اتصالات بين السفارة المصرية وفريق ترامب لبحث "التعاون المستقبلي"


19 اغسطس 2016
لم يتفق النظام المصري مع الديمقراطيين (ساول لوب/فرانس برس)
+ الخط -
 تكشف مصادر دبلوماسية مصرية واسعة الاطلاع لـ"العربي الجديد" عن وجود اتصالات مباشرة وسرية بين أفراد في البعثة الدبلوماسية المصرية في واشنطن، وقيادة الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب، لتنسيق التعاون في عدد من الملفات الإقليمية، ودراسة آفاق العلاقات المصرية الأميركية في حالة فوز ترامب بالرئاسة.

في هذا السياق، تؤكد المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "الاتصالات بدأت منذ شهرين، وتحديداً بعدما أصبح في حكم المؤكد تسمية ترامب مرشحاً للحزب الجمهوري، في مواجهة مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون"، مشيرة إلى أن "مصر لم تجرِ اتصالاتٍ مشابهة بقيادة حملة كلينتون، بل تكتفي فقط بالاتصالات الرسمية بين السفارة المصرية، والحزب الديمقراطي وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما".

ووفقاً للمصادر، فإن الاتصالات أسفرت عن "تعهّد الجانب الجمهوري بتوثيق التعاون مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، والعمل على استمرار تدفق المساعدات الاقتصادية والعسكرية، ورعاية التحركات الإقليمية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خصوصاً بما يخصّ القضية الفلسطينية والتقريب بين الفلسطينيين وإسرائيل".

كما تشير المصادر إلى أن "فكرة إقامة دولة فلسطينية عاجلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، التي يدعو إليها السيسي مقابل التقارب مع إسرائيل، ليست ذات أولوية بالنسبة لترامب ومساعديه، لكن الأهم بالنسبة لهم، هو ضمان حماية إسرائيل ومصر من الأخطار الإرهابية المتوقعة من سيناء، والعمل بجدية على إنهاء حرب السلطة المصرية على الإرهاب، بدحر العصابات المنتمية فكرياً لتنظيم داعش".

وتوضح المصادر أن الاتصالات بين الجانبين تضمنت أيضاً إبداء الدبلوماسيين المصريين اعتراضهم، وامتعاض السيسي من عدم دعوته رسمياً إلى واشنطن خلال فترة رئاسته، على الرغم من دعوته لجميع العواصم العالمية، بالإضافة إلى التعامل البارد من قبل إدارة أوباما مع الأوضاع الجديدة في مصر، عقب الإطاحة بحكم الرئيس المعزول، محمد مرسي، منتصف عام 2013.





ويرى مراقبون، أن "التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، أمنياً واستخباراتياً، ثم سياسياً، بالتضييق على تيارات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط وتحركاتها السياسية في الغرب، سيكون على رأس مجالات التنسيق بين السيسي وترامب، في حال فوز الأخير بالرئاسة الأميركية".

ويسعى السيسي لربح المزيد من صفقات توريد الأسلحة التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً في العامين الأخيرين، على الرغم من رفع الحظر الذي كان قد فرضه الكونغرس على الصادرات لمصر، بالإضافة لوقف الضغوط التي مارستها إدارة أوباما أخيراً بشأن أزمتي التمويل الأجنبي لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والأوضاع الحقوقية للمعارضين والسجناء.

وتنتعش آمال السيسي في تعميق التعاون، وتجاهل واشنطن لسلبيات نظامه في ملفات الحقوق والحريات، والأمن، في ظل العديد من مساحات الاتفاق بين أفكار السيسي وأفكار المعسكر المتشدد داخل الحزب الجمهوري، الذي خرج منه ترامب، لا سيما الاتفاق على نظرية "معاداة الثورات الشعبية للحفاظ على كيانات الدول" التي لا يكف السيسي عن ترديدها، وذكرها ترامب أخيراً في خطابات عدة.

وكان ترامب قد اختصّ السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كنموذجين للزعماء الذين سيتعامل معهم "لمحاربة الإسلام المتطرف، ورفض ثقافة الموت التي يتبنّاها تنظيم داعش"، وذلك في مؤتمر دعائي عقده، يوم الأحد، كما اعتبر أنهما "من أصدقائه".

وفي هذ المؤتمر انتقد ترامب إدارة أوباما "لاتخاذها سلسلة من القرارات الكارثية في الشرق الأوسط" كما انتقد ثورات الربيع العربي ضمنياً بقوله "كان لدينا في مصر حليف، ينتهج نظاماً علمانياً هو حسني مبارك الذي كنت ضد خلعه، فأنا ضد سياسة خلع وإسقاط الأنظمة في الشرق الأوسط، لما تسببه من فراغ تشغله التنظيمات الإرهابية كما يحدث في ليبيا".

وتكاد كلمات ترامب في هذا السياق تتطابق مع خطابات السيسي المعادية للتيارات الإسلامية، والداعية لتجديد الخطاب الديني المتوارث، والتي تعتبر الثورات الشعبية كوارث تؤدي لانهيار الدول، ونجت منها مصر بسبب انقلابه على مرسي.

وسبق أن أعرب نواب جمهوريون زاروا مصر في سياق سبعة وفود منذ منتصف عام 2014، عن تفهّمهم لرؤى السيسي حول "ضرورة التصدي للتيارات الإسلامية، بمختلف أطيافها، سواء في مصر أو ليبيا أو سورية، باعتبارها تستقي أفكارها من رافد واحد". وكذلك دعواته إلى "دعم الأنظمة الحاكمة في الدول المتماسكة على مستوى المؤسسات، التي يعتبر أن مصر واحدة منها، وذلك بهدف رفع مستوى شعوب المنطقة اقتصادياً واجتماعياً، والقضاء على أسباب تزايد موجات الهجرة الشرعية وغير الشرعية إلى أوروبا وأميركا".

وتعدّدت في الأشهر الـ15 الأخيرة، لقاءات السيسي مع وفود الكونغرس من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، التي يغلب عليها الطابع الجمهوري. حتى أنه في هذا الإطار، أكد رئيس مجلس النواب، بول رايان، على "ضرورة استمرار دعم مصر كواحدة من الدول المؤسساتية القليلة القائمة في الشرق الأوسط، بغض النظر عن الخلافات حول سياساتها الحقوقية والداخلية".

في المقابل، فإن لقاءات السيسي مع وزير الخارجية الديمقراطي، جون كيري، والمرشحة الرئاسية الديمقراطية، هيلاري كلينتون، وزوجها، الرئيس الأسبق بيل كلينتون، في نيويورك في سبتمبر/أيلول 2014، سيطر عليها التوتر بسبب الاختلاف الشاسع في الرؤى بين السيسي وقيادات الحزب الديمقراطي، وإصرارهم على مناقشة سلبيات النظام المصري، وتبنيهم رؤى مختلفة بشأن دمج الإسلام السياسي في المنطقة.


المساهمون