الدوحة تحدد معايير الحل: إجراءات تشمل الجميع ولا تمسّ السيادة

07 يوليو 2017
وزير الخارجية القطري: لن نناقش مطالب تمسّ السيادة(صامويل كورم/الأناضول)
+ الخط -
دخلت الحملة المفتعلة ضد قطر مرحلة أقرب إلى التجميد المؤقت، في ظل الضغوط الدولية على معسكر الحصار، ممثلاً في السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر، بعدما فشل هذا المعسكر، على مدى شهر كامل من الحملات الإعلامية والسياسية والدبلوماسية، في إقناع المجتمع الدولي بمصداقية الافتراءات والاتهامات الموجهة من قبله إلى الدوحة، في مقابل نجاح الدبلوماسية القطرية في تطويق الحملة، عبر تفنيد الاتهامات وإظهار عدم مصداقيتها، فضلاً عن كشف أهدافها الحقيقية الساعية إلى تكميم الأفواه ووصم الأصوات المعارضة لمعسكر التصعيد أيا كانت بـ"الإرهاب"، إلى جانب محاولة الهيمنة على القرار القطري. وهو ما أكدت الدوحة، منذ اليوم الأول للحملة المفتعلة ضدها، رفضها له، من دون أن تغلق باب الحوار بما لا يمسّ سيادتها.
وقد أعاد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، التأكيد على هذه الثوابت في المقابلة التي أجراها مع شبكة "سي إن إن"، في ما وضع ما يمكن وصفه بـ"معايير" لحل الأزمة، عبر تأكيده أن قطر "لن تمتثل لأي مطلب ينتهك القانون الدولي، وأي إجراء يقتصر على دولة قطر وحدها، معتبراً أن "أي حل يجب أن يشمل الجميع وليس قطر وحدها".
وعن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء نشوب هذه الأزمة، قال الوزير القطري: "نعتقد أن استقلالية دولة قطر وسياستها قد تكون وراء هذه الأزمة، إذ كانت سياسة قطر مستقلة على الدوام".



في موازاة ذلك، يتوقع أن تتكثف الضغوط على معسكر الحصار، في الأيام القليلة المقبلة، أخذاً بعين الاعتبار التحركات الدبلوماسية الغربية التي ستشهدها منطقة الخليج. وفي السياق، علم "العربي الجديد" من مصادر مطلعة أن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، ونظيره البريطاني بوريس جونسون، سيقومان بزيارتين منفصلتين إلى المنطقة قريباً، لبحث الأزمة الخليجية التي دخلت شهرها الثاني.
وبحسب المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد"، فإن محطات تيلرسون المفترضة في المنطقة لم تتضح بشكل كامل، وإن كانت الدوحة ستكون محطة أساسية فيها. ومن غير المعلوم بعدُ ما إذا كان الوزير الأميركي يحمل مبادرة جديدة من وحي كلام الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أول من أمس، عن ضرورة "التفاوض البنّاء" بين أطراف الأزمة الخليجية.
وفي ما يتعلق بزيارة وزير الخارجية البريطاني، فقد علمت "العربي الجديد" أنه سيقوم بجولة في المنطقة خلال الأيام المقبلة، تشمل كلاً من قطر والكويت والسعودية، وذلك في إطار الجهود الدولية لحل الأزمة ووقف الحصار على قطر، ودعم الوساطة الكويتية في هذا المجال.
وتأتي زيارة تيلرسون وجونسون بعد اجتماع وزراء خارجية دول الحصار، أول من أمس الأربعاء في القاهرة، وتبلور موقف أميركي باتجاه التهدئة في الأزمة الخليجية، والدعوة إلى مفاوضات بناءة، وذلك خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ترامب ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، بالتزامن مع اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع.
في موازاة ذلك، استبعد وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، أمس الخميس، أي تصعيد عسكري في الأزمة الخليجية، مشيراً إلى وجود تقدّمٍ في مساعي حلّ هذه الأزمة. وذكر غابرييل أنه في حين بدا رد فعل وزراء خارجية دول الحصار، الذين اجتمعوا في القاهرة، يوم الأربعاء، "قاسياً"، إلا أنه لم تعد هناك إشارة إلى العديد من المطالب، في إشارة إلى قائمة الإملاءات المؤلفة من 13 بنداً التي قدمتها دول الحصار إلى قطر، قبل أن يعكس البيان الذي تلاه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في أعقاب اجتماع وزراء خارجية رباعية الحصار، تخفيضاً لسقف الإملاءات وقصرها على 6 بنود، مع محاولة الترويج لها على أنها "مبادئ" للحل.
كما أشار غابرييل، في مقابلة مع راديو ديوتسكلاندفونك، أمس الخميس، إلى أن "هناك اتفاقاً مع قطر على فتح جميع ملفاتها لأجهزة الاستخبارات الألمانية إذا كان لديها أسئلة حول بعض الأشخاص والكيانات"، مشيراً إلى أن بلاده ستشارك في الجهود الرامية إلى إزالة اتهامات دول عربية لقطر، وذلك بعدما كانت ألمانيا من أوائل الدول الغربية التي رفضت حصار قطر، وأكدت أن قائمة "الإملاءات الـ13" استفزازية وغير قابلة للتطبيق.


معايير الحل القطري
وأكّد وزير الخارجية القطري، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، أن الحصار المفروض على بلاده يعد عملاً عدائيّاً، مشدّداً على أن بلاده لن تمتثل لأي مطلب ينتهك القانون الدولي، أو أي إجراء يقتصر على دولة قطر وحدها، معتبراً أن "أي حل يجب أن يشمل الجميع وليس قطر وحدها". وأضاف الوزير القطري: "إننا لو نظرنا بتمعّن إلى المطالب المقدمة إلى دولة قطر سنجد اتهامات بدعم دولة قطر للإرهاب، ومطالب تتعلق بتقييد حرية التعبير، وإغلاق منافذ إعلامية، وطرد معارضين، علاوة على مطالب أخرى فيها انتهاك للقانون الدولي؛ كالدعوة لسحب الجنسية القطرية من بعض الأفراد وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية".
وفنّد وزير الخارجية قائمة الافتراءات قائلاً: "إنهم يتهمون دولة قطر بأن لديها علاقات خاصة مع إيران على سبيل المثال، في الوقت الذي لم يقوموا فيه باتخاذ أي إجراءات ضد إيران نفسها، لذلك فإن ما اتُخذ من إجراءات ضد دولة قطر هو عمل عدائي ويتعلق بأسباب أخرى وليس بإيران". كما أكد أن "إغلاق قناة الجزيرة هو مسألة خارج النقاش"، مضيفاً: "لن نقوم بمناقشة أي مطلب يمس سيادة دولة قطر".
ونفى وزير الخارجية القطري تمويل بلاده أي جماعات إرهابية، مؤكداً أنه "لو تورط أي مواطن قطري في تمويل أي جماعة إرهابية فستتم محاسبته، وهناك عدة حالات فردية تتم محاكمة فاعليها، وقد جرت إدانتهم بالفعل".
وحول دعم دولة قطر لجماعة "الإخوان المسلمين"، التي تصنّفها مصر جماعة إرهابية، قال وزير الخارجية "إن مصر تصنفهم جماعة إرهابية، لكن بالنسبة لنا في دولة قطر لا نسميهم جماعة إرهابية، ودولة قطر لا تكفل هذه الجماعة ولا وجود لهم في بلدنا".
وحول دور الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته لهذه الأزمة، قال وزير الخارجية "إن العلاقات الأميركية القطرية قوية جدّاً، والإدارة الأميركية تقوم بدور كبير في حل الأزمة، وهي تحاول حل هذا الصراع، وهناك العديد من الخطوات التي اتُخذت من جانبها لحث الدول المحاصرة على تقديم مطالبها، وبالتالي هناك دور للولايات المتحدة في الوساطة لحل الأزمة".
وأضاف أن "ترامب تحدّث هاتفيّاً مع سمو الأمير، وأكد ضرورة حل الأزمة، ودعا إلى عدم التصعيد فيها، وهذا هو موقف الولايات المتحدة بالنسبة لنا".
في غضون ذلك، حضرت الأزمة في المباحثات التي أجراها وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية، سلطان بن سعد المريخي، مع مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، الذي أعرب عن قلق الأمم المتحدة من استمرار الأزمة. مؤكداً دعمها للوساطة الكويتية.

المساهمون