خلية "داعش" بعد حزب الله... "التجربة" الكويتية مهدّدة

22 نوفمبر 2015
النائب الكويتي الدشتي المقرب من حزب الله(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
مثّلت الكويت هدفاً للإرهاب في أكثر من مناسبة، منذ ثمانينات القرن الماضي، ولطالما انعكست أحداث المنطقة على الإمارة الخليجية بشكل سلبي. وجاء القبض على أفراد خلية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، قبل يومين (19 نوفمبر/ تشرين الثاني)، ليعزز من المخاوف حول الأوضاع الأمنية في الكويت، ولا سيما بعد تفجير مسجد الإمام الصادق في 26 يونيو/ حزيران الماضي، وإلقاء القبض على ما يُعرف بخلية العبدلي أو خلية حزب الله في أغسطس/ أب الماضي.


اقرأ أيضاًالكويت تعلن القبض على خلية تدعم "داعش" بالمال والسلاح 

لتبدو الكويت وكأنها مسرح لأنشطة منظمات مختلفة ومتنافسة، كتنظيمي "داعش" وحزب الله اللبناني. وزاد عليها اتهامات "إعلامية" لكويتيين بتمويل ودعم "جبهة النصرة"، وهي الفصيل الذي يتبع تنظيم "القاعدة"، ودخل في مناوشات مع كل من "داعش" و"حزب الله" في سورية.

من جهة ثانية، تبدو ملامح خلية "داعش" المقبوض عليها أخيراً مختلفة هذه المرة؛ إذ لا يظهر من خلال المعلومات الأولية المسرّبة، بأنها كانت تنوي القيام بعمليات داخل الكويت. وبحسب وزارة الداخلية الكويتية، لم يتم ضبط كميات من الأسلحة معهم، وكل التهم الموجهة إليهم كانت تتعلق بالتمويل والدعم في الخارج. إذ اتهمت الداخلية أعضاء الخلية بتقديم الدعم المالي للتنظيم، وتحويل أموال إلى حسابات في سورية وتركيا، بالإضافة إلى شراء أسلحة (صواريخ محمولة على الكتف) وإرسالها من أوكرانيا إلى سورية، وتجنيد أعضاء جدد وإرسالهم إلى مناطق سيطرة "داعش"، أي تقديم دعم لوجستي للأخير واستخدام الكويت كنقطة انطلاق.

لكن هذا لا يعني أن الخلية لم تشكل خطراً على أمن الكويت؛ فمجرد القبض على هذا العدد (عشرة أشخاص) يقومون بهذه الأعمال "النوعية"، يعني بأن الإمارة في مرمى النار بأي لحظة، خصوصاً مع استهداف التنظيم للكويت في وقت سابق (تفجيرات مسجد الإمام الصادق والتي أسفرت عن مقتل 27 شخصاً). وفي كثير من الأحيان، يتم استهداف الكويت باعتبارها خاصرة رخوة للسعودية.

وكانت الكويت مسرحاً لأعمال تنظيم "القاعدة" في منتصف العقد الماضي؛ فبعد التفجيرات التي استهدفت العاصمة السعودية، الرياض، في 2003، كانت لهذه الأعمال تداعياتها على الساحة الكويتية، حيث تم استهداف منشآت ورجال أمن في عمليات صغيرة في عام 2005، كما تم القبض على خلايا تابعة لتنظيم "القاعدة" وقتئذٍ.

هذا السيناريو يتكرر من جديد اليوم، إذ دخلت الكويت في استنفار أمني عال بعد استهداف مساجد للشيعة في شرقي السعودية، غير أن ذلك لم يحل دون استهداف مسجد الإمام الصادق فيها من قبل انتحاري لتنظيم "داعش".

في وقت لاحق، تم القبض على خلية "مسجد الإمام الصادق"، التي قدمت دعماً للانتحاري، والتي أُعلن وقتها بأنها تتكوّن من 29 شخصاً، بينهم كويتيون وسعوديون وباكستانيون، ومنتمون لفئة "البدون" ممّن لا يملكون بطاقات هوية كويتية، حكمت المحكمة بإعدام سبعة منهم، وصدرت أحكام بالسجن على ثمانية آخرين، بينما حكمت ببراءة الباقين.

كما تم القبض على خلية لا علاقة لها بتفجير المسجد تتكوّن من 5 أشخاص ينتمون إلى "داعش" في 30 يوليو/ تموز الماضي، كما تم تعزيز الأمن على المنشآت النفطية، تحسباً لأي طارئ في وقته، في عودة لأجواء التوتر التي شهدتها الكويت منتصف العقد الماضي.

لن تخلو هذه التطورات في الأوضاع الأمنية الكويتية، من انعكاسات سياسية، في ظل تأزم الأوضاع منذ سنوات، على أثر حل مجلس الأمة، وتغيير نظام الدوائر الانتخابية واعتماد نظام الصوت الواحد، والذي أدى إلى رفض الغالبية النيابية (غالبية 2012) هذا التغيير والحل، وقاطعت الانتخابات، وانتقلت إلى المعارضة من خارج البرلمان.

وعلى الرغم من أن التحركات الأمنية، سواء تلك التي وجّهت إلى خلايا حزب الله، أو خلايا "داعش"، كانت محل إجماع من قبل كل الناشطين السياسيين في الكويت، الموالين للحكومة والمعارضين لها، إلا أن الأمر لم يخل من الاستغلال؛ إذ تم أحياناً استخدام ورقة "الخلايا الإرهابية" للطعن ومهاجمة الخصوم السياسيين؛ فاتّهم أعضاء في كتلة الغالبية نواباً قريبين من الحكومة الكويتية بأنهم مقرّبون وداعمون لأنشطة حزب الله، إثر علاقة أشخاص، كالنائب عبد الحميد دشتي، بحزب الله والنظام السوري، وتنظيمه تأبيناً للقيادي بحزب الله عماد مغنية، المتهم بارتكاب عمليات إرهابية في الكويت بالثمانينيات، منها استهداف طائرة الأمير الراحل جابر الصباح.

وفي المقابل، اتهم نواب قريبون من الحكومة، قيادات معارضة، منهم النائب السابق وليد الطبطبائي، بأنهم متعاطفون مع التيارات الجهادية السلفية، وداعمون لتنظيم "داعش"، في حرب إعلامية، إثر تأييدهم ودعواتهم لدعم الفصائل المقاتلة للنظام في سورية.

لذا يتوقع أن تعيد أنباء القبض على خلية "داعش" الأخيرة، إشعال هذه الحرب الإعلامية – السياسية من جديد، في ظل الركود السياسي السلبي الذي تشهده الإمارة. ويرى كثيرون أن الكويت، وهي أكثر دولة خليجية فيها حياة سياسية، تمكنت من إرساء "تجربة" سمتها البارزة التنوّع ضمن الاستقرار النسبي، وسط تعدد مذهبي سياسي. وهذه التجربة الناجحة نسبياً إلى الآن، هي التي تبدو مستهدفة من هذه الخلايا من طرفي الانقسام المذهبي في المنطقة والعالم.

اقرأ أيضاً: الكويت وإيران.. أرشيف مقلق

المساهمون