خطة واشنطن لنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية: واقعية أم مستحيلة؟

03 يوليو 2018
هل سينجح ترامب وكيم بنزع السلاح النووي؟ (عمر مسينجر/Getty)
+ الخط -



في الوقت الذي يستعد فيه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للسفر إلى كوريا الشمالية هذا الأسبوع، حذر خبراء، بحسب تقرير لـ"أسوشييتد برس"، من أنّ خطة إدارة الرئيس دونالد ترامب، لتفكيك الأسلحة النووية لبيونغ يانغ، خلال عام، "غير واقعية ومحفوفة بالمخاطر".

وقالت وزارة الخارجية إنّ بومبيو سيصل يوم الجمعة، في ثالث زيارة له إلى بيونغ يانغ، في غضون ثلاثة أشهر. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها مسؤول أميركي رفيع المستوى، منذ القمة التاريخية بين ترامب وكيم جونغ أون، في 12 يونيو/حزيران في سنغافورة، حيث أبدى الزعيم الكوري الشمالي التزاماً "بنزع السلاح النووي الكامل" من شبه الجزيرة الكورية.

وادعاء ترامب بأنّ كوريا الشمالية لم تعد تشكّل تهديداً نووياً، سرعان ما حلّت مكانه الشكوك حول كيفية تحقيق نزع السلاح النووي، وهو هدف استعصى على الإدارة الأميركية خلال ربع القرن الماضي، منذ أن بدأت بيونغ يانغ إنتاج المواد الانشطارية لصنع القنابل.

قبل أقل من ثلاثة أسابيع، قال بومبيو إنّ الولايات المتحدة تريد من كوريا الشمالية اتخاذ خطوات "رئيسية" لنزع السلاح النووي، خلال العامين المقبلين (قبل نهاية ولاية ترامب الأولى في يناير/كانون الثاني 2021).

واعتبر خبراء منع الانتشار النووي، أنّ بومبيو متفائل جداً، نظراً للنطاق الواسع لبرنامج أسلحة كوريا الشمالية، وتاريخها من التهرّب والتردد في السماح بالتحقق من اتفاقات نزع السلاح.

لكن يوم الأحد، أعلن جون بولتون مستشار الأمن القومي لترامب، عن خطة السنة الواحدة، الأكثر طموحاً، قائلاً إنّ بومبيو سوف يناقشها مع الكوريين الشماليين.

وقال بولتون، الذي كان قد أعرب عن وجهات نظر متشددة حيال كوريا الشمالية، إنّه إذا قررت بيونغ يانغ التخلّي عن برنامج أسلحتها النووية وكانت متعاونة، فعندئذ "يمكننا أن نتحرّك بسرعة أكبر"، ويمكن للكوريين الفوز بالإعفاء من العقوبات، وحصد المساعدات من كوريا الجنوبية واليابان.

أبدى كيم خلال قمته وترامب التزاماً بنزع السلاح النووي(Getty) 


ويتناقض الجدول الزمني السريع الذي اقترحه بولتون، مع الاستراتيجيات المنهجية الأكثر قابلية للتقييم، والتي يصرّ معظم الخبراء في ملف كوريا الشمالية، على أنّها ضرورية للتوصّل إلى اتفاقية دائمة لنزع السلاح النووي.

ويقول هؤلاء إنّ أي اتفاق دائم، يتطلّب من كيم أن يكون شفافاً تماماً بشأن برنامجه، في الوقت الذي ترجّح فيه تقارير استخباراتية، أنّه سيحاول خداع الولايات المتحدة بشأن حجم أسلحته أو منشآته السرية.

وفي هذا الإطار، قال جويل ويت المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية، والذي ساعد في التفاوض على اتفاق أُبرم في 1994 يجمّد مؤقتاً برنامج بيونغ يانغ النووي، إنّ الخطة التي مدتها عام واحد تتوقف على الكوريين الشماليين.

وأضاف، لـ"أسوشييتد برس"، "إذا كان ذلك كبداية، فلا بأس. يجب أن نجرّبها (الخطة) ونرى إلى أين تذهب. إذا كان هذا هو أقصى ما يمكن تحقيقه، فالخطة ميتة منذ بدايتها، ثم إنّها قد تمنح غطاء لإمكانية فشل جون بولتون".

حتى الآن، أوقف كيم التجارب النووية والصاروخية، ودمّر أنفاقاً في موقع التجارب النووية لكوريا الشمالية، لكن دولته السلطوية، لم تتخذ بعد خطوات محددة نحو التخلّي عن برامجها النووية. وتشير تحليلات حديثة بواسطة صور الأقمار الصناعية، إلى أنّ بيونغ يانغ ربما تقوم بتوسيع بعض المرافق المرتبطة بصواريخها وبرامجها النووية.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، يوم السبت، عن مسؤولين في المخابرات الأميركية، لم يكشفوا عن هوياتهم، استنتاجهم أنّ كوريا الشمالية لا تنوي تسليم كامل مخزونها النووي.


وتشير الأدلة التي تم جمعها منذ القمة، إلى استعدادات كوريا الشمالية لخداع الولايات المتحدة، حول عدد الرؤوس النووية في ترسانتها، فضلاً عن وجود منشآت غير معلنة تُستخدم لصنع المواد الانشطارية للقنابل النووية، وفقاً لتقرير الصحيفة. وورد ذكر بعض جوانب هذه التقييمات لدى فرق الاستخبارات الأميركية، في تقرير لشبكة "إن بي سي نيوز"، الجمعة.

وفي هذا الإطار، أبلغ مسؤول أميركي، وكالة "أسوشييتد برس"، تحدّث بشرط عدم الكشف عن هويته، لأنّه غير مخوّل بالتعليق علناً، أنّ تقرير "واشنطن بوست"، كان دقيقاً وأنّ هذا التقييم يعكس وجهة النظر الثابتة في أوساط الوكالات الحكومية الأميركية، على مدار الأسابيع القليلة الماضية.

ولم تتفاوض بيونغ يانغ وواشنطن، حتى الآن، على الشروط التي ستتخلّى بموجبها كوريا الشمالية عن أسلحتها، ويتوقّع أن تسعى من خلالها إلى الاستحواذ على نفوذ في تلك المناقشات.

لكن تلك الأنشطة الواردة في التقارير، يمكن أن تضيف هواجس أخرى في الولايات المتحدة، التي كانت شهدت اتفاقيات متعثرة مع الشمال مسبقاً، غالباً وسط مزاعم التهرب أو الغش. وكثيراً ما كانت لبيونغ يانغ شكاويها الخاصة حيال واشنطن، بشأن بطء تقديم المساعدات وفرض العقوبات.

وفي هذا الإطار، كتب داريل كيمبال المدير التنفيذي لجمعية "مراقبة الأسلحة"، في تعليق نُشر أمس الإثنين، قائلاً: "لا تُعتبر إزالة الأسلحة النووية مهمة بسيطة. لا توجد سابقة لبلد قام باختبار الأسلحة النووية بشكل علني، وقام بتطوير ترسانة نووية، وبنية تحتية هائلة مثل تلك التي في كوريا الشمالية، وتخلّى في المقابل، عن أسلحته النووية".

هل أفصح كيم عن كامل برنامجه النووي؟ (فرانس برس) 


وتشير إستراتيجية وضعها ديفيد أولبرايت من "معهد العلوم والأمن الدولي"، إلى أنّ الولايات المتحدة تحتاج إلى إقناع كيم بالإفصاح عن قائمة كاملة بجميع مواقع ومواد البرنامج النووي، بما في ذلك اليورانيوم والبلوتونيوم.

وقال أيضاً إنّ ترامب وكيم يجب أن يقررا ما إذا كانا سينقلان الأسلحة النووية من كوريا الشمالية لتفكيكها، أو سيقومان بذلك في داخل البلاد.


وحتى إذا أبدت كوريا الشمالية تعاوناً، فإنّ حجم تفكيك برامج أسلحة الدمار الشامل، التي يُعتقد أنّها تشمل عشرات المواقع، سيكون صعباً، وفقاً لأكاديميين في جامعة ستانفورد، بمن فيهم الفيزيائي النووي سيغفريد هيكر، وهو خبير بارز حول برنامج كوريا الشمالية النووي.

وقد اقترح فريق ستانفورد، خارطة طريق مدتها 10 سنوات، استناداً إلى اعتقاده بأنّ "كوريا الشمالية لن تتخلّى عن أسلحتها، وبرنامج أسلحتها النووية، حتى يمكن ضمان أمنها".

ويقول خبراء الفريق، إنّ مثل هذه الضمانات لا يمكن تحقيقها بناء على وعد متسرع أو اتفاق مكتوب.

وحول ذلك قال فريق هيكر، إنّ "اقتراح شحن الأسلحة النووية لكوريا الشمالية خارج البلاد أمر ساذج وخطير. يجب تفكيك الأسلحة من قبل الناس الذين قاموا بتجميعها".

وأضاف "على الرغم من أنّ الولايات المتحدة، يجب أن تكون مستعدة لقبول جميع التنازلات التي يرغب كيم في تقديمها مسبقاً، مثل إغلاق موقع التجارب النووية، فإنّها يجب أن تكون مستعدة لمقاربة تدريجية على مراحل".

المساهمون