الأردن... في وداع الرئيس

24 مارس 2016
ميل لتحميل النسور مسؤولية نهج النظام بكامله (الأناضول)
+ الخط -
تفيد جميع الحسابات السياسية في الأردن بأن حكومة عبد الله النسور تعيش هذه الأيام خريفها، وتنتظر اللحظة السياسية التي تودّع فيها الدوار الرابع (مقر رئاسة الوزراء)، بعدما جثمت بقيادة رئيسها العجوز على أنفاس المواطنين قرابة ثلاث سنوات ونصف السنة، ذاقوا خلالها مرارة سياسات اقتصادية عمّقت فقرهم نتيجة متوالية رفع الأسعار التي لا تزال عجلتها تدور ونهشت جيوبهم الفارغة بفعل التوسّع في فرض الضرائب.

الرحيل القريب للحكومة ضمن السيناريو الأكثر ترجيحاً وهو حل البرلمان قبل إتمام مدته الدستورية في نهاية يناير/ كانون الثاني 2017، والدعوة لانتخابات مبكرة لن تشرف عليها حكومة النسور التزاماً بالنص الدستوري الذي يوجب إقالة الحكومة التي حُل في عهدها البرلمان وعدم تكليف رئيسها بتشكيل حكومة جديدة، أسال لعاب السياسيين والإعلاميين لوداع الرئيس، فكان وداعاً على الطريقة التقليدية نبشوا خلالها التاريخ الأسود للحكومة خاصة الاقتصادي منه، وحمل رئيس الحكومة المسؤولية الكاملة عن العبث بقوت المواطنين، من دون أن يتعرض المودعون للنهج الاقتصادي للدولة، الذي لم يتعدَّ دور النسور خلال سنوات رئاسته، سوى الالتزام الحرفي بتطبيقه.

لا أحد يمتلك علمياً أو أخلاقياً القدرة للدفاع عن الرئيس الذي حفر اسمه في تاريخ الأردن كأحد أكثر الرؤساء جرأة على قوت الأردنيين واستخفافاً بمعاناتهم الاقتصادية استجابة لاشتراطات صندوق النقد الدولي الذي باتت وصفاته الجاهزة المعادية للأردنيين منذ زمن، المحدِّد الوحيد لحركة الاقتصاد الأردني، الذي يخوض مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاعتماد برنامج اقتصادي جديد سيلزم الحكومة الأردنية بخفض الدعم الحكومي للسلع وفرض المزيد من الضرائب، وهو البرنامج الذي ستنفذه حتماً أي حكومة غير الحالية.

نظرياً، تدعي الحكومات الأردنية المتعاقبة أنها صاحبة الولاية في إدارة شؤون البلاد، وعملياً يدرك الأردنيون أن رئيس الوزراء ليس أكثر من موظف ينفذ التعليمات التي عيّن لأجلها، ويصبح بقاؤه بالمنصب مقروناً بقدرته على تنفيذها من دون استثارة للشارع، وهو الدور الذي أثبت النسور فيه براعة منقطعة النظير. الإدراك يستوجب من المودِّعين أن يجعلوا من قرب رحيل الحكومة منصة لانتقاد النهج وليس الشخص.