يقف الأردن الرسمي اليوم أمام لحظة حاسمة وحرجة مع اقتراب كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة باسم "صفقة القرن"، والتي من المتوقع أن تكون مرفوضة أردنياً علناً وكموقف سياسي، لكن الخطورة تكمن في تمريرها عملياً وبالتدريج.
وفيما الموقف الشعبي الأردني من الصفقة واضح برفضها والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التطبيع، فإن الحكومة تبدو في موقف حرج، بين الرفض الشعبي، والإذعان لرغبة واشنطن، الداعم الأول للاقتصاد الأردني والحليف السياسي لعمّان، إضافة إلى وجود ثوابت لدى المملكة تجاه قضايا الوضع النهائي الخاصة بالقضية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها وغض الطرف عنها، ليطرح كل ذلك تساؤلات حول كيفية مواجهة عمّان لهذا الاستحقاق والأدوات التي بجعبتها للتصدّي لخطة تصفية القضية الفلسطينية.
ويلاحظ في الفترة الماضية أن "صفقة القرن" لم تكن مجرد تسريبات خلف الكواليس، بل بدأت الإدارة الأميركية بمحاولة فرضها على أرض الواقع، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل في نهاية عام 2017، ولاحقاً اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية شرعية، مروراً بما يتم تداوله عن حق إسرائيل في السيطرة على الحدود وضم غور الأردن، فيما حق العودة أصبح بلا ذكر.
وفي آخر المواقف الأردنية حول الصفقة، أعلن وزير الخارجية أيمن الصفدي، خلال لقاء مع الصحافيين مساء السبت، أن عمّان لم تتبلغ مضامين "صفقة القرن" ولا تعرف ماذا ستقدّم الولايات المتحدة فيها، مضيفاً أن "العالم كله يعرف ثوابتنا وموقفنا لتلبية كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمها حقه في الحرية والدولة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967 وفق قرارات الشرعية الدولية". وأعلن الصفدي أن لا صحة لموضوع العودة عن قرار فك الارتباط القانوني مع الضفة الغربية، مضيفاً أنه لم يتم طرح هذا الموضوع لا سابقاً ولا حالياً. وجاء هذا التصريح بعدما نشرت وسائل إعلام محلية معلومات حول عزم الحكومة الأردنية إلغاء قرار فك الارتباط، وذلك في محاولة لربط هذا القرار بتوجّه ترامب لكشف تفاصيل الصفقة الأميركية. وقرار فك الارتباط اتخذه ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال عام 1988 بإنهاء ارتباط الضفة الغربية إدارياً وقانونياً مع المملكة.
وفي السياق، قال مصدر حكومي أردني رفيع المستوى، لـ"العربي الجديد"، إن ملامح الصفقة أصبحت واضحة من خلال ما يصدر عن البيت الأبيض، وما ينشر في الإعلام الإسرائيلي، إلا أن الحكومة الأردنية لم تطلع على تفاصيل الصفقة. وأشار إلى أن الحديث عن الإعلان عن "صفقة القرن" كان يطرح من خلال الإعلام، فيما رجّح أن يكون الطرح الأميركي فيه جدية هذه المرة وفقاً للتوقيت الذي تحدث عنه ترامب. وأكد المصدر في الوقت نفسه موقف المملكة الثابت من القضية الفلسطينية، وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.
اقــرأ أيضاً
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي، لـ"العربي الجديد"، إن "لدى الأردن خيارات عدة للتعامل مع "صفقة القرن"، إذا ما فُرضت عليه فرضاً بما فيها من تفصيلات مسربة لن تكون بعيدة كثيراً عن تفاصيل الصفقة الفعلية عند إعلانها رسمياً، وهذه الخيارات الأردنية ترتبط بالتطورات المقبلة"، مشيراً إلى أن "أهم خيار أردني هو تجميد أو تعليق معاهدة وادي عربة (معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية)، والباقي يأتي لاحقاً".
ولفت الحنيطي إلى أن أكبر خطر يهدد الأردن هو الحديث عن محاولة تسفير ما لا يقل عن مليوني فلسطيني إلى أراضيه، وأن تتولى عمّان مسؤوليتهم كاملة، مما سيزيد من الأعباء الاقتصادية على المملكة. ورأى أن المملكة ستتريث في إعلان موقف بانتظار الموقف الفلسطيني والإعلان رسمياً عن الصفقة، مع مراعاة المصالح الحيوية للدولة الأردنية، مشيراً إلى أن ما تم تسريبه من قبل البيت الأبيض والإعلام الإسرائيلي يتجاوز 90 في المائة من تفاصيل الصفقة.
ولا مجال للشك، وفق الحنيطي، في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كانت له اليد الطولى في صياغة الصفقة، وهي صفقة إسرائيلية 100 في المئة وفق وجهة نظره، فهي لا تطالب الإسرائيليين بأي شيء، فيما المطالب كلها واقعة على الجانب الفلسطيني، سواء كان في الضفة الغربية أو قطاع غزة الذي من المخطط أن يكون مركز الدويلة الفلسطينية.
وأوضح أن "إعلان الصفقة يأتي بسبب مصالح متبادلة بين نتنياهو وترامب، فالإعلان في هذا التوقيت يأتي لفك حبل المشنقة عن رقبة نتنياهو الذي سيكون يوم الثلاثاء في البيت الأبيض، وهو اليوم الذي يبدأ فيه الكنيست بالنظر في رفع الحصانة عنه، فيما يحاول ترامب الذي يتعرض لضغوط سياسية من قبل الحزب الديمقراطي، الحصول على أكبر دعم من اليمين الأميركي للخروج من المأزق الحالي".
من جهته، قال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الأردن لا يمكنه إلا أن يرفض "صفقة القرن"، فهذا الخيار الوحيد الذي يحافظ على مصالح المملكة وحقوق الشعب الفلسطيني. وأضاف أن الأردن يستطيع حشد مواقف مناهضة للصفقة، مع الفلسطينيين، وأيضاً احتمال التأثير على موقف مصر إضافة إلى تركيا، لحشد موقف رافض للصفقة وخلق حالة استعصاء في المنطقة لمواجهة هذه الخطة لتصفية القضية الفلسطينية.
وحول أثر الضغط الأميركي والمساعدات الأميركية على عمّان، رأى الحمد أن رفض الأردن لـ"صفقة القرن" لن يكون إعلان صدامٍ مع الولايات المتحدة، فهناك علاقات على مستوى عالٍ لها العديد من التشعبات المترابطة بعضها ببعض، مشيراً إلى أهمية "الدور المحوري" للأردن في المنطقة. وأضاف أن الولايات المتحدة بحاجة إلى الاستقرار في المنطقة، وأي غياب لهذا الاستقرار سيؤثر على إسرائيل والمصالح الأميركية، ولذلك واشنطن بحاجة إلى عدم الاشتباك مع عمّان. ورأى الحمد أن أهمية الأردن في المنطقة طاقة غير مستغلة من قبل الحكومة، مشيراً إلى أن هناك دولاً أوروبية غير مؤيدة لـ"صفقة القرن"، وهو ما يمكن أن يمنح المواقف الرافضة للصفقة بعض القوة والمساندة.
أما كتلة الإصلاح النيابية (التابعة لـ"الحركة الإسلامية")، وهي الكتلة الأكثر تماسكاً في مجلس النواب الأردني، فقد جددت على لسان المتحدث الإعلامي باسمها، مصطفى العساف، تأكيد موقفها الرافض لـ"صفقة القرن" وكافة المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية. وأكد العساف، في تصريح صحافي تعليقاً على قرار ترامب الكشف عن الخطة، بأن الكتلة ترفض الصفقة بكافة أركانها، لافتاً كذلك إلى رفض الاحتلال من أصله، فأرض فلسطين أرض عربية إسلامية.
وأضاف العساف "أياً كانت التفاصيل فإنها ستكون منحازة للاحتلال، ولن تغير من الواقع شيئاً، فالاحتلال موجود، وواشنطن قامت بإجراءات تمهيدية للصفقة منها نقل السفارة للقدس، ودعم بنيامين نتنياهو لضم غور الأردن وغيرها". وفيما يتعلق بموقف مجلس النواب حيال إعلان ترامب الكشف عن تفاصيل الصفقة، أوضح العساف أن المجلس لن يكون أمامه سوى إصدار بيان يرفض الصفقة.
وفيما الموقف الشعبي الأردني من الصفقة واضح برفضها والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التطبيع، فإن الحكومة تبدو في موقف حرج، بين الرفض الشعبي، والإذعان لرغبة واشنطن، الداعم الأول للاقتصاد الأردني والحليف السياسي لعمّان، إضافة إلى وجود ثوابت لدى المملكة تجاه قضايا الوضع النهائي الخاصة بالقضية الفلسطينية لا يمكن تجاوزها وغض الطرف عنها، ليطرح كل ذلك تساؤلات حول كيفية مواجهة عمّان لهذا الاستحقاق والأدوات التي بجعبتها للتصدّي لخطة تصفية القضية الفلسطينية.
ويلاحظ في الفترة الماضية أن "صفقة القرن" لم تكن مجرد تسريبات خلف الكواليس، بل بدأت الإدارة الأميركية بمحاولة فرضها على أرض الواقع، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل في نهاية عام 2017، ولاحقاً اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية شرعية، مروراً بما يتم تداوله عن حق إسرائيل في السيطرة على الحدود وضم غور الأردن، فيما حق العودة أصبح بلا ذكر.
وفي السياق، قال مصدر حكومي أردني رفيع المستوى، لـ"العربي الجديد"، إن ملامح الصفقة أصبحت واضحة من خلال ما يصدر عن البيت الأبيض، وما ينشر في الإعلام الإسرائيلي، إلا أن الحكومة الأردنية لم تطلع على تفاصيل الصفقة. وأشار إلى أن الحديث عن الإعلان عن "صفقة القرن" كان يطرح من خلال الإعلام، فيما رجّح أن يكون الطرح الأميركي فيه جدية هذه المرة وفقاً للتوقيت الذي تحدث عنه ترامب. وأكد المصدر في الوقت نفسه موقف المملكة الثابت من القضية الفلسطينية، وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي، لـ"العربي الجديد"، إن "لدى الأردن خيارات عدة للتعامل مع "صفقة القرن"، إذا ما فُرضت عليه فرضاً بما فيها من تفصيلات مسربة لن تكون بعيدة كثيراً عن تفاصيل الصفقة الفعلية عند إعلانها رسمياً، وهذه الخيارات الأردنية ترتبط بالتطورات المقبلة"، مشيراً إلى أن "أهم خيار أردني هو تجميد أو تعليق معاهدة وادي عربة (معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية)، والباقي يأتي لاحقاً".
ولفت الحنيطي إلى أن أكبر خطر يهدد الأردن هو الحديث عن محاولة تسفير ما لا يقل عن مليوني فلسطيني إلى أراضيه، وأن تتولى عمّان مسؤوليتهم كاملة، مما سيزيد من الأعباء الاقتصادية على المملكة. ورأى أن المملكة ستتريث في إعلان موقف بانتظار الموقف الفلسطيني والإعلان رسمياً عن الصفقة، مع مراعاة المصالح الحيوية للدولة الأردنية، مشيراً إلى أن ما تم تسريبه من قبل البيت الأبيض والإعلام الإسرائيلي يتجاوز 90 في المائة من تفاصيل الصفقة.
ولا مجال للشك، وفق الحنيطي، في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كانت له اليد الطولى في صياغة الصفقة، وهي صفقة إسرائيلية 100 في المئة وفق وجهة نظره، فهي لا تطالب الإسرائيليين بأي شيء، فيما المطالب كلها واقعة على الجانب الفلسطيني، سواء كان في الضفة الغربية أو قطاع غزة الذي من المخطط أن يكون مركز الدويلة الفلسطينية.
وأوضح أن "إعلان الصفقة يأتي بسبب مصالح متبادلة بين نتنياهو وترامب، فالإعلان في هذا التوقيت يأتي لفك حبل المشنقة عن رقبة نتنياهو الذي سيكون يوم الثلاثاء في البيت الأبيض، وهو اليوم الذي يبدأ فيه الكنيست بالنظر في رفع الحصانة عنه، فيما يحاول ترامب الذي يتعرض لضغوط سياسية من قبل الحزب الديمقراطي، الحصول على أكبر دعم من اليمين الأميركي للخروج من المأزق الحالي".
من جهته، قال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الأردن لا يمكنه إلا أن يرفض "صفقة القرن"، فهذا الخيار الوحيد الذي يحافظ على مصالح المملكة وحقوق الشعب الفلسطيني. وأضاف أن الأردن يستطيع حشد مواقف مناهضة للصفقة، مع الفلسطينيين، وأيضاً احتمال التأثير على موقف مصر إضافة إلى تركيا، لحشد موقف رافض للصفقة وخلق حالة استعصاء في المنطقة لمواجهة هذه الخطة لتصفية القضية الفلسطينية.
أما كتلة الإصلاح النيابية (التابعة لـ"الحركة الإسلامية")، وهي الكتلة الأكثر تماسكاً في مجلس النواب الأردني، فقد جددت على لسان المتحدث الإعلامي باسمها، مصطفى العساف، تأكيد موقفها الرافض لـ"صفقة القرن" وكافة المشاريع الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية. وأكد العساف، في تصريح صحافي تعليقاً على قرار ترامب الكشف عن الخطة، بأن الكتلة ترفض الصفقة بكافة أركانها، لافتاً كذلك إلى رفض الاحتلال من أصله، فأرض فلسطين أرض عربية إسلامية.
وأضاف العساف "أياً كانت التفاصيل فإنها ستكون منحازة للاحتلال، ولن تغير من الواقع شيئاً، فالاحتلال موجود، وواشنطن قامت بإجراءات تمهيدية للصفقة منها نقل السفارة للقدس، ودعم بنيامين نتنياهو لضم غور الأردن وغيرها". وفيما يتعلق بموقف مجلس النواب حيال إعلان ترامب الكشف عن تفاصيل الصفقة، أوضح العساف أن المجلس لن يكون أمامه سوى إصدار بيان يرفض الصفقة.