وكشفت مصادر مصرية خاصة متابعة للشأن الليبي، لـ"العربي الجديد"، أن وزير الدفاع المصري الفريق محمد زكي، أطلع السيسي خلال لقائه به، أمس الثلاثاء، على تفاصيل الوضع الميداني في ليبيا، على ضوء الدعم اللوجستي والعسكري الكبير الذي قدّمته القاهرة لحفتر، أخيراً، لمساعدته على حسم معركة اقتحام طرابلس.
وأوضحت المصادر أن زكي قدّم تقريراً مفصلاً للسيسي حول الاجتماعات التي جرت في حضور مساعدي وزير الدفاع المصري، مع حفتر، خلال الأيام الخمسة الماضية. ولفتت المصادر إلى أن الرئيس المصري هو الذي طلب تلك التقارير، قبل تعليقه الرسمي الأول على الأحداث في ليبيا، خصوصاً بعد التصريحات التركية بشأن استعداد أنقرة لإرسال قوات عسكرية إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق.
وقالت المصادر إن وزير الدفاع المصري تلقى موافقة من السيسي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإدخال أنواع من الدبابات روسية الصنع تشبه تلك التي تستخدمها قوات حفتر من بقايا الأسلحة التي كانت بحوزة جيش العقيد الراحل معمر القذافي، وذلك بعد تدريبات تلقاها ضباط في مليشيات حفتر في قاعدة محمد نجيب العسكرية، غرب مصر.
وأوضحت المصادر أنه تم الاتفاق مع حفتر على أن تزويده بتلك النوعية من الدبابات سيكون بشكل مؤقت، على أن تتم استعادة ما سيتبقى منها عقب انتهاء المعركة وتحقيق أهدافها، في إشارة إلى اقتحام العاصمة الليبية، لافتة إلى أنه تم الاتفاق على هذه الصيغة تجنّباً للصدام مع القرار الأممي بحظر التسليح المفروض على أطراف النزاع في ليبيا. وأوضحت أن الدبابات تعد من الأسلحة الثقيلة التي يصعب إدخالها إلا ضمن اتفاقات كبرى، على عكس السيارات المدرعة، ونوعيات الأسلحة الأخرى.
وقالت المصادر إن القرارات والتصريحات المصرية الأخيرة بشأن الأوضاع في ليبيا، جاءت بعدما "لمست القاهرة نوايا جادة من أنقرة بالتدخّل العسكري المباشر في ليبيا، ما يمثل مساساً مباشراً بالمصالح والأمن المصريين"، على حدّ تعبير المصادر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد كرر، أول من أمس الإثنين، إعلانه الصريح عن عدم التخلي أو التراجع عن دعم مليشيات حفتر في "الجيش الوطني الليبي"، وذلك خلال لقاء بالإعلاميين المشاركين في منتدى شباب العالم بشرم الشيخ. وقال السيسي إن "موقف مصر الداعم للجيش الوطني الليبي ثابت ولا يمكن التراجع عنه"، زاعماً أن البديل لذلك هو "إقامة دولة للتنظيمات المتطرفة والجماعات الإرهابية". وفي إشارة واضحة إلى تركيا من دون تسميتها، أكد السيسي أن "مصر لن تسمح لأي طرف بالسيطرة على ليبيا أو السودان، لأنهما يمثلان العمق الاستراتيجي للأمن القومي المصري".
من جهة أخرى، كشف مصدر عسكري ليبي في القوات الموالية لحكومة الوفاق، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، عن قيام مسؤولين عسكريين أتراك باستطلاع محاور القتال في طرابلس، لإعداد تصور كامل للقيادة السياسية والعسكرية العليا في بلادها، في حال تم اتخاذ قرار بإرسال قوات عسكرية إذا ارتأت حكومة الوفاق ذلك على ضوء المستجدات الميدانية خلال الأيام المقبلة.
وأكد المصدر أن الأوضاع الميدانية على الأرض تعد في وضعها الطبيعي منذ فترة طويلة، نافياً الأنباء العكسية التي يرددها المتحدث باسم مليشيات حفتر، أحمد المسماري، قائلاً في الوقت ذاته إن "هذه النوعية من التصريحات تنمّ عن تراجع كبير لقوات حفتر على الأرض"، متابعاً "مثل تلك التصريحات تأتي كل مرة عقب تراجع مليشياتهم وذلك للتغطية على الخسائر، وبث معنويات لصفوف مقاتليهم". وقال المصدر إنه "على الرغم من توافد الأسلحة المصرية والإماراتية إلى محاور القتال، إلا أن قوات حكومة الوفاق تتصدى بكفاءة عالية للمعتدين".
يأتي هذا في الوقت الذي نشر فيه المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ على حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، تغريدة قال فيها "مَن هو المجلس الرئاسي الليبي الذي أصدر بياناً اليوم يتناول مصر؟ ما نعلمه هو أن ذلك المجلس يتكون من تسعة أشخاص... أين هؤلاء الآن؟".
ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وزير الخارجية المصري سامح شكري، في العاصمة المصرية القاهرة، التي وصلها مساء أول من أمس الإثنين، حيث التقى رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق الليبية عقيلة صالح.
وبحسب مصادر دبلوماسية مصرية اطلعت على اللقاء، فإن سلامة أبلغ صالح بأن الأمم المتحدة لن تسمح بنزع الشرعية الدولية التي اكتسبتها حكومة الوفاق عبْر اتفاق الصخيرات، مشدداً على أن ما يجري على الأرض الليبية أخيراً من شأنه إشعال حرب أهلية سيذهب ضحيتها الكثير من المدنيين، مؤكداً أن الوضع الإقليمي والدولي لا يسمح بأي تغييرات على الساحة الليبية في الوقت الراهن، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة العودة لطاولة المفاوضات والبحث عن حل سياسي للأزمة.
وجاء حديث سلامة، بحسب المصادر، رداً على مطالبة صالح بسحب الثقة من رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج. كما طالب البعثة باتخاذ إجراءات سريعة لإبعاد السراج ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير.