بعد انقلاب عدن... هل أصبحت عودة "الشرعية" مستحيلة؟

12 يوليو 2017
هادي خلال زيارة إلى عدن عام 2015(صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
بعد ما يزيد على 27 شهراً على بدء العمليات العسكرية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، بمبرر دعم "الحكومة الشرعية" ضد تحالف الانقلاب عليها، بات الحديث عن عودة "الشرعية" لتسيطر على البلاد، الاحتمال الأضعف، في ظل وضع آخر يتشكل، يتعدى استمرار سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها الموالين لعلي عبدالله صالح، على العاصمة صنعاء وأغلب المحافظات الشمالية، إلى ما يحصل جنوباً من بروز قوى تتبنى الانفصال صراحة، وترتبط بدول في التحالف، وتحديداً الإمارات العربية المتحدة

وفي الوقت الذي ما تزال فيه الحكومة الشرعية تصف مدينة عدن، ثاني أهم مدن البلاد، بـ"العاصمة المؤقتة"، تؤكد مصادر محلية في المدينة لـ"العربي الجديد"، أن القوات الموالية للحكومة وللرئيس عبدربه منصور هادي تحديداً، لا تسيطر على كامل عدن، التي تبلغ مساحتها مئات الكيلومترات، حيث تتنازع السيطرة قوات "الحماية الرئاسية" الموالية للشرعية، إلى جانب قوات موالية لما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، وأخرى محسوبة على أبوظبي، بشكل مباشر، كـ"قوات الحزام الأمني"، بالإضافة إلى قوات أخرى موزعة الولاءات، وتُوصف بعضها بأنها أقرب إلى مليشيات منها إلى قوات نظامية.

ومنذ ما يزيد على شهر، استقر رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر، في عدن، إلى جانب محافظ المدينة المعين حديثاً، عبدالعزيز المفلحي، ومسؤولين آخرين في الحكومة الشرعية، تنحصر تحركاتهم في مناطق محدودة داخل عدن، ويتخذون من القصر الرئاسي في منطقة المعاشيق، مقراً مؤقتاً، غير أن العديد من المؤشرات، تشير إلى أن حضور الحكومة ممثلة في رئيسها بعدن، أقرب إلى الرمزي، منه إلى التعبير عن سيطرة حقيقية.
وفي السياق، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من عامين على إعلان "عدن محررة" من الانقلابيين، لا يزال الرئيس هادي والعديد من الوزراء والمسؤولين في الحكومة الشرعية، يقيمون في السعودية ويتنقلون إلى عواصم أخرى، الأمر الذي يعد أكبر نقطة ضعف لـ"الشرعية"، ويعكس فشلاً للحكومة والقوى المتحالفة معها من جهة، وللتحالف العربي الذي تقوده الرياض من جهة أخرى.
ولإبعاد الحرج الواقع على "الشرعية" لبقائها خارج البلاد، سعى التحالف لدعم الرئيس هادي وأغلب أعضاء الحكومة بالعودة إلى عدن، أكثر من مرة، غير أن الواقع بدا أكبر من القدرة على التغطية، فحتى على مستوى القوى التي جمعتها الخصومة ضد الحوثيين وصالح والتحالف مع السعودية والإمارات، إلا أنها لا تعمل جميعها في سبيل عودة الحكومة الهشة التي أسقطها الانقلاب في صنعاء أواخر عام 2014. ولعل أبرز تجليات ذلك، كان "الحراك الجنوبي"، الذي تحالف مع أبوظبي، لينعش من جهوده الرامية للانفصال أو "الاستقلال الذاتي" على الأقل، في حين أن محافظة مأرب، مركز القوى المناهضة للحوثيين والتي تمثل الشرعية شمالاً، تبدو الأكثر تمسكاً بفكرة "عودة الشرعية"، لكنها هي الأخرى لا تبدو منسجمة مع القوى التي صعدت عقب الحرب في الجنوب.

وكانت التطورات التي شهدتها عدن مطلع مايو/أيار الماضي بمثابة انقلاب جديد ضد "الشرعية"، لكن في عدن، التي تطلق عليها الحكومة صفة "العاصمة المؤقتة"، إذ تم الإعلان عما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" ليبدو ضربة كبيرة للحكومة الشرعية الهشة أصلاً، وبذلك تراجع الحديث عن فكرة "عودة الشرعية، وضعفت آمال من كانوا يعتقدون أن الحرب التي يقودها التحالف بقيادة السعودية يمكن أن تعيد الحكومة، إذ بات أمامها مشكلات وتحديات كبيرة في عدن الواقعة تحت سيطرة التحالف، فضلاً عن صنعاء البعيدة والواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وفي مقابلة شهيرة مطلع مايو الماضي، برر ولي ولي العهد السعودي في ذلك الحين (قبل تعيينه لاحقاً في منصب ولي العهد)، محمد بن سلمان، بقاء قيادات الشرعية خارج البلاد، بأنه احتراز أمني لتجنب تعرضها للاستهداف، لكن التطورات في الواقع، شمالاً وجنوباً، تعزز أن الشرعية أصبحت أقرب إلى بقاء مؤقت، قد يتم التخلي عنها لصالح صيغة تسوية تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة توافقية، أو يستمر الوضع على ما هو عليه، في ظل غياب مؤشرات وجود أي تقدم سياسي، عدا عن التسريبات التي ينفيها الطرفان.
يذكر أن الرئيس اليمني وأغلب أعضاء حكومته غادرا البلاد مع اجتياح الحوثيين لعدن وبدء عمليات "عاصفة الحزم" في 26 من مارس/آذار2015، وفشلت أكثر من محطة سياسية رعتها الأمم المتحدة منذ ذلك الحين لمحاولة التوصل إلى حل سياسي يوقف الحرب، فيما بقيت عودة الحكومة إلى عدن، ما بين جزئية أو مؤقتة، تواجه شتى التحديات الأمنية والسياسية والخدمية.

المساهمون