الجزائر: سجال العشرية السوداء يؤجج التراشق السياسي

29 يناير 2016
دعا أويحيى الجميع إلى وقف السجالات (بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -

شكّلت إعادة فتح ملف العشرية السوداء (1991 ـ 2002)، في الجزائر، أخيراً خطوة إلى الوراء بالنسبة للجزائريين، بعد التصريحات الأخيرة للجنرالين المتقاعدين، خالد نزار ومحمد بتشين. وهو ما دفع رئيس "التجمّع الوطني الديمقراطي"، أحمد أويحيى، ثاني قوة سياسية في الجزائر، أمس الخميس، إلى القول إن "الفترة الأمنية التي عرفتها الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي كانت مؤلمة"، داعياً بعض المسؤولين الجزائريين من جنرالات سابقين وسياسيين ومسؤولين في تلك الفترة، إلى "الكفّ عن التراشق بالتصريحات والتصريحات المضادة". في إشارة إلى تصريحات نزار وبتشين، حول بعض تفاصيل تعامل الجيش مع الوضع السياسي في البلاد في تلك المرحلة. وطالب الجنرالين "التوقف عن نبش في الماضي الأليم، الذي مرّت به الجزائر خلال العشرية السوداء".

وأضاف أويحيى في افتتاح الدورة العادية للمجلس الوطني لحزب "التجمّع الوطني الديمقراطي" بالعاصمة الجزائرية، ردّاً على تصريحات بعض الفاعلين العسكريين والسياسيين في الساحة السياسية الجزائرية في تلك الفترة، بأن "يكفوا عن الحديث عن الأموات، وأن يذكروهم بالخير". وقال "توقفوا عن تحويل خيانات البعض إلى إنجازات لا تخدم استقرار البلاد". وشدّد على أنه "حان الوقت لأن يتوقف هؤلاء عن خدش الأموات وتقليب المواجع في تلك الفترة الدموية، خصوصاً في الظروف الراهنة في البلاد والعالم، وعمل الدول على مكافحة الإرهاب".

وضمّ أويحيى الذي يشغل مدير ديوان رئاسة الجمهورية الجزائرية، صوته إلى أصوات أخرى، رأت في تصريحات نزار وبتشين وبعض السياسيين عن تلك الفترة، "اصطياداً في الماء العكر ومحاولة تقليب الجرح، بعد أن اندمل وبدأ يُشفى بفضل سياسة المصالحة الوطنية وإحلال السلم والأمن والاستقرار في الجزائر".

اقرأ أيضاً الجزائر: تمدُّد خارطة الاحتجاجات وتخبّط سياسي

في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي، الزبير العياشي، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تصريحات أويحيى تؤكد تخوّف السلطة في الجزائر، من إعادة تقليب الماضي، تحديداً في الوضع الراهن، المتسم بالاختلالات الاجتماعية والاضطرابات والوضع الأمني الصعب، الذي تتخبّط فيه بلدان جارة كتونس وليبيا، بالإضافة إلى تأثيرات الأزمة الاقتصادية وانهيار أسعار البترول على مداخيل الجزائر". ويعتبر العياشي أن "هذا الظرف الصعب يجعل الجزائر أمام تحدّيات متشعّبة، فلا يمكن لمثل تلك التصريحات، سوى أن تصبّ الزيت على النار"، يضيف المتحدث.

من جانبه، قرأ المتابع للشأن السياسي الاجتماعي في الجزائر، ساعد بن أحمد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "مثل تلك التصريحات والتصريحات المضادة حول الفترة الأمنية التي عاشتها الجزائر، من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من التوتر السياسي وتحريك المياه الراكدة". ويوضح أن من شأن التصريحات أن "تُنسف منجزات المصالحة الوطنية وتفتح الباب أمام إلغاء الرواية الرسمية، التي ترى في المصالحة دواء لمرض استعصى حلّه سنوات".

وبعيداً عن الساحة السياسية في الجزائر ودواليب السلطة، يرى الباحثون والمؤرخون وعديد الإعلاميين، أن "تصريحات نزار وغيره من الفاعلين السياسيين والعسكريين في الجزائر في تلك الفترة، عبارة عن شهادات يجب تأريخها وكتابتها وتوثيقها، لأن الحقيقة التاريخية تحتاج إلى مثل هذه الشهادات". ويدافع الباحثون والإعلاميون عن ظهور المزيد من هذه الشهادات والحقائق عن الوقائع التي شهدتها البلاد في فتره الأزمة الأمنية، لأنها في رأيهم ما زالت تطرح العديد من علامات الاستفهام عن تلك الفترة.

اقرأ أيضاً: إعلان مسودة دستور الجزائر... سباق المعارضة لرفضه

المساهمون