من جهته، قال عضو "التيار الصدري" في العراق حسين البصري، إنه من المؤمل أن ينهي الصدر زيارته للسعودية بلقاء مع رجال دين وشخصيات بارزة في محافظة القطيف السعودية، فضلًا عن أعضاء بهيئة كبار العلماء، في جدول زيارات معد مسبقًا.
وأضاف البصري، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن "التيار الصدري يشيد بحسن استقبال السلطات السعودية للسيد مقتدى الصدر، ويمكن القول إن الزيارة تؤسس لعلاقات جديدة وتعاون أكبر".
في المقابل، علم "العربي الجديد" من مصادر في "التيار الصدري"، بأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، منح الصدر عددًا من المقاعد الخاصة للحج، على هامش اللقاء؛ زيادة على حصة العراق السنوية. وكان بن سلمان قد التقى الصدر مساء أمس. وأكدت المصادر نفسها أيضاً أنه تم الاتفاق خلال اللقاء على جملة من المواضيع الدينية والسياسية في البلاد، غير أنّها لم توضح ماهية هذه المواضيع.
من جهته، قال القيادي في المليشيا كريم النوري، في بيان صحافي، إنّ "زيارة الصدر إلى المملكة تأتي في ظروف معقّدة يشهدها الشرق الأوسط والمنطقة، من تأزيم وشدّ واصطفافات إقليمية، ليؤكد بزيارته أن العراق ينأى بنفسه عن سياسة المحاور، وأنّه عاد منتصراً على أعتى قوى إرهابية غاشمة".
وأضاف أنّ "هذه الزيارة أسست لواقع جديد؛ هو ضرورة التعايش والشراكة الإقليمية وتصفير الأزمات والتفاهم الإقليمي بدل التصادم والانفصام". وأكّد أنّ "أهمية الزيارة زماناً ومكاناً تأتي من عدّة أمور؛ لعلّ أهمها أنّ تاريخ المواجهة والمقاومة مع الأميركيين بعد احتلال العراق يجعل الزعيم الزائر ذَا موقع متميز ومهم ومثير للجدل، سيما في ظل المعروف عن علاقة السعودية مع الولايات المتحدة الأميركية".
وتابع: "كما أنّ دعوات الإصلاح السياسي التي يقودها الصدر ستفتح الآفاق أمام الإصلاحات الخارجية، وستفتح آفاقًا جديدة من التعاون والتفاهم الإقليمي، فضلًا عن أنّ انتصار العراق على داعش، ووصول الحشد الشعبي إلى الحدود السورية العراقية، يعطي للزيارة أهمية خاصة للعراق وقادته السياسيين".
وأشار إلى أنّ "الزيارة تمثّل عمقاً حوزوياً، وتياراً شيعياً كبيراً، يعطي انطباعاً إيجابياً حول الخطاب السياسي الشيعي العراقي، وتغيير معادلة الفهم الطائفي الإقليمي، ويسهم في إعادة المعادلة الإقليمية والاصطفافات الجديدة التي يفترض ابتعاد العراق عن مفاصلها، خصوصًا مع تغير الخطاب السعودي إيجابياً ولو تكتيكياً، ما يعطي رسالة للعراق بأنّ المواقف السياسية لا يمكن أن تبقى على حالها".
وأكد أنّ "الزيارة خدمت الدبلوماسية العراقية، ومهّدت لعلاقات وطيدة مع دول الجوار والمحيط العربي تحديداً، وقد حطّم الصدر الرتابة الدبلوماسية والفهم المسبق لشيعة العراق في الذاكرة الخليجية والسعودية تحديداً، ولقّن المؤسسة الدينية في السعودية درساً بالغاً في الوعي الشيعي وقابليته المرنة على الحوار والإصغاء للآخر دون انغلاق أو تحجر".
وعدّ القيادي ذاته السعودية وإيران وتركيا "شركاء إقليميين وجواراً لا يمكننا الابتعاد أو الانفكاك عنهم، أو ابتعادهم أو انفكاكهم عنا، فهم شركاء واقعيون إذا لم نقل شركاء شرعيون".
وشدّد قائلاً "العراق بلد عربي يعتز بانتمائه، كما تعتز تركيا بتركيّتها، وإيران بفارسيّتها، وضمن حدود متزنة بلا إفراط أو تفريط، ولا يمكن أن ينسلخ العراق عن عروبته مجاراة لآخرين لم يتخلّوا عن قوميتهم، بل يعتزون بها".
وتعد زيارة الصدر، الذي يرأس مليشيات "لواء اليوم الموعود" و"سرايا السلام"، فضلًا عن "كتائب الرد السريع"، وكلها تنضوي ضمن مليشيات "الحشد الشعبي"، هي الأولى منذ نحو 11 عامًا، حين شارك في مؤتمر مكة للمصالحة العراقية عام 2006 برعاية السلطات السعودية آنذاك.