مصادر لـ"العربي الجديد": تغييرات للقيادات الأمنية بالمدن العراقية التي تشهد اعتداءات

23 مايو 2020
عمليات "داعش" تتصاعد (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
مع تزايد وتيرة الاعتداءات الإرهابية لتنظيم "داعش" في عدد من المحافظات والمدن العراقية، والذي تسبب بسقوط عدد غير قليل من الضحايا سواء من قوات الأمن أو المدنيين، حمّل مسؤولون القيادات الأمنية مسؤولية الخلل الأمني في تلك المحافظات، مطالبين بتغيير القيادات حفاظاً على الملف الأمني، وسط معلومات تحدّثت عن قرب إصدار قرارات بهذا الشأن من قبل رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر.

وتلاحق عدداً من القيادات الأمنية العراقية اتهامات تتعلق بالفساد، أو الانخراط في العمل الحزبي والمجاملات السياسية على خلاف ما نص عليه الدستور، في وقت يرى فيه البعض أن استمرار بقاء المسؤول الأمني في المنصب ذاته لعدة سنوات يأتي ضمن ظاهرة استشراء الفساد في المنظومة الأمنية العراقية.

مسؤول عراقي بارز في بغداد، أبلغ "العربي الجديد"، اليوم السبت، بأن وزير الداخلية عثمان الغانمي، والذي يجري منذ أيام زيارات مفاجئة وغير معلنة للمحافظات التي شهدت اعتداءات متكررة من قبل تنظيم "داعش"، كمحافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك، يقوم حالياً بمراجعات للملفات الخاصة بالقيادات الأمنية فيها، ويستعد لإجراء تغييرات واسعة في مفاصل عدة بالوزارة.
وتشمل التغييرات قادة وضباط أمن مع الدفع بقيادات جديدة، فضلاً عن إحالة عدد ممن تحوم حولهم شبه فساد للتحقيق، مضيفاً أن ذلك ينطبق على وزارة الدفاع إذ يجري وزير الدفاع جمعة عناد، مراجعة شاملة مع قيادات ميدانية، وقد تشهد تغييرات جديدة في قيادات العمليات العسكرية بشمال وغرب العراق.
ولفت المسؤول إلى أن التوجه العام في التغييرات الجديدة هو إبعاد القيادات الأمنية والعسكرية التي تتولى مناصب منذ سنوات في المحافظات والمفاصل الحساسة، واستبدالها بقيادات ميدانية شاركت بالمعارك ضد تنظيم "داعش"، ولها اطلاع على مشاكل الجنود وكذلك المواطن وسبل إغلاق الثغرات التي يستغلها تنظيم "داعش"، في مهاجمته القوات العراقية أو المدنيين. وأكد أنه بالعموم فإن المدن التي شهدت تكرار الاعتداءات الإرهابية فيها، سيتم مراجعة وضع كل قياداتها ومسؤوليها الأمنيين.
عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، النائب كاطع الركابي، قال بدوره إن "تغيير القيادات الأمنية في كركوك وديالى وصلاح الدين بات ضرورة ملحة"، مضيفاً، في بيان صحافي له، أنه "من أجل إعادة تصحيح المسار الأمني، يجب تغيير القيادات الموجودة منذ سنوات بمناصبها، وإجراء متابعات ميدانية لكل الخروقات التي تحصل في تلك المحافظات".


من جهته، أكد النائب عن محافظة ديالى، رياض التميمي، تورط قيادات أمنية في محافظته بملفات فساد، الأمر الذي أثّر سلباً على إدارة الملف الأمني بالمحافظة. وقال التميمي، في تصريح متلفز، إنه "دعا رئيس الوزراء لتشكيل لجنة سريعة لاختيار قيادات أمنية جديدة تدير ملف محافظة ديالى والتي تشهد توترا أمنيا، يقابله وجود فساد في المؤسسة الأمنية"، مبيناً أن "أعداد القوات الأمنية في المحافظة كبيرة وهي تكفي لتأمين محافظتين، لكن القيادات الأمنية تحتاج إلى تغيير بشكل عاجل لضبط ملف المحافظة".

ويعد ارتباط بعض القيادات بفصائل مسلحة، وجهات حزبية من الأمور الشائكة التي تواجه الملف الأمني في المحافظات العراقية، بحسب ما يراه عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق، حامد المطلك، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ "ارتباطات تلك القيادات ببعض الأحزاب والفصائل المسلحة، يجعل من وجودها على رأس الملف الأمني خطير جداً، إذ إن تلك الارتباطات تجعل من تلك القيادات لا تتصرف وفقاً للقانون ووفق ما يتطلبه الملف الأمني، بل إنها تقدم مصالحها الخاصة ومصالح الجهات المرتبطة بها على حساب الأمن، وتستغل المال العام والخاص لأجل ذلك، الأمر الذي يتطلب التنبه له".

لكنه أشار إلى أن "موضوع استبدال القيادات الأمنية هو موضوع حساس، ويتطلب التثبت والاستناد إلى الحقائق، وأن يشمل التغيير القيادات المتورطة بالتقصير وبالفساد والارتباطات المريبة فقط".
وتابع أن "الخلل الأمني لا يمكن أن تتحمله القيادات الأمنية فقط، إذ إن مجمل العملية السياسية والوضع السيئ والخلافات وعدم متابعة الملف من الجهات العليا، وضعف سلطة القانون، كل تلك العوامل مشتركة أسهمت بارتباك الملف الأمني ومنح داعش مسوغاً وفرصة لإعادة نشاطه"، مضيفاً "نحتاج إلى مراجعة شاملة لكل تلك العوامل، فضلاً عن مراجعة ملفات القيادات الأمنية، لأجل اتخاذ خطوات حقيقية مبنية على المعطيات، تسهم بضبط الملف الأمني".
وأشار إلى أن "الحكومة الجديدة جادة في ضبط الملف الأمني، لكنها ستواجه صعوبات كبيرة في السيطرة عليه، وأن تلك الصعوبات تتمثل بالتنافر والتقاطع مع القوى السياسية التي تفضل مصالحها على أي شيء آخر"، مشدداً على "ضرورة توفير الدعم الكافي للحكومة لأجل أمن المواطنين".


إلى ذلك، يرى مراقبون أن التبعات الأمنية والنشاط المتصاعد لـ "داعش" هو نتيجة طبيعية لبناء المؤسسات الأمنية في البلاد، وفق معايير حزبية وطائفية وقومية، اتبعتها الأحزاب التي انفردت بالحكم خلال الدورات البرلمانية السابقة.

وفي تصريح له، قال الخبير الأمني، عبد الستار العزاوي، وهو ضابط برتبة لواء في الجيش السابق، إن "الملف الأمني هو إفراز للواقع السياسي في البلد، إذ إن تحكم الأحزاب التي تسلمت الحكم منذ الانتخابات الأولى في العراق وما أعقبها، تسبب ببناء مؤسسات عسكرية غير مهنية، الأمر الذي ما زالت نتائجه السلبية منعكسة على الملف الأمني".
وأكد أن "تغيير القيادات الأمنية ضروري، لكن يجب أن يستند على معايير الكفاءة والمهنية والولاء للوطن، لا أن يبقى معتمدا على الأسس السابقة"، مشدداً على "ضرورة أن تتخذ الحكومة خطوات لإصلاح مجمل المؤسسات الأمنية بشكل متتابع".

دلالات
المساهمون