وكان صعباً التوصل إلى تفاهمات بشأن استبدال الأسماء الخلافية على وزارتي الداخلية والدفاع، إذ ما يزال تحالف "البناء" الممثل لفصائل "الحشد الشعبي" وأطراف سنية مصراً على ترشيح فالح الفياض. كما أن موقف الأخير من المضي في الترشح لم يتزحزح خلال الجلسات البرلمانية السابقة، رغم أنه شكّل عقدة الحكومة الحالية. في المقابل، في موازاة ذلك، لم يتمخّض عن حوارات الأحزاب السنية الحاصلة على وزارة الدفاع عبر التقسيم الطائفي والحزبي المعمول به في البلاد، وما يعرف بـ"المحاصصة"، اسم يحظى بمباركة باقي الكيانات السياسية، للتصويت عليه وتمريره.
وخلال أيام العطلة التي قررها البرلمان لمناسبة أعياد رأس السنة، لم تصدر أي مواقف سياسية من الكيانات، بشأن استكمال ملف الوزارات الشاغرة. واقتصرت التعليقات من مسؤولين وبرلمانيين على قضية الوجود الأميركي في العراق وزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العراق ومحاولة استضافة عبد المهدي في واشنطن لمناقشة الملف الأجنبي في العراق.
وبالنسبة لوزارة العدل، فقد كشف مصدر سياسي كردي، عن "احتدام الصراع بين القوتين الكرديتين الكبريين في اقليم كردستان العراق، (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني)، بشأن المنصب، إذ يسعى كل طرف منهما لإقناع الآخر بالتنازل"، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "للاتحاد الوطني الكردستاني الحظ الأوفر في نيلها، بعد التوصل إلى اتفاق مبدئي مع تحالف الإصلاح والإعمار (الذي يضم تياري مقتدى الصدر والحكيم وحزب اياد علاوي) بالتصويت لصالح مرشحهم، وأن الخلاف الكردي الكردي يتمحور حول ترشيح محافظ كركوك والاستحقاق الوزاري، يضاف إلى ذلك، ما يتعلق بالاستحقاقات الحزبية للفائزين بانتخابات الإقليم".
في السياق، قال النائب عن تحالف "البناء" حنين قدو، لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف لم يتوصل لغاية الآن إلى بديل لمرشح وزارة الداخلية، ولم تفلح الحوارات والاجتماعات الليلية بإيجاد شخصية أخرى غير رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض"، مشيراً إلى أن "بعض أعضاء تحالف الفتح، كانوا قد اقترحوا اختيار وزير الداخلية قاسم الأعرجي، لكن المقترح لم يلق ترحيباً من أعضاء آخرين، وعلى الأغلب فإن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي سيطرح نفس الأسماء التي طرحها في الجلسات السابقة، بالنسبة لوزارات الداخلية والدفاع والعدل".
ولفت قدو إلى أن جلسة الثلاثاء "لا يمكن قراءتها أو معرفة ما سيحدث خلالها، ولكن طريقة تحالف الإصلاح الذي رفض التصويت لصالح الفياض، يبدو أنها باقية على وضعها من دون تغيير، لأن التحالف يعتبر أن الفياض متحزب وقريب من منظمة بدر، التي حصلت على منصب وزير الداخلية في الحكومات السابقة". وأشار إلى أن "الخلافات السياسية وعدم التوصل إلى قرار موحّد لاستبدال الأسماء، ستُجبر عادل عبد المهدي على طرح نفس الأسماء المرشحة من دون تبديل".
من جهته، أكد عضو تحالف "سائرون" وليد النجار، أن "نواب تحالفه يرفضون التصويت على فالح الفياض، وعلى أي اسم لم تتم الموافقة عليه خلال الجلسات البرلمانية السابقة". وذكّر بأن تحالف سائرون أعلن موقفه المعارض لأي مرشح لوزارتي الدفاع والداخلية من خارج السلك العسكري. ولفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "يجب تبديل اسم الفياض، بمرشح آخر، يتوافق مع الشروط المُتفق عليها بين الكيانات السياسية قبل منح الثقة لعبد المهدي، ومن بينها أن يشكل حكومة كفاءات". وأضاف "الوضع ينطبق أيضاً على وزير العدل والدفاع، وهذا الاتفاق لن يتغير ولا يتأثر بالمصالح السياسية".
إلى ذلك، أوضح المحلل السياسي محمد الركابي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "استمرار الكيانات السياسية الكبيرة، تحديداً سائرون والبناء، بالتعامل على طريقة الفأر والقط، سيعطل تشكيل الحكومة لمزيد من الوقت". وأشار إلى أن "بقاء القوى السياسية التي تسيطر على الحكم، على خلافاتها الشخصية، ومحاولة تسيير الوزارات على طريقتها ووفق رؤيتها، سيؤدي إلى غضب شعبي يضاف إلى الغضب الحالي، لا سيما أن ما يحدث حالياً لم يحدث خلال كل السنوات الماضية التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق (2003)".