إلى حدود خط الرابع من حزيران/يونيو 1967، لدرجة اتهم معها السوريون بالتصلب في المفاوضات.

وأوضح أن اللوبي الصهيوني في الإدارة الأميركية، في فترة ثلاثة رؤساء متتالين، أنقذ إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي، من العودة لحدود الرابع من حزيران.


كذلك كشف بشارة عن نقطة خلاف بينه وبين القيادة السورية أثناء مفاوضات السلام مع إسرائيل، بسبب عدم التطرق إلى قضية فلسطين واقتصار الحديث عن الحدود السورية، مضيفاً: "قلت لهم انتبهوا ولا تلمعوا باراك أكثر من اللازم ولا تثقوا أنه سيُحدث سلامًا في المنطقة، وكذلك، ماذا عن حق العودة وقضية فلسطين، فكل نقاشاتكم كانت تدور حول الحدود".


وعن سبب المفاوضات السورية الإسرائيلية، قال بشارة: "شئنا أم أبينا، فقد انتصر نموذج كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي من زاوية، وفقد عقيدة التوازن الاستراتيجي فعاليتها بخروج مصر من الصراع ومن بعدها الأردنيون والفلسطينيون، أصبح الأمر ممكناً بين سورية وإسرائيل".

وأوضح أن السوريين كانوا جادين في التفاوض مع إسرائيل مقابل حدود الرابع من حزيران، ورفضوا الانسحاب التدريجي لإسرائيل، وطالبوا بانسحاب كامل حتى إتمام التطبيع، وأدرك حافظ الأسد أنه لن يحدث سلام في عهده، وبعدما تولّى نجله بشار فتح باب الوساطة لمن له علاقات جيدة معه، خصوصاً مصر وتركيا.

على صعيد آخر، أكّد عزمي بشارة أنه حين قرر الترشح لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، كان لطرح مطالب عرب الداخل بشكل مختلف تاريخياً للمرة الأولى.




وأضاف أن فكرة ترشحه لرئاسة الحكومة الإسرائيلية أحدثت صدى كبيراً من الساحل للساحل في الولايات المتحدة، وكل القنوات الفضائية في العالم جاءت لعرب الداخل وصوّرتهم وعرفت قضاياهم، وظهرت وطنية عرب الداخل، واضطروا إلى مفاوضتنا، وأنجزنا في ملف إشراك العرب في الوظائف.

وأوضح بشارة أنه انسحب من المنافسة، إذ لم تكن غايته رئاسة الحكومة الإسرائيلية، ولكن كان الهدف إطلاع العالم على عرب الداخل، مؤكداً في الوقت ذاته أن الحماسة الشعبية للموضوع كانت منقطعة النظير، وأنه استطاع تجميع 75 ألف توقيع للترشح في أيام معدودة، فيما لم يتمكن نجل مناحيم بيغن من ذلك.

وسخر بشارة من الهجوم العربي الذي وقع عليه بعد إعلانه خوض انتخابات رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وقال: "العرب ارتعبوا من الفكرة، وهذا الشخص يخرب على زلمتنا، ومجنون ومجرم سيأتي بنتنياهو للحكم، ولم يتخيلوا الإبداع في التفكير السياسي، حتى السوريون لم يفهموا الخطوة، والبعض قالوا لي ماذا تفعل، وأبو عمار بعت ناس طالباً مني الانسحاب".

وذكر عزمي بشارة أنه حاول الاستفادة من هامش الديمقراطية المتاح في إسرائيل، مؤكداً في الوقت ذاته أن إسرائيل ديمقراطية لليهود، ولكنهم لم يستطيعوا أن يُعلنوا أنها دولة غير ديمقراطية لغير اليهود.

وأضاف أن إسرائيل ألغت قانون الترشح المباشر بعدما ترشحت لانتخابات رئاسة الحكومة الإسرائيلية، متابعاً: "اتخضّت من الأمر، فترشّح عربيّ شكّل تحدياً لهم".


وأكد بشارة في الوقت ذاته أن إسرائيل كيان استعماري يُدير حياته الداخلية بشكل ديمقراطي لكن هذا لا يلغي كونها استعماراً، وديمقراطيتها ليست ديمقراطية ليبرالية على النمط الغربي لأنها حصرية للمستعمرين، معتبراً أن مسار التطور الطبيعي لإسرائيل هو أن تجنح يميناً أكثر فأكثر، وأن اليسار الصهيوني سيزداد تهميشه يوماً بعد يوم.




وكشف بشارة عن مضايقات الاحتلال الإسرائيلي له، بعدما صنعوا قوانين باسمه لتقييد حرية الرأي والتعبير، وعندما فشلوا في محاكمته بالقوانين، لجأوا إلى التهم الأمنية كالتعاون مع العدو في زمن الحرب.

وتابع: "كل القوانين مصممة لمصادرة الأرض ولو فيه فجوة في القانون يغيروا القانون في اليوم الثاني، فقضايا الأرض والقضايا الأمنية تخضع لمصلحتهم"، مضيفاً: "وجهوا لي اتهامات بالتعاون مع العدو في زمن حرب 2006 على لبنان".

وأوضح أنه كان مرهقاً من عمله في الكنيست الإسرائيلي، على الرغم من أن البعض يستمتع ويعتبره منزلة وحصانة، ولكن بالنسبة إليه كان عبئاً وإرهاقاً شديدين، وأنه يعتقد الآن أن الأمر كانت له جوانب سلبية.

كذلك شدد عزمي بشارة على أنه لم يدع عرب الداخل إلى المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً في الوقت ذاته أن الإسرائيليين سمعوا من داخل البرلمان مطالبتي بحق الشعوب في مقاومة المحتل.

وأضاف أن المقاومات التي كانت موجودة في تلك الفترة، مقاومة اللبنانيين ممثلة في "حزب الله"، واتخذنا موقفاً واضحاً وصريحاً في ما يتعلق بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال، وهذه قضية مشروعة وتكفلها الشرائع الدولية، وما يعنينا هو الموقف الأخلاقي، وهذا الكلام أزعجهم بشدة لأنه هذا الكلام قيل من داخل البرلمان.

وأكد أن "إسرائيل تُريد عربياً مهادناً يقول كل يوم شكراً، وبعض الأحيان كانوا يقولون لي اذهب إلى سورية أو مصر أو الأردن، ولكن دائماً كان الجواب هو اذهبوا أنتم وروحوا على بلادكم، وديمقراطيتكم خذوها، وهذا الكلام مسجل في الكنيست، وجزء من التاريخ".