القلق من لقاء ترامب وبوتين يسيطر على قمة "الأطلسي"

08 يوليو 2018
خلال قمة "الأطلسي" في بروكسل، مايو 2017(أريك فيفيربرغ/فرانس برس)
+ الخط -
يستعد قادة الاتحاد الأوروبي لجولة جديدة من الصدام مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل في 11 و12 يوليو/تموز الحالي، وذلك بعد "معركة" اندلعت خلال قمة مجموعة السبع أخيراً وفي عز حرب تجارية وطلاق سياسي غير مسبوق بين جناحي الحلف، أميركا وأوروبا. كما تزايدت المخاوف من أنه قد يقدم تنازلات للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال قمتهما في هلسنكي التي تلي اجتماع "الأطلسي" بأربعة أيام. وكان ترامب شكا من ألمانيا ودول أوروبية أخرى، قائلاً إنها بحاجة لزيادة الإنفاق على حلف شمال الأطلسي، وهو أمر يبدو أنه سيكرره خلال القمة، ما سيزيد من التوتر بين الطرفين. واتفق أعضاء الحلف، الذي وصفه ترامب بأنه "لا يجدي نفعاً" قبل أن يتراجع عن ذلك، على إنفاق اثنين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع كل عام بحلول 2024، لكن ألمانيا وإسبانيا، ضمن مجموعة دول، لن تحققا هذا الهدف على الأرجح. ويسيطر الخلاف في وجهات النظر في مواضيع عدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، واتفاقية باريس للمناخ، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأخيراً الحرب التجارية بين الطرفين، ما قد يؤثر على علاقات التعاون بين دول حلف شمال الأطلسي. وكان ترامب أعلن موافقته على بيان اجتماع مجموعة السبع التي عقدت في كندا الشهر الماضي، قبل أن يتراجع ويعلن رفضه برسالة نشرها عبر "تويتر"، ما يجعل مصير القرارات التي ستصدر عن قمة "الأطلسي" على المحك.

ويشعر نواب وخبراء أمن ألمان بقلق متزايد من احتمال أن يتخذ ترامب، إجراءات غير متفق عليها مع حلف شمال الأطلسي خلال لقائه مع بوتين. وكشف منسق العلاقات عبر الأطلسي في الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بيتر باير، أنه لم يتم ضم دول حلف شمال الأطلسي في التخطيط لقمة ترامب وبوتين في هلسنكي في 16 يوليو/تموز الحالي. وقال باير، لمجموعة "فونكه" الإعلامية في مقابلة نُشرت أمس السبت، "هناك مخاوف متزايدة في التحالف بشأن الاتفاقيات التي يمكن أن يتوصل إليها بوتين وترامب". ويستعد ترامب للتوجه الثلاثاء المقبل إلى أوروبا حيث يعقد اجتماعات مع حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي في بروكسل، كما يزور بريطانيا قبل عقد اجتماع مع بوتين. وقال باير، العضو في الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل، إن اجتماع القمة الذي عقده ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، في سنغافورة أخيراً، أثار مخاوف من أن ترامب سيعطي فرصة لبوتين كي "يخدعه" في هلسنكي. وأضاف أن "كيم لم يقدم سوى وعود حتى الآن. لا نعرف ما إذا كان قد توقف عن تخصيب اليورانيوم. ترامب فقط هو الذي وصف القمة بأنها ناجحة".

وحذر رئيس مؤتمر ميونخ للأمن وسفير ألمانيا السابق لدى واشنطن، فولفغانغ إيشينغر، من إمكانية رفض ترامب التوقيع على بيان خلال اجتماع قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل، مكرراً ما فعله خلال اجتماع قمة مجموعة السبع. وقال إيشينغر، لصحيفة "دي فيلت" في مقابلة نُشرت أمس السبت، "لا يمكن استبعاد ذلك". واعتبر أنه وعلى الرغم من انتقاد ترامب فإن حلف شمال الأطلسي في أفضل حالاته منذ سنوات، في ضوء زيادة الإنفاق العسكري وجهود تعزيز الدفاعات في دول البلطيق وبولندا بعد ضم روسيا لمنطقة القرم من أوكرانيا في 2014. وأعلن زعيم الحزب الديمقراطي الحر المؤيد لقطاع الأعمال، كريستيان ليندنر، في مقابلة مع صحيفة "دويتشلاند فونكه"، أنه لا يثق في ترامب وأن تصرفاته بشأن التجارة وفي مجال الأمن ليست في صالح الولايات المتحدة على المدى البعيد. وقال "إنه متقلب جداً. يمكن لترامب تغيير موقفه 180 درجة خلال 24 ساعة". ولكن ليندنر حذر من تزايد المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في ضوء أن أميركا كانت وستبقى أوثق حليف لألمانيا.



وقال نائب رئيس صندوق مارشال الألماني، يان ليسير، في مقابلة مع "الأناضول"، إن "التوتر الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق النووي الإيراني، واتفاقية المناخ، إلى جانب التوترات في مجال التجارة، سيكون لها انعكاسات على مستوى حلف الأطلسي". وأشار إلى أنه "مع تولي إدارة ترامب للحكم، أصبح هناك شكوك حول تمسك الولايات المتحدة بالمادة الخامسة من ميثاق الأطلسي، والتي تضمن الدفاع المشترك عن أمن الحلفاء"، لكنه أوضح أن "إعلان مسؤولين أميركيين أخيراً إيلاءهم أهمية كبيرة لأمن الاتحاد الأوروبي، ساهم في تخفيف حدة تلك الشكوك". واعتبر ليسير أن "محاولات تدخل الولايات المتحدة بالشؤون الداخلية لأوروبا تزيد من حالة الغموض في الوسط السياسي بين الجانبين"، موضحاً أن "حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي يضمان 22 عضواً مشتركاً، الأمر الذي قد يؤدي لانعكاس التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على العلاقات داخل الأطلسي". وقال إن "دول الحلف بدأت بضغط من الولايات المتحدة بزيادة إنفاقها العسكري، لكن بالنظر إلى أن دولا كثيرة، على رأسها ألمانيا، غير ملتزمة بإنفاق 2 في المائة من ناتجها المحلي، فإنه من المرتقب أن يوجه ترامب انتقادات لاذعة للحلفاء في الأطلسي".

وعلى عكس قمم الاتحاد الأوروبي، فإن البيانات الختامية الناتجة عن قمم حلف شمال الأطلسي تعتبر حصيلة شهور طويلة من المباحثات بين الحلفاء، إذ يوّقع القادة خلال القمة على القرارات المتفق بشأنها مسبقاً. ولذلك تتصاعد المخاوف من أن تشهد القمة رفض ترامب لبعض القرارات، على غرار رفضه لبيان مجموعة الدول السبع بعد موافقته أولياً عليه. وأوضح ليسير أن "قرارات الأطلسي تجهز بشكل جيد عادة، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار الحادثة التي وقعت إزاء بيان مجموعة السبع، يمكن القول بأنه لا شيء مؤكد حول قرارات قمة الأطلسي". وستلعب مواقف ترامب خلال القمة دوراً مهماً في تحديد مستوى التضامن والوحدة الوثيقة ضمن الحلف، قبيل قمة ترامب وبوتين. وأوضح ليسير أن "نقص التضامن في الأطلسي لا يبعث برسائل إلى روسيا فحسب، إنما يدفع بالحلف لتوجيه رسائل خاطئة حول العديد من المشاكل التي تعترضه".
(رويترز، الأناضول)

المساهمون