وفي بيان ترشحه، الذي وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه، قال لغديري إن "الاستسلام أمام الوضع الذي يهدد الانسجام الوطني ليس حتمية. ولهذا قررت رفع هذا التحدي بالإعلان عن ترشحي للانتخابات الرئاسية لإبريل 2019".
واعتبر لغديري الذي انتقد بشكل بالغ في الفترة الأخيرة سياسات بوتفليقة أن الجزائر تعيش حالة انهيار للدولة، وقال "تمر الجزائر بمرحلة مهمة من تاريخها، والتي تتميز بفقدان الأمل، خاصة لدى الشباب، إضافة إلى انهيار الدولة والمؤسسات. والنتيجة مرة".
ويطرح العسكري السابق، الذي أعلن في مقالات نشرها قبل أسابيع رفضه لاستمرار بوتفيلقة في الحكم، تصوراته السياسية لما يصفها "بالجمهورية الجديدة على قواعد ديمقراطية حقيقية، وعلى إعادة تصميم مؤسساتي شامل في قالب مشروع مجتمع عصري، يساهم الشعب في إنجازه وبلورة فلسفته".
وتعهد لغديري ببناء نظام سياسي جديد، و"مراجعة بدون طابوهات للنظام السائد، آخذين بعين الاعتبار الظروف العويصة التي قد تحمل مخاطر على الأمة، كما أن هذا التحدي لا يمكن أن يتجسد إلا في إطار مشروع اجتماعي مبدع متبلور حول هدف واضح، القطيعة دون تنكر".
وبرأي لغديري الذي يعد أبرز شخصية تعلن عن ترشحها لانتخابات الرئاسة حتى الآن فإن الجزائر بحاجة إلى قطيعة نهائية مع ممارسات النظام الحالي وإحداث تغيير سياسي، وقدم تطمينات إلى بعض القوى السياسية والشعبية التي تتخوف من التغيير.
وقال "لا شك أن القطيعة مصطلح قوي قد يقلق على حد سواء الأقلية التي تسعى لاستمرار النظام القائم أو ما تبقى منه، لضمان الاستفادة غير الشرعية، كما قد يقلق الأغلبية الساحقة التي وإن كانت تدعو إلى التغيير فهي غير مطمئنة لعواقبه، وأقول لهذه الأغلبية الساحقة بأن ما يجب أن يخيفنا فعلاً هو تلك الآفات وليدة هذا النظام والتي تدفع بأبنائنا إلى هجرة وطنهم، وتمنع شعبنا من العيش في طمأنينة ورفاهية، ومن التمتع الكامل بخيرات البلاد التي يمكن للدولة أن توفرها للجميع وبكيفية عادلة".
وأكد لغديري الذي خدم في الجيش مدة 42 سنة أنه تقاعد من الجيش قبل ثلاث سنوات في عام 2015 وبطلب منه، واستبعد نفسه من أية ممارسات ذات صلة بالفساد أو الحصول على امتيازات خلال فترة خدمته في الجيش "أنا أعيش بمنحة التقاعد، أجد كل الاعتزاز والرضى في أنني أؤمن بها كل حاجياتي وحاجيات عائلتي كما كنت بالأمس أؤمنها براتبي الشهري".
وكان لغديري قد عقد قبل أسبوعين اجتماعاً مع قيادات تكتل "مواطنة" الذي يضم عدداً من الأحزاب والشخصيات السياسية، يرجح أنه خصص لبحث إمكانية دعمه من قبل هذا التكتل.
وخلال الأشهر الأخيرة كان الجنرال لغديري محور جدل سياسي حاد، بعد نشره مقالات وتصريحات سياسية منتقدة لسياسات بوتفليقة، طالبه فيها بتسليم الحكم وعدم الترشح لولاية رئاسية خامسة، ودعا الجيش إلى تحمل مسؤوليته في إنقاذ البلاد من المأزق السياسي الذي قد يفرزه استمرار الرئيس بوتفليقة في الحكم بعد 2019.
ورد الجيش ووزارة الدفاع، عبر بيانات رسمية وتصريحات لقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، بشكل حاد على تصريحات لغديري، ووصفه هو وعدد من الجنرالات المتقاعدين "بأصحاب النوايا المبيتة والمنخرطين في دوائر متآمرة".
وكان بوتفليقة قد حدد أمس تاريخ الانتخابات الرئاسية في 18 إبريل/ نيسان المقبل، وأعلن استدعاء الهيئة الناخبة للتصويت، ولم يكشف بوتفليقة عما إذا كان سيقدم ترشحه للانتخابات أم لا، إلا أن الأحزاب السياسية الموالية دعته للترشح.
وفي نفس السياق أعلن الناشط السياسي رشيد نكاز ترشحه للانتخابات، وأعلن في بيان أنه سيقوم هذا السبت بسحب استمارات ترشحه، ودعا نكاز "قوى المعارضة إلى تقديم مرشح موحد لإنشاء دولة القانون بالجزائر، وإحداث التغيير الرامي إلى تحسين الأوضاع في مختلف المجالات".
ونكاز رجل أعمال يقيم في فرنسا ومثير للجدل، ويعرف في العالم بدفعه للغرامات التي تسلط على المنقبات في بعض الدول الغربية بسبب ارتدائهن النقاب، وكان قد ترشح لانتخابات 2014، لكنه أعلن في آخر يوم لإيداع ملفات الترشح تعرض التفويضات التي جمعها من المواطنين للسرقة.
وحتى الآن أعلنت أربعة أسماء في قائمة المرشحين مبدئياً للانتخابات الرئاسية المقبلة، والمرشحون هم: رئيس "جبهة المستقبل" عبد العزيز بلعيد ورئيس "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" فتحي غراس، ورئيس حزب "التجمع الجزائري" علي زغدود وناصر بوضياف، نجل الرئيس الجزائري الراحل محمد بوضياف.
كذلك تتجه حركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) إلى ترشيح رئيسها عبد الرزاق مقري، ودعت في بيان رسمي أمس كوادرها إلى "التأهب والاستعداد لجمع التوقيعات ولخوض غمار الانتخابات الرئاسية بمرشحها بجدارة واستحقاق، في حالة ما قرر مجلس الشورى الوطني ذلك".
وفي السياق أعلنت وزارة الداخلية بدء تسليم استمارات التفويض للشخصيات التي ترغب في الترشح، بعد تقديم المرشح المعني رسالة إلى وزير الداخلية يعلن من خلالها نية تكوين ملف ترشح للانتخابات الرئاسية.