تفتح العملية العسكرية الأميركية ضد قاعدة الشعيرات الجوية قرب مدينة حمص فجر السابع من أبريل/نيسان، مجالاً واسعاً للقراءات المختلفة، كما تطرح العديد من السيناريوهات حول مستقبل الوضع في سورية، والتي تتقاطع جميعها عند نقطة القطيعة الأميركية مع الوضع الذي ساد طيلة السنوات الست الماضية، وهنا يمكن تسجيل سبع نقاط تشكل مفاتيح أساسية للتعامل مع الوضع الجديد.
- إذا أرادت الولايات المتحدة من الضربة العسكرية اللجوء إلى الخيار العسكري من أجل القيام بتغيير الوضع في سورية، فهي سوف تواصل الضربات قريبا، ولن تتوقف هنا، بل ستتابع عملياتها في نفس السياق، وعلى نحو واع ومدروس.
- إذا كان هدف الضربة هو الرد، فقط، على عملية قصف خان شيخون بغاز السارين الفتاك من طرف جيش النظام السوري، فإن أي استخدام جديد لهذا السلاح من طرف بشار الأسد سوف يعرضه لرد أميركي يتجاوز حدود عملية فجر السابع من أبريل/ نيسان، التي استهدفت تدمير القاعدة الجوية التي انطلقت منها الجريمة.
- إذا لم تقم الولايات المتحدة بالضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جدية في سورية من أجل حل شامل، سواء من خلال تفعيل مفاوضات جنيف أوغيرها، فإن العملية العسكرية ستبقى مجرد رد على جريمة الأسد، وسينتهي مفعولها هنا.
- تشير بعض التحركات الدولية والإقليمية إلى إمكانية حدوث سيناريوهات في المستقبل القريب تذهب إلى حد إسقاط النظام السوري من خلال القوة العسكرية، ومن هذه الإشارات الاجتماعات أمس، ذات الطابع العسكري الرفيع في فرنسا وبريطانيا، وصدور مواقف دولية وإقليمية تدعو إلى الذهاب بالخيار العسكري إلى مدى بعيد من خلال تشكيل تحالف دولي لإسقاط الأسد، على غرار ذلك الذي نشأ لمحاربة الإرهاب، وفتح الباب لمشاركة إقليمية، تركية وعربية من أجل إسناد الفصائل العسكرية السورية لحسم المعركة، وتسليحها بسلاح فعال ضد الطيران.
- أظهرت العملية العسكرية عجزاً روسياً كبيراً، وضعفاً غير محدود للنظام السوري. وكما هو معروف فإن واشنطن أبلغت موسكو بالعملية قبل 10 ساعات كي تخلي قواتها من القاعدة، وهذا ما حصل فعلا، وهذا أمر أثار الكثير من الأسئلة: لماذا انسحبت روسيا من قاعدة الشعيرات ولم تواجه الأميركيين؟ لماذا تركتهم يضربون الحليف الذي تحميه، وهي تدرك الكلفة المعنوية الكبيرة لهذا العجز؟
أما ضعف النظام السوري فقد تجلى بعدم رده على الصواريخ، وهو الذي أعلن في 17 مارس/ آذار الماضي أنه رد على الغارات الإسرائيلية التي استهدفت تدمر والقلمون، وقال إعلامه في حينها إنه يمتلك أسلحة تغير قواعد الاشتباك في الأجواء السورية، وتحدثت، في حينه، تسريبات عن وقوف إيران وراء قرار الرد. - أشارت وزارة الدفاع الأميركية مساء أمس الى أنها تحقق في احتمال تورط روسيا في استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي، وتسربت معلومات أن إحدى الطائرتين اللتين شاركتا في العملية على خان شيخون كان على متنها طيار روسي إلى جانب طيارين سوريين. وبالإضافة إلى ذلك سجلت واشنطن ضد موسكو تواطؤها مع النظام السوري على عدم تسليم كل مخزونه من الأسلحة الكيميائية، بناء على الاتفاق الذي تم حول ذلك برعاية الأمم المتحدة بعد جريمة الغوطة في أغسطس/ آب 2013.
- كل التصريحات الأميركية تركزت حول ضرورة تحمل روسيا لمسؤوليتها، سواء على صعيد التزام النظام بوقف إطلاق النار، أو ارتكاب جرائم حرب باستخدام الاسلحة الكيميائية، وهذا الأمر سيكون على جدول زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى موسكو في 11 و12 من الشهر الحالي، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته، سيرغي لافروف. وفي حين أكدت المصادر الأميركية أن الزيارة لا تزال قائمة في موعدها المحدد، صدرت في ثاني يوم للغارة عدة إشارات من موسكو على إلغاء الزيارة، وهذا دليل ضعف روسي وعدم القدرة على المواجهة، واعتراف ضمني بالتورط في جريمة خان شيخون، مما يعرض العلاقات الروسية الدولية لهزة كبيرة.