سكرتير الحزب الشيوعي العراقي لـ"العربي الجديد": التظاهرات ستتجدد ونؤيد الانتخابات المبكرة

11 مايو 2020
دعم "الشيوعي" التظاهرات بعد التأكد من عفويتها(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يزال الحزب الشيوعي العراقي يُشارك عبر أعضائه وأنصاره في الحراك الاحتجاجي، الذي تراجع نسبياً بسبب انتشار فيروس كورونا. وفي الوقت الذي يُتهم فيه بأنه ضمن أحزاب السلطة، التي اشتركت بإدارة البلاد في حكومات ما بعد العام 2003، يواصل الحزب مطالبته بتحقيق "الدولة المدنية الديمقراطية"، وحكومة العدالة الاجتماعية. ومن أجل ذلك تنازل عن حقه بالتواجد في البرلمان بعد شهر من اندلاع تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واختار الانضمام إلى صفوف العراقيين المنتفضين.

ومع أن الحزب الشيوعي أقدم الأحزاب العراقية، شارك في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مايو/أيار 2018 بالتحالف مع حزب "الاستقامة"، التابع للتيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، وحصل على مقعدين اثنين، إلا أنه يؤكد اليوم أنه لم يبق أي شيء من هذا التحالف، بعد انفراط الاتفاقات الانتخابية السابقة، ومواقف الطرفين من الاحتجاجات.

وفي سياق التطورات السياسية التي طرأت على الحالة العراقية بعد التظاهرات، وترؤس مصطفى الكاظمي أخيراً الحكومة الجديدة، تحدَّث سكرتير "الشيوعي" العراقي، وهو أعلى منصب في الحزب، رائد فهمي، لـ"العربي الجديد"، عن الملفات المستقبلية أمام الحكومة، وأبرزها الانتخابات المبكرة. وأكد أن "الحزب الشيوعي من المؤيدين لإجراء الانتخابات المبكرة، كونها الصيغة الدستورية والسلمية لتغيير المنظومة السياسية التي تتحمل مسؤولية الإخفاقات المتتالية، والتي خرج المتظاهرون للمطالبة بتغييرها". وتحدث عن الحاجة إلى "توضيحات وفهم أكثر لقانون الانتخابات والتدخلات التي ترافق عملية الاقتراع، والسلاح المنفلت، وغيرها من الأمور، لأننا نعمل على تحقيق الهدف الاستراتيجي للحزب، وهو مشروع الدولة المدنية".

وعن الملفات التي تحدَّث الكاظمي عنها، وبرنامجه الحكومي، أشار فهمي إلى أن "المتظاهرين والشعب العراقي عموماً يريد أن تُفتح ملفات كثيرة، أبرزها ما يرتبط بالفساد، والكشف عن قتلة المتظاهرين وحصر السلاح بيد الدولة، فضلاً عن (وقف) التدهور الاقتصادي، وهذه الإصلاحات الجدية تحتاج إلى إرادة سياسية. فإذا كان الكاظمي يريد تسيير حكومته وفق شروط الأحزاب، كما حصل مع عادل عبد المهدي، فإنه سيدفع ثمناً كبيراً، والمتظاهرون سيعودون إلى الساحات بعد أن تراجعت الاحتجاجات بسبب كورونا. كذلك قد تزداد الضغوط الشعبية، ما يعرض كل العملية السياسية للخطر، كما حصل مع حكومة عبد المهدي التي انتهت إلى الاستقالة، لا سيما أن الاحتجاجات، إذا تفجرت من جديد، فستكون أشد، بسبب تزايد عناصر التذمر والمشاكل الاقتصادية".


وكان الحزب الشيوعي العراقي تأخر قبل أن يدعم تظاهرات أكتوبر، وهو موقف اعتبره مراقبون ومتظاهرون أيضاً بأنه سلبي من حزب اعتاد أن يكون في طليعة الفعاليات الشعبية، خصوصاً العمالية والطلابية. إلا أن سكرتير الحزب الشيوعي أوضح، في حديثه مع "العربي الجديد" أنه "قبل التظاهرات بأيام، وصلتنا جملة من المعلومات عن الدعوات للتظاهر، ونحن كحزب لا يمكننا أن ندخل في تظاهرة لا نعرف عنها شيئا. وتبيَّن لنا أن قسم من الداعين للاحتجاجات نعرفهم، والقسم الآخر لدينا ملاحظات عليه، ومع ذلك لم نقف بالضد من الحراك الشعبي، لكننا تريثنا في اتخاذ موقف حياله. وبعد أن تأكدنا من عفوية الاحتجاجات وسلميتها دعونا مباشرة إلى دعمها".

وعن العلاقة بين الحزب والتيار الصدري حالياً، وتقييم تجربة تحالف "سائرون"، أوضح فهمي أن "تحالف الحزب الشيوعي مع الصدريين لم يكن استراتيجياً بل كان انتخابياً برلمانياً، ولم نتحالف مع التيار الصدري بناءً على نزوة أو قرار فردي، إنما من خلال عمل مشترك في ساحات الاحتجاج على مدى سنوات، وقد جمعتنا الأهداف والمطالب المشتركة. ولكن التحالف السياسي مع الصدريين لم يتحقق، لأسباب إدارية، حيث لم تكن الهيئات السياسية في تحالف سائرون فاعلة بالطريقة التي كُنا قد اتفقنا عليها قبل انتخابات 2018. والعمل مع التيار الصدري والأطراف الأخرى ضمن تحالف سائرون كان شكلياً، ولم يكن هناك بعد سياسي حقيقي". وأضاف أن "تحالف سائرون لم يكن لديه بصمة قوية رافضة لمبدأ توزيع المناصب والدرجات الخاصة في حكومة عادل عبد المهدي، هذا خلاف مشروع الإصلاح الذي أراده التحالف والحزب الشيوعي، ولا يمكن بناء الدولة المدنية من خلال عدم مواجهة أساليب التحاصص، لذلك لجأنا في النهاية، وبعد تفجر التظاهرات، إلى الاستقالة من البرلمان".

وعن طبيعة التجربة مع الصدريين، قال فهمي "لم نخطئ بالتحالف مع التيار الصدري، لأننا لم نبنِ أي آمال على هذا التحالف. صحيح لم يتحقق المشروع السياسي، لكننا نجحنا اجتماعياً وتاريخياً من خلال جمع المختلفين بالتوجهات والأفكار، وهذه حالة لم تكن حاضرة خلال العقود الماضية، إذ لم يكن من المتوقع في يوم ما أن يجتمع الصدري والشيوعي في إطار واحد. كما تمكنا من تحطيم المفاهيم القديمة عن تكفير الشيوعيين من قبل رجال الدين، مع خلال الاجتماع بمقتدى الصدر، وهو رجل دين شيعي".

وعن استقالته مع النائب هيفاء الأمين، أوضح فهمي أنه "إلى جانب الأمين، فقد طالب بحضور رئيس الوزراء إلى مجلس النواب لمعرفة من يقف وراء قمع المتظاهرين، لكن البرلمان لم ينجح في تحقيق هذا المطلب، ولذلك لم نكن نرغب بأن نبقى في مجلس النواب، الذي تحوَّل إلى طرف بقمع المتظاهرين من خلال السكوت عن جرائم القمع، لا سيما ونحن لدينا مواقف معروفة من كل الاحتجاجات التي تجري في البلاد. وللأسف لم يعد البرلمان ميدان صنع السياسة والقرارات في العراق".

وحول الحديث عن أن الحزب الشيوعي العراقي خسر الكثير من أعضائه وأنصاره والأصدقاء بسبب "التحالف مع تيار إسلامي أصولي"، أكد فهمي أن "الرفاق الذين خرجوا من الحزب، كان لديهم وجهة نظر معينة، لكن هناك تطورات على المستوى السياسي تستدعي أن نُعيد الحوار بيننا، لا سيما أن حضور الحزب الشيوعي بات جيداً في التظاهرات، وباتت لدينا حظوظ أكبر في العمل، ونحن منفتحون من أجل فتح الطريق أمام الحوار مع الشيوعيين وغيرهم من المدنيين الذين ابتعدوا بسبب التوجهات السياسية و"سائرون". وقد عملنا مع المعارضين لنا سياسياً في ساحات التظاهر، وهو أمر إيجابي. ومن خلال انتفاء وجود الأسباب التي تدعو إلى الخلاف يمكن حل جميع المشاكل السابقة".

وتوقف فهمي عند هتاف "شلع قلع"، الذي يعني رحيل كل الأحزاب المشاركة في السلطة، مبيناً أن "الحراك الشعبي والمتظاهرين كانوا بحاجة إلى فتح قنوات للتواصل مع السلطات، كما أن الحديث عن فساد كل الأحزاب وطردها ومنعها ليس منطقياً، فكيف يغضب المتظاهرون من الأحزاب وهم الآن بصدد تأسيس كيانات سياسية؟". وتابع أنّ "غياب التنظيم للتظاهرات أثر سلباً على الحركة الاحتجاجية، لذلك هم بحاجة حالياً لتنظيم صفوفهم، والعمل وفق مناهج محددة ومخطط لها". وخلص إلى القول إن "فكرة تأسيس كيانات سياسية جديدة من المتظاهرين خطوة في الاتجاه الصحيح. ونحن (الحزب الشيوعي) سنبذل مساعينا للتعاون والتنسيق مع القوى الجديدة، للتوصل إلى أشكال متقدمة من العمل الموحد".